أسعار الذهب اليوم تتراجع وسط تفاؤل بشأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين

تراجعت أسعار الذهب يوم الأربعاء مع تحسن شهية المخاطرة في الأسواق وسط تفاؤل بشأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، رغم استمرار التوترات التجارية وارتفاع المخاطر الجيوسياسية.

يأتي هذا في وقت يترقب فيه المستثمرون قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، وسط توقعات بتثبيت السياسة النقدية مؤقتًا، مع ترقب إشارات من جيروم باول حول الاتجاهات المستقبلية.

أداء أسعار الذهب اليوم

شهدت أسعار الذهب تقلبات ملحوظة خلال تعاملات يوم الثلاثاء الموافق 6 مايو/أيار، حيث سجل المعدن الأصفر في بدايات الجلسة أعلى مستوياته في أسبوعين، مدفوعًا بعمليات شراء واسعة النطاق من قبل الصين بعد عطلة طويلة.

إلا أن هذا الزخم لم يدم طويلًا، إذ تحولت الأسعار إلى التراجع في وقت لاحق من الجلسة، بفعل تزايد الآمال بشأن محادثات تجارية إيجابية بين واشنطن وبكين، ما خفف الإقبال على الأصول الآمنة.

ويعود جزء من الصعود المبكر إلى استئناف نشاط الأسواق الصينية، أكبر مستهلك للذهب في العالم، عقب عطلة استمرت لخمسة أيام بمناسبة عيد العمال، مما أدى إلى عودة الطلب القوي على المعدن النفيس.

تحسن الدولار يضغط على الذهب ويضعف جاذبيته

رغم توتر الأجواء الجيوسياسية والتجارية، واجه الذهب ضغوطًا مع تسجيل الدولار الأميركي ارتفاعًا محدودًا أمام سلة من العملات، وسط تزايد التفاؤل بشأن عودة الحوار التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وتسببت هذه التحركات في تقليص المكاسب السابقة للمعدن الأصفر، وجعلت الذهب أقل جاذبية لحائزي العملات الأخرى.

وقد أثارت تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب يومي الأحد والاثنين مزيدًا من القلق في الأسواق، إذ أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام الأجنبية، وهدد بفرض رسوم على واردات الأدوية خلال الأسبوعين المقبلين. هذه التصريحات ساهمت في حالة من التذبذب في الأسواق المالية وزادت من حالة عدم اليقين.

مؤشرات إيجابية على بدء مفاوضات أميركية صينية فعلية

قال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي في شركة "تايستي لايف"، إن "الذهب يتراجع وسط موجة عامة من الإقبال على المخاطر في الأسواق العالمية، ما يعكس تفاؤلاً بشأن بدء مفاوضات تجارية فعلية بين الولايات المتحدة والصين."

وفي إطار هذا التطور، من المقرر أن يلتقي وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت وكبير مفاوضي التجارة جيميسون غرير مع المسؤول الصيني البارز خه ليفينغ في سويسرا خلال عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة لإعادة تفعيل مسار التفاوض التجاري. وكانت الحرب التجارية بين البلدين قد تصاعدت خلال الشهر الماضي مع تبادل فرض رسوم جمركية، ما أثار مخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي.

الأسواق تترقب قرارات الاحتياطي الفيدرالي

يركز المستثمرون أنظارهم حاليًا على اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، المقرر في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، وسط توقعات قوية بأن يبقي مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير.

وقال إيليا سبيفاك إن البنك المركزي الأميركي سيحافظ على لهجة غامضة في بيانه، بهدف الإبقاء على أكبر قدر من المرونة، في ظل استمرار الضبابية الناتجة عن التوترات التجارية وتأثيرها على النمو والتضخم.

ويتوقع المتداولون في الأسواق خفضًا تدريجيًا في أسعار الفائدة الأميركية بنحو 80 نقطة أساس خلال عام 2025، بدءًا من شهر يوليو. وسيكون لبيان رئيس الفيدرالي، جيروم باول، دور حاسم في توجيه توقعات الأسواق بشأن توقيت هذا الخفض المحتمل.

ومن المعروف أن الذهب يستفيد تقليديًا من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، حيث تقل تكلفة الفرصة البديلة لحيازته مقارنة بالأصول المدرة للعوائد مثل السندات.

تصعيد جيوسياسي بين الهند وباكستان يعزز المخاوف

في سياق متصل، أعلنت الحكومة الهندية عن تنفيذ ضربات عسكرية داخل الأراضي الباكستانية في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، كرد على هجوم دامٍ في منطقة كشمير الشهر الماضي.

من جهتها، أكدت باكستان مقتل ثمانية أشخاص، وأعلنت أنها ردت على الهجوم بشكل فوري، ما يزيد من احتمالات تصاعد التوتر العسكري بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، ويشكل تهديدًا إضافيًا لاستقرار الأسواق العالمية.

أداء الذهب في الأسواق العالمية

أنهت أسعار الذهب تعاملات يوم الثلاثاء على ارتفاع لافت، مستفيدة من تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، خاصة بعد تهديدات ترامب بفرض رسوم جديدة على قطاع الأدوية، بالإضافة إلى ترقب الأسواق لقرار الفيدرالي الأميركي.

• العقود الآجلة للذهب تسليم يونيو ارتفعت بنسبة 3% لتغلق عند 3422.80 دولار للأوقية.

• الذهب الفوري تراجع بنسبة 1.1% إلى 3392 دولارًا للأونصة في الساعة 09:20 صباحًا بتوقيت تركيا، بعد أن قفز بنسبة 3% خلال الجلسة السابقة.

• العقود الآجلة الأميركية انخفضت بنسبة 0.65% إلى 3400 دولارًا للأوقية.

• مؤشر الدولار الأميركي ارتفع بنسبة 0.23% مسجلاً 99.15 نقطة.

أداء المعادن الأخرى

لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل شمل أيضًا عددًا من المعادن الثمينة الأخرى، حيث شهدت الأسعار ضغوطًا وسط حالة من التقلب في الأسواق:

• الفضة الفورية تراجعت بنسبة 0.38% لتسجل 33.09 دولارًا للأونصة.

• البلاتين انخفض بنسبة 0.1% إلى 983.60 دولارًا.

• البلاديوم خسر 0.54% ليغلق عند 975.50 دولارًا للأونصة.

توقعات مستقبلية: هل يصل الذهب إلى 4000 دولار هذا العام؟

قال دانيال جالي، كبير الاستراتيجيين في السلع بشركة T.D للأوراق المالية، إن هناك علامات على نشاط قوي للمضاربين في الصين، ما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع مجددًا. وأشار إلى أن "مستويات شراء الذهب في الغرب لا تزال دون التقديرات رغم الأسعار المرتفعة، مما يترك مجالاً كبيرًا لمزيد من الارتفاع."

وأضاف جالي: "من الممكن أن يصل سعر الذهب إلى 4000 دولار للأونصة خلال هذا العام، إذا استمر الزخم الحالي وتزايد الطلب من الشرق، إلى جانب بيئة السياسة النقدية التيسيرية في الغرب."

نظرة ختامية: الذهب في مرمى التوترات والسياسة النقدية

بين تصاعد الحرب التجارية واحتمالات خفض الفائدة وعودة الصين للأسواق وتوترات جيوسياسية متصاعدة، يظل الذهب محط أنظار المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة. وتتجه الأنظار الآن إلى خطاب جيروم باول وتصريحات الفيدرالي مساء اليوم لتحديد الاتجاه التالي للمعدن النفيس، وسط توقعات بمزيد من التقلب في الأسواق المالية العالمية.