الذهب يحقق مكاسب قوية وسط تصاعد القلق من الدين الحكومي الأميركي وخطة ترمب الضريبية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا لليوم الرابع على التوالي، مدعومة بتزايد مخاوف المستثمرين من تفاقم العجز المالي الأميركي على خلفية خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لخفض الضرائب، إلى جانب ضعف الإقبال على السندات الأميركية طويلة الأجل، وهو ما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو أصول الملاذ الآمن وفي مقدمتها المعدن الأصفر.

أسعارالذهب تسجل مكاسب قوية

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس مع تزايد الإقبال من قبل المستثمرين على الأصول الآمنة، في ظل تزايد القلق بشأن الوضع المالي في الولايات المتحدة. فقد أثارت خطة ترمب المرتقبة لخفض الضرائب مخاوف واسعة النطاق من إمكانية تفاقم العجز في الميزانية الأميركية، وهو ما انعكس مباشرة على أداء سوق السندات، حيث شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل ارتفاعاً هو الأعلى منذ قرابة عقدين.

وفي هذا السياق، ارتفع سعر الذهب في التعاملات الفورية إلى نحو 3344 دولاراً للأونصة، مدعوماً بتزايد الطلب من المستثمرين الذين يبحثون عن ملاذات آمنة في وقت يشهد فيه سوق الأسهم حالة من الحذر، ويتعرض فيه الدولار الأميركي لبعض الضغوط.

أسعار الذهب اليوم

شهدت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر يونيو صعوداً بنسبة 0.8%، أي ما يعادل 26.70 دولاراً، لتصل إلى مستوى 3340.20 دولاراً للأوقية، وهو أعلى مستوى تسجله الأسعار منذ 9 مايو الجاري.

كما ارتفع سعر الذهب في التسليم الفوري بنسبة 0.7% أو ما يعادل 22.50 دولاراً ليصل إلى 3337.46 دولاراً للأونصة، وذلك في تمام الساعة 08:12 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة.

استقرار مؤشر الدولار وتباين في أداء المعادن النفيسة الأخرى

في الوقت ذاته، استقر مؤشر الدولار الأمريكي وهو المؤشر الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية عند 99.55 نقطة، ما يعكس نوعاً من الثبات النسبي في العملة الأميركية على الرغم من التحديات المتزايدة.

أما على صعيد المعادن النفيسة الأخرى، فقد ارتفعت العقود الآجلة للفضة تسليم يوليو بنسبة 0.75% لتصل إلى 33.90 دولاراً للأوقية في المقابل، تراجعت الأسعار الفورية للبلاتين بنسبة 0.1% إلى 1076.04 دولاراً، وسجل البلاديوم نفس النسبة من التراجع ليصل إلى 1027.45 دولاراً للأوقية.

الذهب يسجل أداءً قوياً منذ بداية العام

الجدير بالذكر أن الذهب كان قد بلغ مستوى قياسيًا خلال الشهر الماضي، محققًا مكاسب بأكثر من 25% منذ بداية العام، كما سجل صعودًا بنحو 4% خلال هذا الأسبوع فقط. ويأتي هذا الأداء القوي بعد أن تعرض المعدن لأكبر تراجع أسبوعي له منذ نوفمبر الماضي،

ما يشير إلى تحوّل واضح في توجهات المستثمرين نحو التركيز على المخاطر الهيكلية بعيدة المدى التي تواجه الاقتصاد الأميركي، بدلًا من الانشغال بالتأثيرات الآنية الناتجة عن الإجراءات الاقتصادية مثل فرض الرسوم الجمركية.

توقعات أسعار الذهب

توقعت كومنولث بنك أوف أستراليا (CBA) في تقرير حديث أن ترتفع أسعار الذهب إلى مستوى 3750 دولارًا للأوقية بحلول الربع الرابع من العام، مدعومة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة وضعف أداء الدولار الأمريكي.

وأوضح فيفيك دهار، مدير أبحاث السلع التعدينية والطاقة لدى CBA، في مذكرة بحثية أن تصاعد التوترات الجيوسياسية — ولاسيما خطر التصعيد العسكري مع إيران — يشكل عاملًا رئيسيًا قد يدفع بأسعار الذهب إلى مزيد من المكاسب.

وقال دهار: "لا يمكن استبعاد احتمال وقوع ضربات عسكرية ضد إيران، وهو ما يرفع من المخاطر في حال استمرار جمود المفاوضات بين الولايات المتحدة وطهران.

وأضاف التقرير أن دور الذهب التقليدي كملاذ آمن قد يتعزز بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد أن تفوق أداء الذهب مؤخرًا على كل من الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة الأمريكية، في ظل تصاعد الرسوم الجمركية الأمريكية.,

وأشار البنك إلى أنه يتوقع استمرار تراجع الدولار الأمريكي تدريجيًا خلال النصف الثاني من عام 2025 وحتى 2026، الأمر الذي من شأنه أن يوفر دعمًا إضافيًا للتوقعات الإيجابية لأسعار الذهب.

خطة ترمب الضريبية تثير مخاوف عميقة من تفاقم العجز

تزايدت المخاوف في الأسواق إثر مزاد ضعيف أجرته وزارة الخزانة الأميركية لسندات لأجل 20 عاماً بقيمة 16 مليار دولار، وهو ما سلط الضوء على ضعف الطلب العالمي على الأصول الأميركية في الوقت الراهن.

وتعود هذه المخاوف بشكل رئيسي إلى خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لخفض الضرائب، والتي يُتوقع أن تضيف ما بين 3 إلى 5 تريليونات دولار إلى العجز المالي المتفاقم في الولايات المتحدة، وهو ما يضع مزيداً من الضغط على الأسواق المالية الأميركية ويزيد من المخاطر المتعلقة بالاستدامة المالية على المدى البعيد.

أدى هذا الوضع إلى موجة من التحول نحو الأصول الآمنة التقليدية، حيث توجه المستثمرون إلى شراء الذهب، إلى جانب عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري.

كما أن تراجع الدولار الأميركي ساهم في دعم أسعار الذهب، إذ يجعل ضعف العملة الأميركية المعدن الأصفر أقل تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يعزز الطلب عليه في الأسواق العالمية.

موقف الكونغرس من مشروع قانون ترمب الضريبي

في تطور سياسي مهم، صرّح رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون بأن المجلس يقترب من طرح مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي اقترحه الرئيس دونالد ترمب للتصويت، مما يشير إلى أنه نجح جزئيًا في تهدئة معارضة بعض زملائه الجمهوريين الذين كانوا يعارضون المشروع في وقت سابق، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.

ومع تصاعد هذه المخاوف بشأن الدين والعجز، بات يُنظر إلى الذهب مرة أخرى على أنه أحد أكثر الخيارات أمانًا في ظل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية المتنامية.

خلاصة: الذهب يستعيد بريقه كملاذ آمن وسط اضطرابات الاقتصاد الأميركي

أعادت الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة في الولايات المتحدة الذهب إلى صدارة المشهد الاستثماري، مع توجه المستثمرين للابتعاد عن الأصول المرتبطة بالعائد المرتفع والمخاطر السياسية المتزايدة. ومع ضعف الطلب على السندات الأميركية وتزايد المخاوف بشأن خطة ترمب الضريبية، يبدو أن الذهب سيظل مستفيدًا من حالة الحذر والترقب في الأسواق خلال الفترة المقبلة.