- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- معدل البطالة في أستراليا يقفز إلى أعلى مستوى في 4 أعوام والأسهم الأسترالية تسجّل إغلاقاً قياسياً
معدل البطالة في أستراليا يقفز إلى أعلى مستوى في 4 أعوام والأسهم الأسترالية تسجّل إغلاقاً قياسياً

شهد الاقتصاد الأسترالي خلال سبتمبر 2025 تطورات متسارعة أعادت رسم مشهد السياسة النقدية في البلاد، بعد أن أظهرت بيانات رسمية ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى في أربع سنوات، ما أثار قلق الأسواق ودفع المستثمرين إلى تعزيز توقعاتهم بخفض جديد في أسعار الفائدة الشهر المقبل.
وفي الوقت ذاته، تأثر الدولار الأسترالي سلباً بهذه البيانات وبالتوترات التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن، بينما استفادت الأسهم المحلية من موجة التفاؤل بشأن التيسير النقدي المحتمل، لتسجل مستويات قياسية غير مسبوقة.
ارتفاع معدل البطالة في أستراليا
أفاد مكتب الإحصاءات الأسترالي يوم الخميس أن معدل البطالة ارتفع إلى 4.5% في سبتمبر، مقابل 4.3% في أغسطس، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2021 وأعلى من توقعات السوق التي كانت تشير إلى 4.3% فقط.
كما أضاف الاقتصاد 14,900 وظيفة جديدة خلال الشهر، وهو عدد أقل من التوقعات التي بلغت 20,000 وظيفة، رغم أن حجم القوى العاملة نما بـ48,800 شخص، ما يشير إلى ضعف في وتيرة التوظيف مقارنة بتزايد الداخلين إلى سوق العمل.
ويرى محللون أن هذه الأرقام تمثل إشارة تحذير واضحة لبنك الاحتياطي الأسترالي، إذ تعكس بداية ضعف في سوق العمل، ما قد يدفع البنك إلى إعادة تقييم موقفه النقدي بعد أشهر من التريث.
رهانات قوية على خفض الفائدة في نوفمبر
بعد صدور بيانات البطالة، قفزت توقعات المستثمرين بخفض سعر الفائدة في نوفمبر إلى 72%، مقارنة بـ40% فقط قبل نشر البيانات، وفقاً لتقديرات الأسواق الآجلة.
هذا التحول المفاجئ في توقعات السياسة النقدية انعكس فوراً على أداء الأصول المحلية، حيث صعد المؤشر القياسي للأسهم الأسترالية إلى مستوى قياسي تاريخي، في حين تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.2% إلى 0.6497 دولار أميركي، وارتفعت عقود السندات الحكومية لأجل ثلاث سنوات بـ10 نقاط لتصل إلى 96.62، ما يعكس موجة شراء قوية مدفوعة بتوقعات خفض الفائدة.
وقال هاري ميرفي كروز، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في «أوكسفورد إيكونوميكس أستراليا»، إن البنك الاحتياطي الأسترالي "عالق بين مطرقة التضخم وسندان ضعف سوق العمل"، مضيفاً أن خفض الفائدة في نوفمبر أصبح مبرراً ومناسباً في ضوء المؤشرات الحالية.
سياسة نقدية متوازنة
كان بنك الاحتياطي الأسترالي قد أبقى سعر الفائدة دون تغيير عند 3.60% في اجتماعه الأخير بشهر سبتمبر بعد ثلاث عمليات خفض متتالية منذ بداية العام، مفضلاً انتظار بيانات التضخم القادمة قبل اتخاذ أي خطوة جديدة.
وبحسب البيانات الرسمية، تراجع معدل التضخم الأساسي إلى 2.7% في الربع الثاني من العام، ليعود ضمن النطاق المستهدف بين 2% و3%، لكن المؤشرات الشهرية الحديثة توحي بأن هذا التراجع قد يتباطأ خلال الربع الثالث، خصوصاً مع ارتفاع بعض مكونات الإنفاق الاستهلاكي.
وفي المقابل، شهدت سوق العمل انخفاضاً في عدد إعلانات الوظائف بنسبة 3.3% في سبتمبر، وهو أكبر تراجع شهري منذ مطلع عام 2024، ما يعكس ضعفاً واضحاً في شهية الشركات للتوظيف.
وأوضحت محافظة البنك ميشيل بولوك في تصريحات سابقة أن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وتباين ضغوط الأسعار جعلا صانعي السياسة النقدية أكثر حذراً قبل المضي قدماً في مزيد من التيسير النقدي.
كما أظهر تقرير العمل زيادة عدد ساعات العمل بنسبة 0.5%، وهو ما عوّض تراجع أغسطس، مع إضافة 8,700 وظيفة بدوام كامل و6,000 وظيفة بدوام جزئي، ما يشير إلى توازن نسبي في توزيع الوظائف رغم التباطؤ العام في التوظيف.
الأسهم الأسترالية تسجّل إغلاقاً قياسياً
أنهت الأسهم الأسترالية تعاملات الخميس على ارتفاع قياسي تاريخي، مدعومة بمكاسب قوية في قطاعات التمويل والعقارات والذهب، في ظل تزايد الرهانات على خفض الفائدة الشهر المقبل.
وصعد مؤشر "إس آند بي/إيه إس إكس 200" بنسبة 0.9% ليغلق عند 9,068.4 نقطة بعد أن لامس خلال الجلسة مستوى قياسياً بلغ 9,109.7 نقطة، متجاوزاً حاجز 9,100 للمرة الأولى في تاريخه.
ويُتوقع أن يراقب بنك الاحتياطي الأسترالي عن كثب تقرير التضخم الفصلي المرتقب في وقت لاحق من الشهر قبل اتخاذ قراره بشأن سعر الفائدة، إذ ستشكل هذه البيانات نقطة الحسم في تحديد اتجاه السياسة النقدية خلال الربع الأخير من 2025.
قفزة قطاع التمويل وصفقات كبرى تدعم السوق
قطاع التمويل كان نجم الجلسة، إذ قفز بأكثر من 1% ليسجل إغلاقاً قياسياً، مدعوماً بارتفاع أسهم مجموعة "ماكواري" بنسبة 5.1% إلى أعلى مستوى منذ أغسطس، بعد إعلان صفقة ضخمة بقيمة 40 مليار دولار لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بالشراكة مع "بلاك روك" و"مايكروسوفت" و"نفيديا".
كما صعدت أسهم مجموعة "إيه إن زد" إلى أعلى مستوى في أكثر من عقد من الزمن.
ووفقاً لتحليل جيسيكا أمير من شركة "موومو"، فإن خفض الفائدة المحتمل سيساهم في تعزيز الطلب على الرهون العقارية وزيادة نشاط الإقراض، ما يفسر موجة التفاؤل في القطاع المصرفي.
كما ارتفعت أسهم العقارات الحساسة للفائدة بنسبة 2.8%، في أفضل أداء يومي منذ أبريل، بدعم من ارتفاع أسهم "غودمان غروب" و"ميرفاك" بنسبة 5% و3.5% على التوالي.
أسهم التعدين والذهب تتألق بدعم من تدفقات الملاذات الآمنة
استفادت شركات تعدين الذهب من ارتفاع أسعار المعدن الأصفر عالمياً، لتغلق على مكاسب بلغت 2.2% مسجلة مستوى قياسياً جديداً.
كما دعمت أسهم الرعاية الصحية والطاقة والسلع الاستهلاكية الاتجاه الصعودي العام بارتفاعات تراوحت بين 0.8% و1%.
وفي نيوزيلندا، صعد مؤشر "إس آند بي/إن زد إكس 50" بنسبة 0.6% ليغلق عند 13,389.1 نقطة، مقتفياً أثر المكاسب الإيجابية في الأسواق المجاورة.
الدولار الأميركي يتراجع تحت ضغط التوترات التجارية
تراجع الدولار الأميركي يوم الخميس وسط تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتزايد الرهانات على خفض الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع اليورو بنسبة 0.14% إلى 1.1664 دولار مسجلاً أعلى مستوى في أسبوع، بينما صعد الين الياباني إلى 150.52 ين للدولار، وانخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.16% إلى 98.512، متجهاً نحو تراجع أسبوعي بنسبة 0.33%.
تصاعد الحرب التجارية بين بكين وواشنطن
تركز اهتمام المستثمرين على التوترات التجارية المتجددة بعد أن هاجم مسؤولون أميركيون قرار الصين توسيع قيود تصدير المعادن النادرة، معتبرين ذلك تهديداً لسلاسل الإمداد العالمية، فيما ردّت وزارة التجارة الصينية بأن تلك الإجراءات تأتي رداً على القيود الأميركية المفروضة على الشركات الصينية.
ووصف الجانب الصيني الانتقادات الأميركية بأنها "نفاق اقتصادي" يهدف للحفاظ على الهيمنة التكنولوجية.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن الرئيس دونالد ترامب ما زال يتوقع لقاء نظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية هذا الشهر لمناقشة سبل تهدئة التوترات، فيما أشار محللون إلى أن اللقاء قد يفتح الباب لتخفيف الإجراءات التجارية بحلول نوفمبر.
تباطؤ الدولار الأسترالي وتزايد النفور من المخاطر
انخفض الدولار الأسترالي 0.4% إلى 0.6485 دولار بعد صدور بيانات البطالة، إذ يُنظر إلى العملة الأسترالية عادة كمؤشر على شهية المستثمرين للمخاطرة.
وقد شهدت العملة تقلبات واسعة هذا الأسبوع بسبب الجمع بين ضعف سوق العمل المحلي وتصاعد النزاع التجاري بين الصين وأميركا، في حين ارتفع الفرنك السويسري إلى 0.7952 فرنك للدولار بدعم من تدفقات الملاذات الآمنة.
إغلاق الحكومة الأميركية يضيف ضغوطاً على العملة الأميركية
ومع دخول إغلاق الحكومة الأميركية أسبوعه الثالث، يترقب المستثمرون إشارات جديدة من الفيدرالي حول توجهاته القادمة، إذ قام المتداولون بتسعير نحو 48 نقطة أساس من خفض الفائدة خلال الاجتماعين المتبقيين لهذا العام.
ورغم أن الفيدرالي أشار إلى استقرار النشاط الاقتصادي وسوق العمل نسبياً، إلا أن مؤشرات الضعف بدأت تظهر، مع تراجع طفيف في الإنفاق الاستهلاكي.
تتجه الأنظار أيضاً إلى التطورات السياسية في اليابان بعد فشل البرلمان في تحديد موعد للتصويت على اختيار رئيس الوزراء الجديد، وسط تعقيدات داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي بعد انسحاب حزب "كوميتو" من الائتلاف الحاكم.
ويرى المحللون أن هذه الضبابية قد تشكل ضغطاً على الين مستقبلاً، رغم استفادته حالياً من التدفقات نحو الملاذات الآمنة.
وقال جوزيف كابورسو، رئيس قسم الصرف الأجنبي في "كومونولث بنك أوف أستراليا"، إن وصول المرشحة سناي تاكايشي إلى رئاسة الوزراء قد يقترن بسياسات مالية توسعية، ومن غير المرجح أن تحظى سياسة نقدية أكثر تشدداً بدعم سياسي كافٍ من بنك اليابان.
خاتمة تحليلية
في المحصلة، يظهر المشهد الاقتصادي العالمي تداخلاً معقداً بين ضعف سوق العمل في أستراليا، وتصاعد التوترات التجارية، وتزايد رهانات خفض الفائدة عبر الاقتصادات الكبرى.
ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة تموضع استراتيجي في الأسواق المالية، حيث تتجه السياسات النقدية نحو مزيد من التيسير، فيما تبقى العملات الرئيسية رهينة مزيج من البيانات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية.