كشف مصدر خاص لتلفزيون سوريا عن تفاصيل موسعة تتعلق بخطة مصرف سوريا المركزي لإطلاق العملة السورية الجديدة، في خطوة تُعد من أبرز التحركات النقدية منذ سنوات، وتهدف إلى إعادة تنظيم النظام النقدي وتعزيز الثقة بالليرة السورية.
وأوضح المصدر أن الإعلان الرسمي عن العملة الجديدة سيتم من خلال مؤتمر صحفي يعقده حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، وذلك يوم الأربعاء القادم.
مواصفات العملة السورية الجديدة
وبحسب المعلومات التي حصل عليها تلفزيون سوريا، فإن جميع فئات العملة الجديدة ستكون ورقية بالكامل، ومصنوعة من القطن، بما يمنحها متانة عالية ومقاومة أكبر للتلف مقارنة بالإصدارات السابقة.
كما ستتضمن العملة عناصر أمان متطورة وعالية المستوى، تشمل تقنيات حديثة للحماية من التزوير، إضافة إلى إدخال ميزات خاصة تتيح لفاقدي البصر التعرف على الفئات النقدية بسهولة، في إطار مراعاة الجوانب الإنسانية وتسهيل الاستخدام لكافة فئات المجتمع.
ست فئات أساسية وثلاث لاحقة
وأشار المصدر إلى أن خطة الإصدار ستبدأ بطرح ست فئات نقدية تُصنف كفئات وسطى، وهي:
(10، 25، 50، 100، 200، 500 ليرة سورية).
على أن يتبع ذلك، في مرحلة لاحقة، إصدار ثلاث فئات إضافية هي:
(1، 5، و1000 ليرة سورية).
وأوضح المصدر أن فئة الألف ليرة ستتمتع بمعايير أمان فائقة مقارنة ببقية الفئات، في حين ستتوفر فئتا الليرة الواحدة والخمس ليرات، لكن دون إدخالهما في التداول الفعلي، وذلك لأغراض تنظيمية وتقنية مرتبطة بإدارة الكتلة النقدية.
فترة تعايش وآلية الاستبدال
ولفت المصدر إلى أنه سيتم اعتماد فترة تعايش مدتها ثلاثة أشهر بين العملة القديمة والعملة الجديدة، بما يتيح للمواطنين والأسواق التأقلم التدريجي مع الإصدار الجديد.
وبعد انتهاء هذه الفترة، سيكون مصرف سوريا المركزي هو الجهة الوحيدة المخولة قانوناً باستبدال العملة القديمة، وذلك ضمن خطة تمتد على مدى خمس سنوات، بهدف ضمان سلاسة العملية ومنع أي اضطرابات في السوق النقدي.
وأكد المصدر أنه لا يوجد موعد مُعلن حتى الآن لإطلاق العملة الجديدة بشكل رسمي، وذلك لتفادي أي محاولات تلاعب من قبل الصرّافين أو المضاربين بأسعار الصرف.
كما أوضح أن تأخر الإصدار جاء حتى تحقيق مستوى من الاستقرار النسبي في سعر الصرف، بما يهيئ البيئة المناسبة لنجاح العملية.
وبيّن المصدر أن مرسوماً سيصدر عن رئيس الجمهورية، يتضمن تفويضاً رسمياً لمصرف سوريا المركزي بتنفيذ عملية استبدال العملة، مع تحديد الآليات والإجراءات القانونية والتنظيمية، وعند صدور هذا المرسوم سيتم الإعلان عن الموعد النهائي لبدء ضخ العملة الجديدة في الأسواق.
تغطية ذهبية ونقدية دون اقتراض
وفيما يتعلق بالجوانب المالية، أكد المصدر أن مصرف سوريا المركزي لن يلجأ إلى توسيع الكتلة النقدية، وسيحافظ على نفس حجم المعروض النقدي الحالي، والمقدر بنحو 3.9 مليارات دولار.
كما أشار إلى وجود تغطية ذهبية بقيمة 3.3 مليارات دولار، بما يعزز من قوة العملة الجديدة ويحد من مخاطر التضخم.
وشدد المصدر على وجود اتفاق واضح بين المصرف ووزارة المالية يقوم على مبدأ “الانضباط المالي”، موضحاً أن المصرف لم يقم بطباعة أي عملة دون غطاء حقيقي، ولم تلجأ وزارة المالية إلى الاقتراض منه، وذلك على عكس الممارسات التي كانت سائدة في عهد النظام المخلوع.
معالجة آثار الانهيار النقدي
وأوضح المصدر أن هذه الخطوة تأتي بعد أن فقدت الليرة السورية نحو 95 في المئة من قيمتها خلال فترة حكم النظام المخلوع، مشيراً إلى أن الإصدار الجديد يهدف بشكل أساسي إلى معالجة مشكلة السيولة عبر حذف الأصفار من العملة، واستبعاد خيار طباعة فئات نقدية أعلى، لما يحمله ذلك من مخاطر تضخمية.
خطة إصلاح استراتيجية طويلة الأمد
وأكد المصدر أن إصدار العملة الجديدة يندرج ضمن خطة إصلاح استراتيجية تمتد لخمس سنوات، تهدف إلى بناء مصرف مركزي يعمل وفق المعايير العالمية المتبعة في إدارة السياسات النقدية.
وتركز الخطة بشكل خاص على استرداد قدرة المصرف على إدارة السياسة النقدية بشكل مستقل وفعال.
وأضاف أن حجم ديون مصرف سوريا المركزي عند تسلمه مهامه بعد سقوط النظام بلغ نحو 3.5 مليارات دولار، مشيراً إلى أنه خلال عام واحد فقط تم تخفيض الكتلة النقدية من 37 تريليون ليرة سورية إلى 19 تريليون ليرة، في إطار جهود احتواء الانهيار.
كما أكد المصدر أن النظام السابق كان يخطط لانهيار شامل في حال سقوطه، ما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي والنقدي.
واختتم المصدر حديثه بالتأكيد على أن مصرف سوريا المركزي سيحرص على أن تكون عملية استبدال العملة سلسة ومنظمة، مع جاهزية كاملة للتعامل مع أي تحديات أو مشكلات قد تظهر خلال مراحل التنفيذ، بما يضمن استقرار السوق وحماية مصالح المواطنين.
