شهدت عملة بيتكوين تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الأربعاء، حيث انخفضت نحو مستوى 87,000 دولار، بعد محاولة فاشلة جديدة لاستعادة التداولات أعلى مستوى 90,000 دولار، وهو المستوى الذي بات يمثل حاجز مقاومة نفسي وفني بالغ الأهمية في نظر المتعاملين.
وجاء هذا التراجع في ظل مجموعة من العوامل الضاغطة، أبرزها ضعف ظروف التداول مع اقتراب نهاية العام، إلى جانب استمرار التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار المتداولة الفورية (ETF) للبيتكوين المدرجة في الولايات المتحدة، وهو ما انعكس سلبًا على معنويات المستثمرين في سوق العملات المشفرة.
وبحسب بيانات السوق، انخفضت أكبر عملة مشفرة في العالم بنسبة 0.7% لتتداول عند 86,966.6 دولار بحلول الساعة 09:19 صباحًا بتوقيت السعودية.
أداء البيتكوين اليوم
واجهت بيتكوين صعوبة واضحة في إيجاد زخم صعودي مع انطلاق التداولات الآسيوية، حيث واصلت التحرك ضمن نطاق ضيق، في نمط من حركة الأسعار المكبوتة التي سيطرت على السوق خلال الجلسات الأخيرة.
ويعكس هذا الأداء الباهت حالة انخفاض السيولة التي تميز الأسواق العالمية في هذه الفترة من العام، مع اقتراب عطلات عيد الميلاد، حيث يفضل عدد كبير من المشاركين في السوق تقليص مراكزهم أو الخروج المؤقت من التداول، ما يؤدي إلى تراجع أحجام التعاملات وضعف القدرة على دفع الأسعار في أي اتجاه واضح.
كما أن الرفض المتكرر لبيتكوين بالقرب من مستوى 90,000 دولار عزز من حذر المستثمرين، إذ بات هذا المستوى يشكل نقطة فنية حساسة، فشل السعر في تجاوزها عدة مرات، ما أدى إلى زيادة عمليات جني الأرباح والبيع عند الارتفاعات.
صناديق ETF تضيف مزيدًا من الضغوط على السوق
إلى جانب ضعف السيولة، تعرضت بيتكوين لضغوط إضافية نتيجة استمرار التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار المتداولة الفورية للبيتكوين في الولايات المتحدة، والتي تُعد مؤشرًا مهمًا على شهية المستثمرين المؤسسيين.
وأظهرت بيانات صادرة عن شركة تحليلات العملات المشفرة SoSoValue أن هذه الصناديق سجلت تدفقات خارجية صافية بنحو 500 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي، وهو ما يعكس تراجعًا ملحوظًا في الطلب المؤسسي، بعد فترة سابقة شهدت تدفقات قوية دعمت صعود العملة المشفرة.
ويُنظر إلى هذا التراجع في التدفقات باعتباره إشارة إلى تحول مؤقت في مزاج المستثمرين الكبار، الذين يبدو أنهم يفضلون التريث في ظل حالة عدم اليقين الحالية، وتقلبات السوق، وضعف المحفزات قصيرة الأجل.
الأسواق العالمية تقدم صورة متباينة لبيتكوين
على صعيد الأسواق العالمية، جاءت الخلفية العامة مختلطة بالنسبة لأداء بيتكوين فقد سجلت الأسهم الأمريكية مكاسب قوية خلال تعاملات الليلة الماضية، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 إلى مستوى إغلاق قياسي جديد، مدعومًا بمكاسب قوية في أسهم قطاع التكنولوجيا.
كما عززت البيانات الاقتصادية الإيجابية من تفاؤل المستثمرين، بعدما أظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي أن الاقتصاد الأمريكي حقق نموًا قويًا بمعدل سنوي بلغ 4.3% خلال الربع الثالث، في إشارة إلى استمرار متانة الاقتصاد رغم السياسة النقدية المشددة.
ورغم هذا الأداء القوي في أسواق الأسهم، لم تنجح بيتكوين في الاستفادة من الأجواء الإيجابية، إذ استمر أداؤها ضعيفًا مقارنة بالأصول الأخرى، ما يعكس انفصالًا مؤقتًا في حركة العملة المشفرة عن شهية المخاطرة العامة في الأسواق.
الملاذات الآمنة تتفوق وبيتكوين خارج دائرة الاستفادة
في الوقت نفسه، تفوقت الملاذات الآمنة التقليدية على غيرها من فئات الأصول، حيث سجلت أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية جديدة، مع اتجاه المستثمرين إلى التحوط في ظل تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي، إلى جانب توقعات تبني سياسات نقدية أكثر تيسيرًا في المستقبل.
وعلى الرغم من أن بيتكوين غالبًا ما يتم الترويج لها كأداة تحوط ضد التضخم وعدم الاستقرار المالي، إلا أنها فشلت في هذه المرحلة في الاستفادة من صعود المعادن الثمينة أو مواكبة الأداء الإيجابي للأسهم، ما يثير تساؤلات حول دورها كملاذ آمن في فترات معينة من دورة السوق.
رهانات خفض الفائدة الأمريكية لا تزال قائمة
ورغم الضغوط الحالية، ظلت توقعات التيسير النقدي في الولايات المتحدة عنصر دعم محتمل للأسواق بشكل عام، بما في ذلك سوق العملات المشفرة. فعلى الرغم من قوة بيانات النمو الاقتصادي، واصلت الأسواق تسعير احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال عام 2026.
ويعتمد هذا التوجه على توقعات بأن ضغوط التضخم ستواصل التراجع على المدى المتوسط، ما قد يفتح المجال أمام الفيدرالي لتخفيف سياسته النقدية في مرحلة لاحقة.
وعادة ما تدعم أسعار الفائدة المنخفضة الأصول عالية المخاطر، مثل العملات المشفرة، من خلال تقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ باستثمارات غير مدرّة للعائد. وقد استفادت بيتكوين في وقت سابق من هذا العام من مثل هذه التوقعات، عندما عززت آمال التيسير النقدي مكاسبها.
أسعار العملات المشفرة اليوم: أداء ضعيف للعملات البديلة
إلى جانب بيتكوين، واصلت معظم العملات المشفرة البديلة تحركاتها المحدودة، مع تسجيل خسائر طفيفة في ظل غياب محفزات واضحة، واستمرار حالة الحذر في السوق:
-
إيثيريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، تراجعت بنسبة 1% لتتداول عند 2,934.92 دولار.
-
XRP، ثالث أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، انخفضت بنسبة 1.6% إلى 1.85 دولار.
-
سولانا وكاردانو سجلتا خسائر بنحو 2% لكل منهما.
-
بوليجون تراجعت بنسبة 1%.
أما في قطاع العملات الميمية، فقد تعرضت الأسعار لمزيد من الضغوط:
نظرة عامة
يبقى سوق العملات المشفرة، وفي مقدمته بيتكوين، تحت تأثير مزيج من العوامل المتضاربة، تشمل ضعف السيولة الموسمية، وتراجع التدفقات المؤسسية، مقابل آمال مستقبلية بتيسير السياسة النقدية.
وحتى ظهور محفزات جديدة قادرة على كسر حالة الجمود، من المرجح أن تظل تحركات الأسعار محدودة، مع استمرار ترقب المستثمرين لأي إشارات حاسمة من الأسواق المالية العالمية أو البنوك المركزية.
