أسعار الذهب تتراجع وتستعد لإنهاء العام بمكاسب تاريخية والفضة تسجل أداءً تاريخيًا

شهدت أسواق المعادن النفيسة تراجعًا حادًا خلال تداولات يوم الأربعاء، في آخر أيام عام 2025، إلا أن الصورة العامة للأداء السنوي بقيت شديدة الإيجابية، حيث سجلت المعادن مكاسب استثنائية غير مسبوقة، تصدرتها الفضة بارتفاع تاريخي تجاوز 140%، فيما حقق الذهب أقوى مكاسبه السنوية منذ أكثر من أربعة عقود.

أداء أسعار الذهب

تراجعت أسعار الذهب بشكل طفيف خلال تعاملات يوم الأربعاء، في اليوم الأخير من التداولات لعام 2025، إلا أن المعدن الأصفر يتجه لإنهاء العام على مكاسب تتجاوز 60%، مدعومًا بجملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي عززت الطلب عليه كملاذ آمن.

وانخفض سعر الذهب الفوري ليصل إلى 4,322 دولارًا للأونصة، مسجلًا أدنى مستوى له في أكثر من أسبوعين، بعدما كان قد بلغ مستوى قياسيًا تاريخيًا عند 4,549.71 دولارًا للأونصة يوم الجمعة الماضي.

كما تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة، تسليم شهر فبراير، بنسبة 2% لتسجل 4,298.60 دولارًا للأونصة.

ورغم هذا التراجع اليومي، حقق الذهب ارتفاعًا سنويًا تجاوز 60% خلال عام 2025، ليكون بذلك أكبر مكسب سنوي له منذ عام 1979، حين دفعت التوترات الجيوسياسية، وعلى رأسها الثورة الإيرانية آنذاك، أسعار الذهب إلى مستويات مرتفعة تاريخيًا.

دوافع صعود الذهب خلال 2025

جاء الأداء القوي للذهب مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية، في مقدمتها قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، إلى جانب التوقعات بمزيد من التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة، وهو ما خفّض تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب.

كما ساهمت التوترات الجيوسياسية العالمية، وعمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية، وارتفاع حيازات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، في دعم الأسعار وتعزيز الزخم الصعودي للمعدن النفيس.

وفي هذا السياق، يرى إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في شركة تاستي لايف، أن الذهب قد يختبر مستوى 5,000 دولار للأونصة مع نهاية الربع الأول من عام 2026، مشيرًا إلى أن العوامل التي دعمت صعود الذهب خلال العام الماضي لا تزال قائمة، وقادرة على مواصلة دعم الأسعار لفترة أطول.

الفضة تتصدر المشهد بأداء غير مسبوق

شهدت أسعار الفضة تراجعًا حادًا خلال تعاملات الأربعاء، حيث انخفض السعر الفوري بنسبة 7.1% إلى 71.02 دولارًا للأونصة، بعد أن كانت قد سجلت أعلى مستوى في تاريخها عند 83.62 دولارًا للأونصة يوم الإثنين.

ورغم هذا التراجع، لا تزال الفضة مرتفعة بأكثر من 140% منذ بداية عام 2025، متفوقة بفارق واسع على أداء الذهب، ومتجهة لتسجيل أفضل عام في تاريخها على الإطلاق.

ويُعزى هذا الأداء الاستثنائي إلى تجاوز الفضة عدة مستويات فنية ومحورية خلال العام، مستفيدة من تصنيفها كمعدن حيوي في الولايات المتحدة، إلى جانب قيود المعروض، وتراجع المخزونات العالمية، وارتفاع الطلب الصناعي والاستثماري بشكل ملحوظ.

الدولار الأمريكي وجني الأرباح يضغطان على المعادن

سجل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعًا ليصل إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع، ما شكّل عامل ضغط مباشر على أسعار المعادن النفيسة المقومة بالدولار.

وأوضح جيجار تريفيدي، كبير محللي الأبحاث في شركة ريلاينس سيكيوريتيز في مومباي، أن الارتفاع الطفيف في الدولار الأمريكي، إلى جانب عمليات جني الأرباح المعتادة في نهاية العام، كانا من أبرز العوامل التي ضغطت على أسعار المعادن خلال جلسات التداول الأخيرة.

الذهب عند تسوية تعاملات الثلاثاء

في المقابل، ارتفعت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات يوم الثلاثاء، مع انتهاء موجة جني الأرباح وتحول تركيز المستثمرين مجددًا إلى المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

وصعدت العقود الآجلة للذهب تسليم فبراير بنسبة 1%، أو ما يعادل 42.7 دولارًا، لتسجل 4,386.30 دولارًا للأوقية، بعد أن كانت قد تراجعت بنسبة 4.6% في الجلسة السابقة.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

وفي سياق متصل، تراجعت أسعار البلاتين الفوري بنسبة 12% إلى 1,935.35 دولارًا للأونصة، بعد أن كانت قد سجلت مستوى قياسيًا عند 2,478.50 دولارًا يوم الإثنين. ورغم هذا التراجع، لا يزال البلاتين مرتفعًا بأكثر من 110% خلال عام 2025، مسجلًا أقوى أداء سنوي له على الإطلاق.

كما انخفضت أسعار البلاديوم بنسبة 8.2% لتصل إلى 1,478.0 دولارًا للأونصة، لكنه يتجه لإنهاء العام بمكاسب تبلغ 66%، وهو أفضل أداء سنوي له منذ 15 عامًا، في تأكيد إضافي على الطفرة الواسعة التي شهدتها أسواق المعادن النفيسة خلال عام 2025.

الفيدرالي وشراء البنوك المركزية يدعمان الذهب

برز الذهب كأحد أبرز الأصول الاستثمارية خلال عام 2025، مدعومًا بتحول مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو سياسة التيسير النقدي، حيث خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام، ما عزز جاذبية الذهب كأصل غير مدر للعائد.

وتتوقع الأسواق استمرار هذا النهج خلال عام 2026، الأمر الذي يدعم التوقعات الإيجابية للذهب على المدى المتوسط.

كما شكّلت مشتريات البنوك المركزية ركيزة دعم أساسية، لا سيما من قبل الدول الناشئة التي واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب ضمن استراتيجيات تنويع الأصول وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

وفي الوقت نفسه، أسهمت التوترات الجيوسياسية المستمرة، بما في ذلك الصراعات في شرق أوروبا والشرق الأوسط، في تعزيز الطلب على الذهب كملاذ آمن على مدار العام.

طفرة صناعية تدفع الفضة والبلاتين

سجلت المعادن النفيسة الأخرى مكاسب أكثر حدة، حيث ارتفعت أسعار الفضة بنحو 150% خلال عام 2025، مدفوعة بدورها كمعدن نقدي، إلى جانب الزيادة الكبيرة في الطلب الصناعي.

وأدى الاستهلاك المتنامي من قطاعات الطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، والإلكترونيات، ومراكز البيانات، إلى تضييق الإمدادات، في حين ساهم الشراء المضاربي في تضخيم مكاسب الأسعار ضمن سوق يُعد صغيرًا نسبيًا من حيث السيولة.

كما سجل البلاتين عامًا استثنائيًا، مع ارتفاعه بأكثر من 110%، مدفوعًا بقيود العرض وتحسن الطلب، حيث أشار محللون إلى أن محدودية إنتاج المناجم وسنوات من نقص الاستثمار جعلت سوق البلاتين أكثر عرضة لتحركات سعرية حادة مع أي تحسن في الطلب.