استقرار العملات الآسيوية والدولار تحت الضغط؛ والين الياباني يستفيد من الملاذات الآمنة

شهدت الأسواق العالمية يوم الجمعة حالة من الحذر، حيث ظلت العملات الآسيوية مستقرة إلى حد كبير، فيما بقي الدولار الأمريكي هادئاً مع استمرار أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة لليوم الثالث على التوالي.

 

وقد تزايدت المخاوف بشأن غياب البيانات الاقتصادية الحيوية مثل تقرير الوظائف غير الزراعية، ما دفع الأسواق لإعادة تسعير توقعاتها حيال خطوات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة.

 

وعلى الجانب الآخر، عزز الين الياباني مكاسبه الأسبوعية مدفوعاً بالطلب على الملاذات الآمنة، لكنه تعرض لتراجع محدود بعد تصريحات حذرة من محافظ بنك اليابان كازو أويدا حول مستقبل أسعار الفائدة.

الإغلاق الحكومي الأمريكي يضغط على الأسواق

دخلت الولايات المتحدة يومها الثالث من الإغلاق الحكومي يوم الجمعة، بعدما فشل المشرعون في التوصل إلى اتفاق بشأن التمويل الفيدرالي.

 

هذا التوقف الحكومي لم يؤثر فقط على أنشطة المؤسسات الفيدرالية، بل أدى أيضاً إلى تعليق نشر بيانات اقتصادية مهمة، أبرزها تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر، الذي كان مقرراً صدوره في نفس اليوم.

 

وتفاقمت المخاوف أكثر بعد بيانات ADP التي أظهرت فقدان 32,000 وظيفة في القطاع الخاص خلال سبتمبر، وهو ما يعكس ضعفاً في سوق العمل الأميركي هذا المزيج من غياب البيانات وتباطؤ مؤشرات التوظيف زاد من احتمالات أن يسرّع الاحتياطي الفيدرالي خطواته نحو تخفيف السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة.

الدولار الأمريكي بين الاستقرار المؤقت وتوقعات خفض الفائدة

ظل مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، مستقراً خلال التعاملات الآسيوية صباح الجمعة، كما لم تسجل عقود مؤشر الدولار الآجلة أي تغير يذكر حتى الساعة 08:25 بتوقيت السعودية.

 

لكن الصورة الأوسع تكشف ضغوطاً متزايدة على العملة الأمريكية، حيث إن التوقعات المتنامية بشأن خفض أسعار الفائدة الفيدرالية تقيد صعود الدولار. العقود الآجلة للفائدة الأميركية تسعر حالياً خفضاً يقارب 50 نقطة أساس بحلول نهاية العام، وهو ما يمثل إشارة واضحة إلى أن الأسواق لم تعد تراهن على تشديد السياسة النقدية، بل على العكس، تتوقع تيسيراً إضافياً.

أداء الين الياباني اليوم

في الوقت الذي حافظت فيه العملات الآسيوية الأخرى على استقرارها النسبي، تمكن الين الياباني من جذب أنظار المستثمرين، مستفيداً من مكانته التقليدية كملاذ آمن في فترات عدم اليقين. فقد كان زوج الدولار/ين في طريقه لتسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 1.2%، ما يعكس قوة الطلب على العملة اليابانية.

تأثير تصريحات بنك اليابان

رغم هذه المكاسب، شهد الين بعض الضغوط يوم الجمعة بعد تصريحات محافظ بنك اليابان كازو أويدا، الذي أشار إلى الحذر حيال رفع أسعار الفائدة. وأوضح أويدا أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن التجارة والاقتصادات الخارجية قد يدفع الشركات اليابانية إلى التركيز على خفض التكاليف بدلاً من رفع الأجور والأسعار، مما يضعف مبررات تشديد السياسة النقدية.

 

وقد أدى ذلك إلى ارتفاع طفيف في زوج الدولار/ين بنسبة 0.3% ليصل إلى 147.77 ين، مرتفعاً من مستوى الافتتاح عند 147.26، قبل أن يسجل أدنى مستوى عند 147.09. هذا التحرك عكس عمليات جني أرباح بعد وصول العملة اليابانية إلى أعلى مستوى في أسبوعين عند 146.59 ين في الجلسات السابقة.

تصريحات إضافية وتحليلات اقتصادية

قال شوتارو موري، كبير الاقتصاديين في بنك إس بي آي شينسي، إن بيان بنك اليابان لم يتضمن أي تغييرات جذرية تشير إلى نية رفع أسعار الفائدة في أكتوبر، مضيفاً أن البيانات القادمة حول النمو الاقتصادي وأرباح الشركات ستكون حاسمة في هذا الصدد.

 

وأشار موري إلى أن رفع الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في ديسمبر أصبح أكثر احتمالاً من القيام بذلك في أكتوبر، خاصة مع ترقب بيانات التضخم والبطالة والأجور في اليابان خلال الأسابيع المقبلة.

 

أما الأسواق المالية، فقد أظهرت عقود بورصة لندن أن احتمالات رفع الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 30 أكتوبر لا تتجاوز 40% حالياً، وهو ما يوضح أن المستثمرين ينتظرون وضوحاً أكبر من البيانات قبل إعادة تسعير مراكزهم.

نظرة مستقبلية

مع استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي وتعطل البيانات الاقتصادية، ستبقى الأسواق في حالة ترقب شديد، خاصة مع أهمية تقرير الوظائف غير الزراعية الذي يُعتبر أحد أبرز المؤشرات على صحة الاقتصاد الأميركي.

 

وبالنسبة للدولار، فإن أي دلائل جديدة على ضعف سوق العمل ستزيد من ترجيحات خفض أسعار الفائدة، مما يضغط على العملة الخضراء. أما بالنسبة للين، فإن استمراره كملاذ آمن سيظل عاملاً داعماً، لكن مساره سيبقى مرهوناً بتصريحات بنك اليابان والبيانات الاقتصادية المحلية والدولية على حد سواء.

 

الخلاصة:
الأسواق العالمية تدخل مرحلة حساسة من الضبابية مع استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي، وضعف البيانات الاقتصادية، وتزايد التوقعات بخفض الفائدة الفيدرالية. وبينما يحافظ الدولار على استقراره المؤقت، يظل الين الياباني الرابح الأكبر بدعم من الطلب على الملاذات الآمنة، وإن كان عرضة لضغوط من السياسة النقدية الحذرة لبنك اليابان.

تم التحديث في: الجمعة, 03 تشرين الأول 2025 10:52
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول