الدولار الأسترالي يتراجع بعد خفض الفائدة وتحذيرات بنك الاحتياطي من ضبابية اقتصادية عالمية
تراجع الدولار الأسترالي مقابل نظيره الأمريكي بعد أن قرر بنك الاحتياطي الأسترالي خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية هذا العام، مشيرًا إلى تصاعد المخاطر الاقتصادية العالمية وتباطؤ التوقعات المحلية. وجاء هذا التحرك في وقت تتأثر فيه الأسواق بتغيرات السياسة النقدية عالميًا، ووسط ترقب لمستقبل الاقتصاد في ظل ضغوط التضخم والنمو البطيء.
أسعار الفائدة في أستراليا
أعلن بنك الاحتياطي الأسترالي يوم الثلاثاء عن خفض سعر الفائدة المرجعي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.85%، في خطوة كانت متوقعة إلى حد كبير من قبل الأسواق، وتمثل ثاني خفض للفائدة هذا العام بعد خطوة مماثلة في فبراير. هذا القرار أعاد أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها منذ عامين، في محاولة واضحة لتحفيز الاقتصاد المتباطئ.
خفض البنك المركزي في أستراليا الفائدة للمرة الثانية هذا العام بما يتوافق مع التوقعات، مشيرًا إلى تباطؤ التضخم المحلي والنمو العالمي.
وأكد البنك في بيانه أن قرار الخفض جاء مدفوعًا بتراجع معدلات التضخم مؤخرًا، مشيرًا إلى أن التضخم الأساسي أصبح أقرب إلى النطاق المستهدف الذي يتراوح بين 2% و3%.
رغم الإشارات الإيجابية بشأن تراجع التضخم، حذر البنك المركزي الأسترالي من تصاعد حالة عدم اليقين المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية والتجارية، إضافة إلى تباطؤ النمو العالمي، وهي عوامل قد تنعكس سلبًا على الاقتصاد الأسترالي وجاء في بيان البنك:
"إن النمو الأضعف في بقية أنحاء العالم من المرجح أن يكون عاملاً في الضعف المحلي، وسنواصل مراقبة البيانات الاقتصادية وتقييم المخاطر بشكل متطور قبل اتخاذ قرارات السياسة المقبلة."
أداء الدولار الأسترالي اليوم
عقب الإعلان مباشرة، شهد الدولار الأسترالي تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، حيث انخفض زوج AUD/USD بنسبة 0.5% إلى مستوى 0.6423، هابطًا من 0.6459 الذي سجله في وقت سابق من الجلسة.
يتوقع المستثمرون أن هذا القرار قد لا يكون الأخير، حيث تشير العقود الآجلة لأسعار الفائدة إلى احتمالية تنفيذ تخفيضين إضافيين خلال العام الجاري، في وقت يسعى فيه بنك الاحتياطي الأسترالي إلى دعم النمو المحلي في مواجهة رياح معاكسة اقتصادية عالمية متصاعدة.
نظرة محدثة على مؤشرات الاقتصاد المحلي
في توقعاته الاقتصادية المحدثة، أشار البنك المركزي الأسترالي إلى ما يلي:
-
البطالة: من المتوقع أن ترتفع بشكل طفيف أكثر مما كان متوقعًا في السابق.
-
التضخم: يُتوقع أن يصل معدل التضخم العام إلى 3.0% بنهاية العام، في حين من المنتظر أن يقترب التضخم الأساسي من منتصف النطاق المستهدف (2%-3%) بحلول نهاية عام 2025.
-
الناتج المحلي الإجمالي: عدّل البنك توقعاته للنمو للعام 2025 إلى 2.1%، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 2.4%.
ورغم التباطؤ المتوقع، أبدى البنك بعض التفاؤل بشأن عودة الإنفاق الاستهلاكي والطلب العام للانتعاش، ما قد يدفع النمو الاقتصادي للأعلى تدريجيًا خلال العام المقبل، وإن كان بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة.
السياق الدولي: استقرار الدولار الأمريكي وخفض الفائدة في الصين
على الصعيد العالمي، شهدت معظم العملات الآسيوية استقرارًا نسبيًا، وكذلك الدولار الأمريكي، في ظل ترقب الأسواق لتطورات سياسية واقتصادية مؤثرة. وبرزت أبرز هذه التطورات في:
-
الولايات المتحدة: بقي مؤشر الدولار الأمريكي دون تغير يذكر، رغم خفض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني الأمريكي بدرجة واحدة، بسبب ارتفاع الدين العام إلى 36 تريليون دولار، مما قد يزيد من الضغط المالي على إدارة الرئيس جو بايدن.
خفضت الصين أسعار الفائدة الرئيسية على الإقراض بمقدار 10 نقاط أساس، عقب سلسلة من تدابير التيسير النقدي التي اتخذتها بكين لتعزيز الطلب المحلي، قبل أن تفاجئ الأسواق بالتوصل للهدنة التجارية مع واشنطن.
وقرر بنك الشعب الصيني خفض الفائدة على القروض لمدة عام واحد إلى 3.0% من 3.1%، وعلى القروض لمدة 5 سنوات -التي تعد معيارًا للرهن العقاري- إلى 3.5% من 3.6%، وهي المرة الأولى التي يخفض فيها البنك تلك المعدلات منذ أكتوبر كما أعلنت الثلاثاء أيضًا أكبر أربعة بنوك حكومية في الصين أنها ستخفض الفائدة على الودائع بما يصل إلى 25 نقطة أساس.
ويتوقع "زيتشون هوانغ" كبير الاقتصاديين لدى "كابيتال إيكونومكس" أن يواصل المركزي الصيني تخفيف السياسة النقدية، متوقعًا خفض معدلات الإقراض بمقدار 40 نقطة أساس أخرى بحلول نهاية العام، وذلك حسبما ورد في مذكرة ونقلته "سي إن بي سي".
ورغم ذلك، ظل اليوان الصيني شبه مستقر عند مستوى 7.2189 أمام الدولار الأمريكي، في حين أن مخاوف التصعيد في النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة ما تزال قائمة، خاصة بعد التحذيرات الأمريكية بشأن رقائق هواوي، ورد وزارة التجارة الصينية باتهام واشنطن بتقويض مفاوضات جنيف.
الآفاق المستقبلية والسياسة النقدية القادمة
أكد بنك الاحتياطي الأسترالي أنه سيواصل اتباع سياسة حذرة في المرحلة المقبلة، متعهدًا بأن تكون قراراته القادمة مبنية على تقييم دقيق للبيانات الاقتصادية وتطور المخاطر محليًا ودوليًا.
“الحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر يبقى على رأس أولوياتنا”، وفق ما جاء في بيان البنك، الذي أشار أيضًا إلى أن الأسواق تتوقع خفضًا تراكميًا إضافيًا بنحو 85 نقطة أساس خلال الاثني عشر شهرًا القادمة.
وفي ظل استمرار التوترات التجارية العالمية، وتراجع الطلب العالمي، فإن الأسواق الأسترالية تترقب عن كثب تحركات البنك خلال الأشهر القادمة، ومدى استجابته للمتغيرات المحلية والدولية.
خلاصة: الضغوط العالمية تقود السياسة النقدية الأسترالية
يمثل خفض الفائدة الأخير خطوة متوقعة ولكنها مهمة في إطار سياسة بنك الاحتياطي الأسترالي للتعامل مع موجة ضغوط اقتصادية متصاعدة عالميًا ومحليًا. وبينما يوفر تراجع التضخم بعض المجال للمناورة، فإن الضبابية الجيوسياسية والتباطؤ العالمي قد يفرضان مزيدًا من التحركات التيسيرية في المستقبل القريب.
تبقى الأنظار متجهة إلى تطورات الاقتصاد الصيني، والنقاشات الدائرة في الولايات المتحدة بشأن الضرائب والديون، وهي عوامل سترسم ملامح المرحلة القادمة للاقتصاد العالمي – وبالتالي، للسياسة النقدية الأسترالية أيضًا.