ارتفاع أسعار النحاس مدعومة بالبيانات الأمريكية وآمال انتعاش الطلب الصيني
ارتفعت أسعار النحاس خلال تعاملات يوم الجمعة، مدفوعة بمزيج من البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية وتوقعات بزيادة الطلب من الصين، في ظل نظرة متفائلة بشأن تعافي الاقتصاد العالمي.
ويُعد النحاس من المعادن الأساسية التي يُنظر إليها كمؤشر مهم للصحة الاقتصادية العالمية نظراً لاستخداماته الواسعة في قطاعات الصناعة، والإلكترونيات، والبنية التحتية، والعقارات.
لكن هذا التفاؤل لا يخلو من التحديات، في ظل تصاعد التوترات التجارية الأمريكية، وتزايد المخاوف من فرض رسوم جمركية مباشرة على النحاس المستورد، وهو ما قد يهدد استقرار السوق العالمية.
أداء أسعار النحاس
سجلت عقود النحاس لأجل ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن ارتفاعاً بنسبة 0.36% لتصل إلى 9701.5 دولار للطن المتري في تمام الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش، محققة بذلك مكاسب أسبوعية بنحو 0.49%.
كما ارتفع العقد الأكثر تداولًا في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة بنسبة 0.65% ليصل إلى 78,410 يوانًا صينيًا (ما يعادل نحو 10,922.74 دولاراً للطن)، إلا أنه لا يزال منخفضاً بشكل طفيف بنسبة 0.28% منذ بداية الأسبوع.
البيانات الاقتصادية الأمريكية تدفع التفاؤل
أكد محللون مقيمون في بكين أن البيانات الاقتصادية الأمريكية جاءت مشجعة، مما عزز من التوقعات بارتفاع الطلب على المعادن الصناعية. فقد ارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 0.6% في يونيو، بعد انخفاض بلغ 0.9% في مايو، فيما انخفضت طلبات إعانة البطالة الجديدة، مما يعكس استمرار متانة سوق العمل الأمريكي خلال يوليو.
هذا الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي ساعد في تقليص احتمالات خفض أسعار الفائدة في المدى القريب، وبالتالي دعم أسعار النحاس عبر تعزيز توقعات الاستهلاك الصناعي.
الصين: اللاعب الحاسم في سوق النحاس
تلعب الصين، باعتبارها أكبر مستهلك عالمي للنحاس، دوراً حيوياً في تحديد اتجاهات الأسعار. ومع تراجع الأسعار مؤخراً، ازدادت التوقعات بأن تنشط الصين في الشراء، خصوصاً مع توقعات إطلاق بكين حزم تحفيز لدعم الاقتصاد، وخاصة قطاعي التصنيع والبنية التحتية.
ومع ذلك، أشار محللون في شنغهاي إلى أن زيادة المخزونات في مخازن بورصة لندن – التي ارتفعت بنسبة 34.8% منذ نهاية يونيو لتصل إلى 122,150 طناً – قد تعكس حالة من الترقب لدى السوق بشأن توقيت أي عمليات شراء صينية واسعة.
يبقى قطاع العقارات في الصين عاملاً مؤثراً على الطلب العالمي للنحاس، باعتباره من أكثر القطاعات استهلاكاً له. وبينما لا تزال المخاوف قائمة بشأن أداء هذا القطاع، بدأت بعض المؤشرات تظهر تحسناً طفيفاً، مما قد يدفع نحو استقرار الأسعار أو حتى صعودها في حال تأكد تعافي القطاع العقاري تدريجياً.
الدولار الأمريكي: عامل دعم إضافي للأسعار
استقر الدولار الأمريكي بعد سلسلة من المكاسب القوية هذا الأسبوع، ما جعل السلع المقوّمة بالدولار مثل النحاس أقل تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. هذا التراجع النسبي في قوة الدولار عزز الطلب على النحاس في الأسواق العالمية.
في تحول مثير، تترقب الأسواق دخول رسوم جمركية أمريكية جديدة حيز التنفيذ اعتباراً من 1 أغسطس 2025، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته فرض تعريفة بنسبة 50% على واردات النحاس.
هذه الخطوة، التي جاءت بناءً على نتائج تحقيق أجرته وزارة التجارة الأمريكية، تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي من النحاس وحماية الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية، لكنها قد تؤدي إلى:
-
ارتفاع التكاليف على الشركات الأمريكية التي تعتمد على النحاس المستورد.
-
اضطراب سلاسل التوريد العالمية للنحاس.
-
زيادة أسعار المنتجات الصناعية التي تعتمد على النحاس مثل السيارات الكهربائية، والشرائح الإلكترونية، وأسلاك البنية التحتية.
تُعد هذه التعريفة الجمركية تصعيداً جديداً في السياسة التجارية للولايات المتحدة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي هشاشة بسبب تباطؤ في النمو وتوترات جيوسياسية.
خلاصة وتوقعات مستقبلية
بين الآمال بزيادة الطلب الصيني والدعم القادم من الاقتصاد الأمريكي، تقف أسعار النحاس عند مفترق طرق. وفي حين أن الرسوم الجمركية قد تشكل تهديداً على المدى القريب، فإن تعافي قطاع العقارات في الصين واستمرار النمو الأمريكي يمكن أن يوفرا دعماً مستداماً للسوق.
ومع اقتراب شهر أغسطس، تترقب الأسواق ما إذا كانت الصين ستكثّف مشترياتها لتعويض أثر الرسوم، أو ما إذا كان العالم مقبلاً على موجة جديدة من إعادة تشكيل سلاسل الإمداد الصناعية في ظل التوترات التجارية المستمرة.