الدولار يتراجع بشكل محدود لكنه يحافظ على مسار المكاسب الأسبوعية وسط ترقب قرارات الفيدرالي
شهد الدولار الأمريكي تراجعاً طفيفاً خلال تداولات يوم الجمعة، إلا أنه ما زال متجهاً نحو تحقيق مكاسب أسبوعية ملحوظة، في ظل قيام المتداولين بإعادة تقييم رهاناتهم بشأن مستقبل السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، وتراجع التوقعات المرتبطة بتسريع وتيرة التيسير النقدي خلال الفترة القريبة .
أداء الدولار الأمريكي اليوم
سجل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة مكونة من ست عملات رئيسية، انخفاضاً بنسبة 0.1% ليستقر عند مستوى 100.042 نقطة، لكنه لا يزال في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 0.8%، مدعوماً بتغير النظرة العامة تجاه قرارات الفائدة الأمريكية القادمة.
بيانات الوظائف تعيد تشكيل توقعات السوق
حصل الدولار على دفعة قوية يوم الخميس عقب صدور تقرير الوظائف غير الزراعية المتأخر، والذي قدم صورة متباينة عن أداء سوق العمل الأمريكي، ما عزز الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يفضل الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في ديسمبر.
وأظهرت محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر أكتوبر وجود انقسام واضح بين صناع القرار حول جدوى خفض أسعار الفائدة، ومع عدم حسم بيانات التوظيف للصورة النهائية، يبدو أن خيار التثبيت هو السيناريو الأقرب في الوقت الراهن.
وأوضحت مؤسسة ING في مذكرة تحليلية أن تطورات هذا الأسبوع لم تلغِ احتمالات التيسير النقدي، لكنها أجلت توقيته، مشيرة إلى أن السوق بات يميل إلى تسعير خفض الفائدة في يناير بدلاً من ديسمبر، حيث تم تسعير 24 نقطة أساس ليناير مقابل 10 نقاط أساس فقط لديسمبر، فيما لا يزال السعر النهائي المتوقع لدورة التيسير قرب 3.00% خلال العام المقبل.
وتتجه أنظار المستثمرين كذلك نحو مزيد من البيانات الاقتصادية المرتقبة لاحقاً، وعلى رأسها قراءات مؤشر مديري المشتريات S&P والقراءة النهائية لمؤشر ثقة المستهلك لشهر نوفمبر، لما لها من تأثير مباشر على حركة الدولار وأسواق العملات.
اليورو يستفيد من قوة نشاط الأعمال
في المقابل، تلقى اليورو دعماً ملحوظاً عقب صدور بيانات إيجابية لمؤشر مديري المشتريات، حيث ارتفع زوج اليورو/دولار بنسبة 0.1% ليصل إلى 1.1538، مدفوعاً بنمو ثابت في نشاط الأعمال، خصوصاً في قطاع الخدمات الذي سجل أسرع وتيرة توسع له منذ 18 شهراً.
ورغم تراجع مؤشر HCOB المركب لمنطقة اليورو بشكل طفيف إلى 52.4 في نوفمبر مقارنة بـ 52.5 في أكتوبر، إلا أنه حافظ على بقائه فوق مستوى 50 للشهر الحادي عشر على التوالي، وهو ما يعكس استمرار النمو الاقتصادي وتماسك النشاط التجاري.
وأكد محللو ING أن هذه الأرقام شكلت عامل طمأنينة لليورو، حيث أظهرت أن الشركات الأوروبية لا تزال قادرة على التكيف مع بيئة التعريفات الجمركية الجديدة عبر البحث عن حلول بديلة.
وأضافوا أن تجاوز زوج اليورو/دولار مستوى 1.1560 – 1.1565 قد يفتح المجال أمام أسبوع إيجابي للعملة الأوروبية المشتركة.
الجنيه الإسترليني يصمد رغم ضعف بيانات التجزئة
ارتفع زوج الجنيه الإسترليني/دولار بنسبة 0.1% ليصل إلى 1.3085، في أداء يعكس تماسك العملة البريطانية رغم الضغوط الناتجة عن تراجع مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة بنسبة 1.1% خلال شهر أكتوبر.
كما أظهرت مؤشرات معنويات الأسر تراجعاً إضافياً، ما يعكس فتوراً في إنفاق المستهلكين قبل الميزانية المرتقبة لوزيرة المالية راشيل ريفز، وهو ما يزيد من المخاوف حول تباطؤ النشاط الاقتصادي في الفترة المقبلة.
الين الياباني يحقق مكاسب مع تنامي رهانات رفع الفائدة
في آسيا، سجل الين الياباني ارتفاعاً ملحوظاً مقابل الدولار، حيث انخفض زوج الدولار/ين بنسبة 0.4% ليصل إلى 156.76، وذلك بعد أن أظهرت بيانات التضخم الأساسية استمرارها فوق هدف بنك اليابان البالغ 2% خلال أكتوبر، مما يعزز احتمالات رفع أسعار الفائدة في الاجتماع المرتقب يومي 18 و19 ديسمبر.
وأكد محافظ بنك اليابان كازو أويدا أن البنك المركزي سيناقش خلال اجتماعاته القادمة توقيت وجدوى تشديد السياسة النقدية، مع التركيز على نمو الأجور المتوقع خلال العام المقبل، في إشارة إلى احتمال قريب لرفع تكاليف الاقتراض.
وتزامنت هذه التطورات مع موافقة البرلمان الياباني على حزمة تحفيز ضخمة بقيمة 21.3 تريليون ين، في واحدة من أكبر برامج الإنفاق منذ جائحة كورونا، بهدف إنعاش الاستهلاك المحلي ودعم القطاعات الاستراتيجية.
أداء متباين لبقية العملات
تراجع زوج الدولار/يوان بنسبة 0.1% إلى 7.1093، في حين ارتفع الدولار الأسترالي أمام نظيره الأمريكي بنسبة 0.2% مسجلاً 0.6450، غير أنه لا يزال معرضاً لخسائر أسبوعية كبيرة نتيجة تراجع شهية المخاطرة في الأسواق العالمية.
خلاصة المشهد
تعكس تحركات العملات العالمية حالة من الترقب الحذر، حيث يبقى الدولار مدعوماً بتغير توقعات السياسة النقدية الأمريكية، بينما تحصل بعض العملات المنافسة على دعم من مؤشرات اقتصادية محلية قوية أو توقعات بتشديد السياسة النقدية كما في اليابان، مما يرسم صورة معقدة لحركة أسواق الصرف خلال المرحلة المقبلة.