الذهب يواصل مكاسبه والدولار ينخفض مع تباين تصريحات الفيدرالي الأميركي وتصاعد التوترات الاقتصادية

شهدت الأسواق العالمية خلال تعاملات اليوم تحركات واسعة النطاق، حيث تراجع الدولار الأميركي أمام معظم العملات الرئيسية مع استمرار المستثمرين في إعادة تقييم توجهات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي بعد خفض الفائدة الأخير.

 

وفي المقابل، واصل الذهب تسجيل مكاسب قوية ليقترب من مستويات قياسية جديدة مدعوماً بزيادة التدفقات الاستثمارية، بينما تباينت تصريحات مسؤولي الفيدرالي بشأن مستقبل معدلات الفائدة، في وقت أطلقت فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إجراءات تجارية مثيرة للجدل قد تؤثر على سوق العمل والشركات الكبرى.

أداء الدولار الأميركي اليوم

انخفاض مؤشر الدولار

تراجع مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.3% ليسجل 97.3 نقطة عند الساعة 20:09 بتوقيت غرينتش، بعدما بلغ أعلى مستوى له عند 97.8 نقطة وأدنى مستوى عند 97.3 نقطة. هذا التراجع يعكس حالة من الضبابية التي تسود الأسواق عقب قرار الفيدرالي بخفض الفائدة الأسبوع الماضي بمقدار 25 نقطة أساس.

تصريحات متباينة من صانعي القرار

  • دعا ستيفن ميران، عضو مجلس محافظي الفيدرالي، خلال خطابه بالنادي الاقتصادي في نيويورك، إلى خفض أكثر قوة للفائدة يصل إلى 2%، مؤكداً أن المستوى الحالي "مشدد بشكل مبالغ فيه" مقارنة بالظروف الاقتصادية الراهنة.

  • في المقابل، شدد ألبرتو مُسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، على أن الخفض الأخير كان مجرد "خطوة احترازية"، لافتاً إلى أن المجال لمزيد من الخفض واسع النطاق قد يكون محدوداً للغاية.

هذا التباين يعكس الانقسام الداخلي بين الأعضاء حول كيفية الموازنة بين دعم النمو وكبح التضخم، وهو ما يخلق حالة من الغموض لدى المستثمرين بشأن المسار المستقبلي للفائدة.

سياسات ترامب التجارية تزيد من قلق الأسواق

إلى جانب ضغوط الفيدرالي، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم سنوية بقيمة 100 ألف دولار على تأشيرات العمل من فئة H1-B، والتي تعتمد عليها شركات التقنية الكبرى والبنوك الأميركية لاستقدام العمالة الماهرة، خاصة من الهند والصين.

 

هذا القرار أثار مخاوف الشركات الأميركية، خصوصاً في وادي السيليكون، حيث يعتمد جزء كبير من إداراتها العليا على كوادر أجنبية. وزاد الأمر جدلاً بعد تصريحات ترامب التي أعرب فيها عن استغرابه من تولي "عدد كبير من الهنود قيادة شركات أميركية كبرى".

 

السياسة الجديدة قد تساهم في تقليص تدفق المواهب الأجنبية، ما يزيد من مخاطر نقص الكفاءات داخل سوق العمل الأميركي، ويضيف عاملاً سلبياً إلى الضغوط الواقعة على الدولار.

تحركات العملات المرتبطة بالسلع

  • الدولار الأسترالي ارتفع مقابل نظيره الأميركي بنسبة 0.1% إلى 0.6598 عند الساعة 21:19 بتوقيت غرينتش.

  • الدولار الكندي تراجع مقابل الدولار الأميركي بنسبة 0.4% إلى 0.7231 في نفس التوقيت.

هذه التحركات تعكس حساسية عملات السلع الأولية للأنباء المتعلقة بالطلب العالمي والنفط، إضافة إلى تأثيرات تراجع العملة الأميركية.

أداء أسعار الذهب اليوم

واصل الذهب صعوده ليسجل مكاسب للجلسة الثالثة على التوالي:

  • سجل الذهب في المعاملات الفورية عند 3753 دولاراً للأونصة عند الساعة 10:00 بتوقيت تركيا، بعدما سجل مستوى تاريخياً عند 3758.03 دولاراً في وقت سابق من الجلسة .

  • العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر ارتفعت بنسبة 0.1% إلى 3778.50 دولاراً.

تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1% جعل المعدن الأصفر أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى، مما دعم الطلب الاستثماري.

تدفقات ضخمة على صناديق الذهب

شهدت الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات قياسية:

  • ارتفعت حيازات صندوق SPDR Gold Trust، وهو أكبر صندوق مؤشرات مدعوم بالذهب في العالم، بنسبة 0.60% إلى 1000.57 طن، مقارنة بـ 994.56 طن يوم الجمعة الماضي.

  • هذه التدفقات كانت الأسرع منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في استمرار الزخم الصعودي.

صعود استثنائي منذ بداية العام

قفز الذهب بنسبة 43% منذ مطلع العام، بدعم من:

  • خفض الفائدة الأميركية.

  • مشتريات البنوك المركزية.

  • التوترات الجيوسياسية العالمية.

  • المخاوف من استمرار التضخم.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

  • الفضة تراجعت بنسبة 0.2% إلى 43.98 دولاراً للأونصة، لكنها بقيت قرب أعلى مستوى في 14 عاماً.

    • كما شهدت عقود الخيارات الخاصة بـ iShares Silver Trust قفزة قياسية في أحجام التداول، وصلت إلى 1.2 مليون عقد يومياً يوم الجمعة، وهو الأعلى منذ أبريل 2024.

  • البلاتين ارتفع بنسبة 0.3% إلى 1420.45 دولاراً للأونصة.

  • البلاديوم صعد بنسبة 0.9% إلى 1189.84 دولاراً للأونصة.

الفضة والذهب اعتُبرا هذا العام من بين أفضل السلع أداءً، مدعومين بالسياسات النقدية التيسيرية والطلب الاستثماري القوي.

ترقب الأسواق لخطاب باول

ينتظر المستثمرون خطاباً مهماً لرئيس الفيدرالي جيروم باول في وقت لاحق اليوم، بحثاً عن إشارات أوضح بشأن مسار السياسة النقدية المقبلة، خاصة بعد أن كشف "المخطط النقطي" المرفق بقرار الفائدة الأخير عن تباين واسع بين أعضاء الفيدرالي.

آراء المحللين

  • محللو BMO Capital Markets أكدوا أن تدفقات الأموال إلى صناديق الذهب ما تزال القوة الدافعة للأسعار، مشيرين إلى أن احتمالات الصعود لا تزال قوية خلال الربع الرابع من العام.

  • كريس ويستون، رئيس الأبحاث في Pepperstone Group، أشار إلى أن مديري الأصول والمتداولين يعوضون تعرضهم لأسهم الشركات الأميركية عبر مراكز طويلة في الذهب، مضيفاً أن "المعدن الأصفر أصبح الملاذ الآمن المفضل بفضل وضوح اتجاهه الصاعد وضعف ارتباطه بفئات الأصول الأخرى".

خلاصة

تراجع الدولار الأميركي وتواصل ارتفاع الذهب يعكسان المشهد الاقتصادي العالمي المعقد، حيث يتقاطع الانقسام داخل الفيدرالي بشأن الفائدة مع سياسات ترامب التجارية المثيرة للجدل، في حين يجد المستثمرون في الذهب والفضة ملاذاً آمناً يحافظ على قيمته وسط هذه الضبابية.

 

ومع اقتراب الأسواق من الاستماع لخطاب جيروم باول، يبقى مستقبل السياسة النقدية عاملاً محورياً في تحديد اتجاه العملات والسلع خلال الأشهر المقبلة.

تم التحديث في: الثلاثاء, 23 أيلول 2025 10:35
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول