الذهب يلامس أعلى مستوى في 7 أسابيع مدفوعًا بتوقعات خفض الفائدة والفضة قرب ذروة تاريخية

شهدت أسواق المعادن العالمية أسبوعًا حافلًا بالتقلبات والصعود القوي، حيث اقترب الذهب من أعلى مستوى له منذ سبعة أسابيع خلال تعاملات الجمعة، مستفيدًا من التحول الملحوظ في توقعات الأسواق بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية، بينما واصلت الفضة التحرك قرب مستويات قياسية تاريخية وسط موجة طلب غير مسبوقة وتحذيرات رسمية من احتمالات تصحيح حاد.

أداء أسعار الذهب اليوم

تعيش أسعار الذهب واحدة من أقوى موجات الصعود منذ الربع الأخير من العام، بعدما تزايدت توقعات المستثمرين بشأن خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.

ضغوط على الدولار تدعم الذهب

يتجه الدولار نحو تسجيل ثالث انخفاض أسبوعي متتالٍ، ما يعزز جاذبية الذهب للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة، ويخفض التكلفة الفعلية للشراء. وأكدت المحللة سوني كوماري من مؤسسة "إي إن زد" أن تحركات الذهب الحالية ترتكز على قوة التوقعات بخفض الفائدة مرتين خلال عام 2025، رغم إشارة الفيدرالي إلى خفض واحد فقط ضمن مخططه الرسمي.

الفيدرالي كان قد نفّذ هذا الأسبوع ثالث خفض للفائدة خلال العام بمقدار 25 نقطة أساس، وسط انقسام واضح في لجنة السياسة النقدية، لكن المستثمرين قرأوا البيان الختامي وتعليقات جيروم باول على أنها أقل تشددًا مما كان متوقعًا وأشار المسؤولون إلى أن وتيرة الخفض المستقبلية ستعتمد على تطورات أوضح في مؤشرات التضخم وحالة سوق العمل.

المستثمرون قرؤوا بيان الفيدرالي وتعليقات جيروم باول على أنها إشارة إلى انفتاح أكبر على المرونة المستقبلية، خاصة بعد تأكيده أن أي تخفيضات أخرى ستعتمد على دلائل أكثر وضوحًا بشأن تباطؤ التضخم وتراجع قوة سوق العمل.

اللافت في اجتماع الفيدرالي كان إعلان باول عن برنامج شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل بوتيرة 40 مليار دولار شهريًا، وهو ما يُعتبر خطوة شبه تيسيرية تهدف لزيادة السيولة وتقليل الضغوط في الأسواق المالية هذه السياسة تضيف زخمًا إضافيًا للأصول الحساسة للسيولة مثل الذهب والفضة وغيرها من المعادن.

بيانات سوق العمل الأمريكي تزيد الغموض

في تطور آخر، ارتفعت طلبات إعانات البطالة بأكبر وتيرة في نحو 4.5 أعوام، ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة سوق العمل على مواصلة التماسك. رغم ذلك، لم يعتبر المحللون هذه الزيادة مؤشرًا مباشرًا على تباطؤ فعلي، بل جزءًا من التقلبات الطبيعية خلال نهاية العام.

ومع ترقب تقرير الوظائف غير الزراعية الأسبوع المقبل، باتت الأسواق تتعامل بحذر شديد مع أي إشارة قد تغير توقعات الفيدرالي للعام المقبل.

سعر الذهب عند التسوية والآن

عند إغلاق جلسة الخميس، ارتفعت العقود الآجلة للذهب تسليم فبراير بنسبة 2.1% بما يعادل 88.3 دولارًا، لتسجل 4313 دولارًا للأوقية، محققة واحدًا من أقوى ارتفاعاتها اليومية منذ أشهر.

أما الذهب الفوري فقد ارتفع بنسبة 0.3% إلى 4293 دولارًا للأوقية عند الساعة 11:25 بتوقيت تركيا، بينما ارتفعت العقود الأمريكية بنسبة 0.5% لتصل إلى 4323 دولارًا.

مكاسب الذهب الأسبوعية بلغت نحو 1.8%، مدفوعة بشكل رئيسي بتوقعات خفض الفائدة ونظرة الفيدرالي الأقل تشددًا.

أحد أسباب الارتفاعات القوية للمعدن النفيس كان إعلان الفيدرالي عزمه شراء سندات قصيرة الأجل، ما يشير ضمنيًا إلى رغبة في الحفاظ على مستويات سيولة مرتفعة داخل النظام المالي، وتخفيف أي شي قد يعوق النمو.

هذه الخطوة كان لها تأثير مباشر على سوق المعادن بشكل عام، حيث ارتفعت أسعار البلاتين والنحاس والبلاديوم مستفيدة من موجة التفاؤل.

تحركات المعادن الأخرى

ارتفع البلاتين الفوري إلى 1702.60 دولار للأونصة، متمتعًا بمكاسب أسبوعية تقارب 4%. وفي المعادن الصناعية، صعد النحاس في بورصة لندن للمعادن إلى 11,878.30 دولار للطن بزيادة أسبوعية 2%، مدعومًا بالتفاؤل بشأن سياسات تحفيز إضافية في الصين، ما وضع عقود النحاس على مسار ثلاثة أسابيع متتالية من المكاسب.

أداء سعر الفضة اليوم

كانت الفضة النجم الأبرز في الأسواق هذا الأسبوع، إذ استقرت عند 63.57 دولارًا للأوقية بعد أن لامست مستوى قياسيًا عند 64.31 دولار، مقتربة من تحقيق مكاسب أسبوعية تتجاوز 9.2%.

ومنذ بداية العام، تضاعفت أسعار الفضة بأكثر من 100%، مدعومة بالطلب الصناعي القوي، وتراجع المخزونات، وإدراجها ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة، في وقت يتوقع فيه المحللون حدوث نقص حاد في المعروض بحلول 2026.

مدير شركة "كيديا كوموديتيس"، أجاي كيديا، أكد أن تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة، والضغوط على المعروض، وتوقعات خفض الفائدة، جميعها عوامل تدفع الفضة نحو سيناريو اختراق قد يصل بها إلى 75 دولارًا.

الفضة تضاعفت قيمتها منذ بداية عام 2025، مدعومة بعوامل عدة:

• الطلب الصناعي القوي

• انخفاض المخزونات العالمية

• توقعات نقص المعروض بدءًا من عام 2026

• إدراجها ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة

كما عززت التدفقات القياسية للصناديق المتداولة ETF من زخم الأسعار، بينما أكد محللون أن النمط الفني يُظهر إمكانية تمدد الصعود نحو 75 دولارًا للأوقية.

الصندوق الصيني يحذر: الارتفاعات “مضاربية” وقد تنقلب

في الصين، أطلقت مديرة صندوق الاستثمار الوحيد المتخصص في الفضة UBS SDIC Silver Futures Fund LOF سلسلة جديدة من التحذيرات للمستثمرين، مؤكدة أن وحدات الصندوق تُتداول بعلاوة سعرية تتجاوز 12% فوق قيمة الأصول الفعلية، وهو ما يعكس موجة مضاربات واسعة تستغل الارتفاعات القياسية.

التحذير الأخير هو الخامس خلال شهر، ما يعكس القلق المتزايد من احتمالية تعرض المستثمرين لخسائر كبيرة إذا انقلبت حركة السوق سريعًا. الصندوق يُعتبر أحد أهم الأدوات التي تسمح للمستثمرين الصينيين بالتعرّض للفضة دون شراء السبائك أو العقود الآجلة، ما جعله وجهة رئيسية للسيولة الباحثة عن الفائدة السريعة.

لماذا قد يحدث التصحيح؟

وفق التحذيرات:

• السعر الحالي مدفوع بتوقعات أكثر من كونه مدعومًا بمعطيات أساسية.

• علاوة 12% مؤشر خطير على الطلب غير الصحي.

• الصندوق سجل أعلى تدفقات في تاريخه خلال الشهر الماضي.

• أي هبوط مفاجئ في الأسعار قد يقود لسلسلة بيع جماعي (panic sell).

التحليل الفني للذهب والفضة

الذهب XAU/USD

• الدعم: 4268 – 4235 – 4190

• المقاومة: 4325 – 4380 – 4450

• السعر فوق المتوسطات القصيرة، والزخم الصاعد قوي بعد اختراق مستويات الأسبوع الماضي.

• الثبات فوق 4325 يفتح الطريق نحو 4380 ثم 4450، بينما كسر 4268 قد يعيد الهبوط التصحيحي.

الفضة XAG/USD

• الدعم: 62.50 – 60.80 – 59.30

• المقاومة: 64.30 – 66.00 – 68.50

• النمط الفني يوحي باستمرار الزخم باتجاه 75 دولارًا على المدى المتوسط إذا نجح السعر في الإغلاق فوق 64.30.

• لكن التشبّع الشرائي قوي، ما يجعل أي كسر لمستوى 62.50 إشارة أولية لتصحيح حاد محتمل.

الخلاصة الشاملة

• الذهب يتحرك ضمن موجة صعود قوية مدعومة بتراجع الدولار وتوقعات خفض الفائدة وزيادة السيولة.

• الفضة تحقق واحدة من أكبر موجات الصعود منذ عقود، لكنها تواجه تحذيرات واضحة من فقاعة مضاربية قد تنفجر عند أي تصحيح.

• الفيدرالي يلعب دورًا محوريًا في تشكيل اتجاه الأسواق، مع بقاء البيانات الاقتصادية هي العامل الحاسم للمرحلة المقبلة.

• المعادن الأخرى تستفيد بدرجات متفاوتة من التفاؤل بشأن تحفيز الاقتصاد العالمي، خصوصًا في الصين.