أسعار الذهب ترتفع بقوة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية العالمية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في تداولات يوم الإثنين، مدعومة بمجموعة من التطورات الجيوسياسية والاقتصادية التي دفعت المستثمرين حول العالم إلى البحث عن الملاذات الآمنة.

وقد تمثلت أبرز هذه العوامل في تصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا، وتزايد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى تهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصلب والألمنيوم، مما فاقم من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.

أداء أسعار الذهب اليوم

ارتفعت أسعار الذهب خلال جلسة التداولات الآسيوية يوم الإثنين، مستفيدة من تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة نتيجة لتدهور العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين. كما ساهمت الأجواء المشحونة وعدم اليقين المرتبط بأجندة ترامب الجمركية في تحفيز الطلب على الذهب.

وعزز هذا الارتفاع أيضًا ضعف أداء الدولار الأميركي، إذ سجل مؤشر الدولار تراجعًا، مما جعل الذهب أقل تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أجنبية أخرى، وبالتالي زاد من جاذبيته.

تصريحات ترامب تهدد استقرار التجارة العالمية

في تصريحات مثيرة للجدل صدرت يوم الجمعة، أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن نيته مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم، لترتفع من 25% إلى 50%.

هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام، حيث ردت المفوضية الأوروبية بتحذير شديد اللهجة، أكدت فيه أن أوروبا على استعداد لاتخاذ إجراءات مماثلة في حال تم تنفيذ هذه الزيادات الجمركية.

الحرب الروسية الأوكرانية تدخل مرحلة أكثر تصعيدًا

في سياق متصل، تصاعدت حدة المواجهات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا مع اقتراب موعد الجولة الثانية من محادثات السلام المزمع عقدها في إسطنبول. وقد شنت روسيا خلال الليل سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيّرة، بينما نفذت القوات الأوكرانية واحدة من أجرأ عملياتها الهجومية منذ بداية الحرب، مما زاد من حالة القلق في الأسواق العالمية.

تحليلات الأسواق

قال تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى شركة KCM Trade، إن تصاعد المخاوف الجيوسياسية والتجارية مجددًا دفع المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن في بداية الأسبوع، مضيفًا أن الأصول ذات المخاطر تتعرض للضغط بينما تستفيد المعادن النفيسة من ضعف الدولار.

وأشار ووترر إلى أن الأداء السلبي للدولار الأميركي شكل دعمًا إضافيًا لأسعار الذهب، حيث سجل مؤشر الدولار انخفاضًا ملموسًا، مما يعزز من قدرة المستثمرين الدوليين على شراء الذهب بأسعار أرخص.

ترقب خطاب جيروم باول وسط مؤشرات خفض الفائدة

تترقب الأسواق المالية هذا الأسبوع تصريحات عدد من كبار مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وعلى رأسهم رئيس المجلس جيروم باول، الذي من المتوقع أن يلقي خطابًا مهمًا لاحقًا اليوم.

وتنتظر الأسواق هذه التصريحات لمعرفة ما إذا كان هناك توجّه فعلي لدى الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وهو ما قد يشكل دفعة قوية إضافية للذهب.

في أوقات التوتر الجيوسياسي والاقتصادي، يُعد الذهب أحد الأصول الآمنة المفضلة لدى المستثمرين، وغالبًا ما يحقق أداءً جيدًا في بيئة يسودها انخفاض في معدلات الفائدة. وتُعد هذه الظروف ملائمة جدًا لارتفاع أسعار الذهب، لا سيما إذا ترافق ذلك مع ضعف في الدولار الأميركي.

الذهب في نهاية الأسبوع الماضي

وعلى الرغم من المعطيات الداعمة الحالية، إلا أن أسعار الذهب كانت قد أنهت تعاملات يوم الجمعة الماضي على تراجع، لتعمّق خسائرها على المستوى الأسبوعي والشهري، وذلك بالرغم من تصاعد التوقعات بخفض أسعار الفائدة نتيجة لبيانات التضخم الإيجابية في الولايات المتحدة.

فقد انخفضت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أغسطس – والتي تُعد العقود الأكثر نشاطًا – بنسبة 0.85%، بما يعادل 28.5 دولارًا، لتُغلق عند 3315.40 دولارًا للأونصة. كما سجلت هذه العقود خسارة أسبوعية بلغت 2.33%، وخسارة شهرية بنحو 1% خلال تداولات مايو.

سعر الذهب والدولار الآن

بحلول الساعة 09:45 صباحًا بتوقيت تركيا، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.70% ليصل إلى 3,345 دولارًا للأونصة، بينما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 1.58% لتصل إلى 3,367 دولارًا.

في المقابل، تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.36% ليصل إلى 98.87 نقطة، وهو ما ساهم في دعم الطلب على الذهب من قبل المستثمرين العالميين.

أسواق المعادن الأخرى

لم تقتصر التحركات في سوق المعادن على الذهب فقط، فقد شهدت المعادن الأخرى أداءً متفاوتًا:

• ارتفعت أسعار الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% لتسجل 33.08 دولارًا للأونصة.

• تراجع البلاتين بنسبة 0.4% ليبلغ 1,051.63 دولارًا.

• وانخفض البلاديوم بنسبة 0.3% مسجلًا 967.62 دولارًا للأونصة.

تطورات النزاع التجاري الأميركي الصيني

في تطور ذي صلة بالنزاعات التجارية، صرّح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يوم الأحد أن الرئيسين ترامب وشي جين بينغ من المتوقع أن يتحدثا قريبًا لمحاولة التوصل إلى حلول للمشكلات التجارية العالقة، بما في ذلك الخلافات حول المعادن الاستراتيجية.

وقد شهد يوم الإثنين رفضًا صريحًا من الصين للاتهامات الأميركية التي وجهها ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتي زعم فيها أن الصين خرقت اتفاقية تجارية تم توقيعها مؤخرًا في جنيف. وأكدت بكين أنها ستتخذ إجراءات لحماية مصالحها الوطنية.

يُذكر أن إدارة ترامب كانت قد اعترفت سابقًا بأن المفاوضات التجارية مع الصين قد توقفت بعد توقيع اتفاقية جنيف، في حين استمرت الصين في انتقاد القيود الأميركية المفروضة على صناعة الرقائق الإلكترونية، واعتبرت أنها تنتهك الاتفاقيات الموقعة.

أدت هذه التوترات إلى خفض آمال المستثمرين في التوصل إلى اتفاق تجاري دائم في المستقبل القريب، حيث أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى فرض تعريفات جمركية أعلى، ما يزيد من الضغط على الاقتصاد العالمي ويدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.

تصريحات محافظ الفيدرالي والر

أعرب كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، عن دعمه لاستمرار تخفيض أسعار الفائدة خلال العام الجاري. وأكد أن تأثير تعريفات ترامب حتى الآن على الاقتصاد الأميركي كان محدودًا، كما أشار إلى أن معدلات التضخم المنخفضة وسوق العمل القوي قد يدعمان هذا التوجه.

غير أن والر حذر من أن هذا السيناريو يعتمد على بقاء التعريفات الجمركية عند مستوياتها الحالية وعدم تصعيدها، كما أشار إلى تزايد القلق بشأن التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، خاصة في ظل الانخفاض الحاد في عوائد سندات الخزانة مؤخرًا.