- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- انخفاض أسعار الذهب مع تراجع الإقبال على الملاذات الآمنة بفعل تقدم المفاوضات التجارية
انخفاض أسعار الذهب مع تراجع الإقبال على الملاذات الآمنة بفعل تقدم المفاوضات التجارية

شهدت أسعار الذهب العالمية تراجعًا ملحوظًا اليوم الاثنين، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أشار فيها إلى إحراز تقدم في عدة اتفاقيات تجارية وإعلانه تمديد الإعفاءات الجمركية لعدد من الدول، ما قلل من الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن التضخم والديون الأميركية وتترقب الأسواق تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
تصريحات ترامب حول التقدم في المفاوضات التجارية
في تصريحات أدلى بها يوم الأحد، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تقترب من إبرام عدة اتفاقيات تجارية خلال الأيام المقبلة، ما أعطى الأسواق إشارة إلى أن التوترات التجارية العالمية قد تنحسر جزئيًا في المدى القريب.
وأضاف ترامب أن واشنطن ستقوم بإبلاغ الدول الأخرى بمعدلات الرسوم الجمركية الجديدة بحلول 9 يوليو، على أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس (آب).
هذا الجدول الزمني أعطى المتعاملين في الأسواق توقعات أوضح بشأن الإطار الزمني للسياسات التجارية المقبلة، وهو ما خفف جزئيًا من القلق الفوري بشأن تصاعد الحرب التجارية.
تمديد الإعفاءات الجمركية لعدد من الدول
إضافة إلى ذلك، أعلن ترامب عن تمديد الإعفاءات الجمركية المؤقتة لعدد من الدول، وهي خطوة أسهمت في تقليل حدة المخاوف من فرض رسوم جمركية واسعة النطاق في الأجل القريب.
وكان ترامب قد أعلن في شهر أبريل فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 10% على معظم الدول، مع رسوم إضافية قد تصل إلى 50%.
إلا أنه أرجأ تطبيق تلك الرسوم – باستثناء نسبة 10% – مانحًا إعفاءً مؤقتًا يمتد لثلاثة أسابيع لمعظم الدول المتأثرة. هذا التمديد الجديد للإعفاءات يشير إلى رغبة الإدارة الأميركية في إتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات التجارية، ويعطي متنفسًا مؤقتًا للشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة.
أثر التمديد والإشارات الإيجابية على معنويات المستثمرين
هذه التصريحات والإجراءات خففت من المخاوف المباشرة بشأن تصعيد النزاعات التجارية، وهو ما قلل من الإقبال على الذهب كملاذ آمن.
المعدن الأصفر يُنظر إليه تقليديًا كأداة تحوّط ضد المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، لذلك فإن أي تهدئة في التوترات التجارية تؤدي عادة إلى تراجع الطلب عليه.
وقال كبير محللي السوق في شركة "أواندا"، كلفن وونغ:
"هذا الإرجاء قصير الأجل (من قبل الولايات المتحدة) يتسبب في هذا الضعف اليومي في سعر الذهب في الوقت الحالي"،
مشيرًا إلى أن التمديد المؤقت للإعفاءات الجمركية كان كافيًا لدفع أسعار الذهب إلى الانخفاض في تعاملات اليوم.
أداء أسعار الذهب والمعادن النفيسة
خلال تعاملات اليوم الاثنين، وبحلول الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت تركيا، تراجعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.8%، لتصل إلى 3306.85 دولار للأونصة.
كما انخفضت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنفس النسبة (0.8%) لتسجل 3315.70 دولار.
ولم يقتصر التراجع على الذهب وحده، بل امتد إلى باقي المعادن النفيسة:
-
هبط سعر الفضة الفوري بنسبة 1.1% ليصل إلى 36.52 دولار للأونصة.
-
تراجع البلاتين بنسبة 2% ليسجل 1363.39 دولار للأونصة.
-
انخفض البلاديوم بنسبة 2% ليصل إلى 1112.53 دولار للأونصة.
هذه التراجعات تعكس إلى حد كبير تراجع الطلب على أصول الملاذ الآمن في ظل انحسار المخاوف الفورية من تصعيد كبير في الرسوم الجمركية، على الأقل في الأجل القريب.
تأثير توقعات التضخم والرسوم الجمركية على السياسة النقدية الأميركية
على الرغم من هذه التهدئة المؤقتة في الحرب التجارية، أثارت التحركات الأميركية مخاوف أوسع بشأن التضخم المحتمل الناتج عن الرسوم الجمركية.
فرض الرسوم الجمركية بنسب عالية، حتى وإن تم تأجيل بعضها، يُتوقع أن يرفع تكلفة السلع المستوردة، وهو ما قد يتسبب في ضغوط تضخمية على الاقتصاد الأميركي.
وقد ساهمت هذه المخاوف في تعديل توقعات السوق حيال مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي).
في السابق، كان المستثمرون يتوقعون خفضًا وشيكًا في أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد في مواجهة التوترات التجارية. لكن هذه المخاوف من التضخم أدت إلى توقعات بتباطؤ وتيرة خفض الفائدة.
عقود الفائدة الآجلة: مؤشرات على مسار أسعار الفائدة
وتُظهر العقود الآجلة لأسعار الفائدة أن المتداولين لم يعودوا يتوقعون خفضًا للفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر بل تتوقع السوق الآن خفضين فقط بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما بحلول نهاية العام هذه التوقعات الجديدة تعكس مزيجًا معقدًا من العوامل:
-
التخفيف المؤقت لمخاطر الحرب التجارية
-
المخاوف من تضخم مدفوع بالرسوم الجمركية
-
ترقب أثر تلك التطورات على النمو الاقتصادي الأميركي والعالمي
الحزمة الضريبية الضخمة وآثارها على الدين العام الأميركي
في سياق اقتصادي آخر يثير مخاوف إضافية في الأسواق، وقع ترامب الأسبوع الماضي على حزمة ضخمة من التخفيضات الضريبية والإنفاق الحكومي في البيت الأبيض.
هذه الحزمة – بحسب تحليلات غير حزبية – من المتوقع أن تضيف أكثر من 3 تريليونات دولار إلى الدين العام الأميركي، الذي بلغ بالفعل 36.2 تريليون دولار.
زيادة الدين بهذا الحجم الكبير قد تؤثر لاحقًا على السياسات المالية والنقدية الأميركية، وتزيد من الأعباء على الاقتصاد الأميركي في المدى الطويل، وهو عامل تراقبه الأسواق عن كثب.
حركة الدولار الأميركي وعلاقتها بالذهب
من جهة أخرى، انخفض مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.3% خلال تعاملات اليوم، بعد أن سجل الأسبوع الماضي ثاني خسارة أسبوعية متتالية.
عادة ما يسهم ضعف الدولار في جعل الذهب المقوم بالدولار أكثر جذبًا للمشترين في الخارج، لأنهم يستطيعون شراء الذهب بسعر أقل بعملاتهم المحلية.
لكن هذا الأثر الإيجابي على أسعار الذهب كان محدودًا اليوم، في ظل الضغوط الأكبر الناتجة عن تهدئة المخاوف التجارية وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة.
أسباب تراجع الذهب
باختصار، يمكن القول إن تراجع أسعار الذهب اليوم جاء نتيجة مزيج معقد من العوامل:
-
تصريحات ترامب الإيجابية بشأن إحراز تقدم في اتفاقيات تجارية.
-
تمديد الإعفاءات الجمركية لعدد من الدول، ما خفف المخاوف الفورية من الحرب التجارية.
-
المخاوف من تضخم مستقبلي مدفوع بالرسوم الجمركية، ما أبطأ توقعات خفض أسعار الفائدة من الفيدرالي الأميركي.
-
الضغوط الناتجة عن زيادة الدين العام الأميركي بفعل حزمة ضخمة من التخفيضات الضريبية والإنفاق الحكومي.
-
في المقابل، حد ضعف الدولار الأميركي من تراجع أسعار الذهب، لكن تأثيره كان محدودًا مقارنة بالعوامل الأخرى.
خلاصة وتحليل
تشير هذه التطورات إلى أن أسعار الذهب تظل شديدة الحساسية لأي إشارات من واشنطن بشأن السياسات التجارية والجمركية، وكذلك للتوقعات الخاصة بالسياسة النقدية الأميركية.
في المدى القريب، قد يستمر الذهب تحت الضغط في حال استمرت لهجة التهدئة التجارية، لكن المخاطر الهيكلية المتمثلة في التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية، وتزايد الدين العام الأميركي، قد تعيد الطلب على الذهب كأداة تحوط في الأجل الأطول، خاصة إذا اضطر الفيدرالي الأميركي إلى الموازنة بين دعم النمو وكبح التضخم.