الذهب يرتفع وسط مخاوف من عودة تعريفات ترامب وترقب لبيانات التضخم الأمريكية

سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً خلال جلسات التداول الآسيوية يوم الأربعاء، مدفوعة بمزيج من القلق المتزايد حيال استمرار التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتفاؤل الحذر بشأن التقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية المنتظرة في وقت لاحق اليوم.

في تطور قضائي بارز، أصدرت محكمة استئناف أمريكية حكماً يسمح باستمرار تطبيق التعريفات التجارية التي فرضها ترامب، رافضة إلغاءها مؤقتاً إلى حين البت النهائي في حكم صادر عن محكمة تجارية أدنى كان قد قضى بوقف تنفيذ هذه الرسوم.

ويترك هذا الحكم خطط "يوم التحرير"، التي تستهدف فرض رسوم جمركية مشددة على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة، قائمة حتى إشعار آخر، مع تحديد موعد نهائي لتنفيذها الكامل في أوائل يوليو المقبل.

هذا القرار أثار موجة من الحذر في الأسواق المالية، ما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب كملاذ آمن، في ظل تزايد احتمالات نشوب توتر تجاري جديد يهدد استقرار التجارة العالمية.

ورغم الدعم الذي تلقاه الذهب من الحكم القضائي الأمريكي، فإن تأثير الأخبار الإيجابية القادمة من جبهة العلاقات الصينية–الأمريكية حدَّ من مكاسب المعدن الثمين.

فقد أعلنت كل من الولايات المتحدة والصين توصلهما إلى اتفاق إطاري جديد للتجارة، في خطوة اعتُبرت تهدئة جزئية للتوترات بين الجانبين.

ووفقاً لما صرح به مسؤولون أمريكيون، فإن الاتفاق الجديد يهدف إلى تعزيز نتائج المباحثات التي عُقدت في مايو الماضي بمدينة جنيف السويسرية، ويتضمن بنوداً تتعلق بتخفيف القيود الأمريكية على صادرات الرقائق الإلكترونية إلى الصين، إلى جانب تسهيل تصدير المعادن النادرة من بكين.

لكن الأسواق لم تترجم هذا الإعلان إلى حركة قوية، في ظل غياب التفاصيل الجوهرية حول الاتفاق، وهو ما جعل المستثمرين يفضلون التريث لحين ظهور مؤشرات ملموسة.

أداء أسعار الذهب اليوم

على وقع هذه التطورات، ارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.6% ليصل إلى 3,341.03 دولار للأونصة، كما صعدت العقود الآجلة للذهب تسليم أغسطس بنسبة مماثلة لتسجل 3,362.25 دولار للأونصة، وذلك بحلول الساعة 07:29 صباحًا بتوقيت السعودية.

جاء هذا الارتفاع متزامناً مع تراجع العقود المستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية خلال جلسات التداول الآسيوية، نتيجة تأثير القرار القضائي، ما دعم مجدداً الطلب على الذهب كأصل دفاعي في أوقات التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية.

ترقب لبيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي

في سياق متصل، يتجه التركيز حالياً نحو صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي (CPI) لشهر مايو، التي من المنتظر أن تصدر لاحقاً اليوم. وتشير التوقعات إلى احتمال تسجيل ارتفاع طفيف في معدلات التضخم، لتظل عند مستويات مرتفعة شبيهة بما شهده الاقتصاد الأمريكي طوال عام 2025.

وقد تباطأت وتيرة التراجع في ضغوط الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، فيما عزت بعض الجهات الاقتصادية هذه الظاهرة إلى تداعيات استمرار التعريفات التجارية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما ساهم في رفع تكلفة المعيشة للمستهلكين.

وأدى هذا الترقب إلى ارتفاع الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات، وهو ما حدّ نسبياً من مكاسب أسواق المعادن الثمينة، نظراً للعلاقة العكسية المعتادة بين العملة الأمريكية وأسعار السلع المسعرة بها.

المعادن الثمينة تواصل المكاسب

في ضوء هذه المستجدات، شهدت أسعار المعادن الثمينة الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً:

• ارتفعت العقود الآجلة للبلاتين بنسبة 1.4% إلى 1,237.50 دولار للأونصة، لتبقى قريبة من أعلى مستوى لها منذ أكثر من أربع سنوات.

• كما صعدت العقود الآجلة للفضة بنسبة 0.3% إلى 36.765 دولار للأونصة، محافظة على موقعها بالقرب من أعلى مستوياتها منذ ما يزيد عن 13 عاماً.

النحاس يرتفع مع استمرار الزخم الإيجابي في أسواق المعادن الصناعية

أما على صعيد المعادن الصناعية، فقد سجلت أسعار النحاس مكاسب طفيفة مدعومة بتفاؤل حذر في الأسواق الآسيوية:

• ارتفعت العقود الآجلة للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.2% إلى 9,770.03 دولار للطن.

• كما صعدت العقود الآجلة للنحاس الأمريكي بنسبة 0.2% إلى 4.8970 دولار للرطل.

ويترقب المتعاملون حالياً تأثير أي تغير محتمل في السياسات النقدية الأمريكية بعد صدور بيانات التضخم، ما قد يعيد توجيه بوصلة السوق نحو الذهب والمعادن ككل.

خلاصة وتوقعات: الذهب بين دعم سياسي وضغوط نقدية

يجد الذهب نفسه حالياً عند مفترق طرق بين دعم سياسي ناتج عن التوترات التجارية ومخاطر الجغرافيا السياسية، وبين ضغوط اقتصادية تتمثل في صعود الدولار واحتمال تثبيت الفائدة الأمريكية.

وتُجمع الأسواق على أن أي مفاجآت في بيانات التضخم اليوم قد تعيد تشكيل خريطة تدفقات رؤوس الأموال نحو الأصول الآمنة، ما قد يمنح الذهب دفعة جديدة نحو مستويات قياسية، أو يعيده إلى نطاق التذبذب الضيق الذي سجله في الأسابيع الأخيرة.