ارتفاع أسعار الذهب وسط تصاعد التوترات التجارية وخطط ترامب لفرض رسوم جمركية واسعة
سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا يوم الجمعة مدعومة بتزايد الطلب على الملاذات الآمنة وسط تصاعد الحرب التجارية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على كندا وتهديدات أوسع ضد شركاء تجاريين آخرين، في وقت حدت فيه قوة الدولار من مكاسب المعدن الثمين. يأتي ذلك في ظل ترقب الأسواق لسياسة الفائدة الأميركية وتأثيرها على حركة الذهب والدولار معًا.
أداء أسعار الذهب اليوم
ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الكندية، إضافة إلى تهديدات بفرض رسوم أوسع نطاقًا على شركاء تجاريين آخرين.
هذا التصعيد في الحرب التجارية العالمية عزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين القلقين من تداعيات السياسات الحمائية.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إشارات ترامب المتكررة إلى إمكانية فرض حزمة واسعة من الرسوم على واردات من دول أخرى مثل البرازيل واليابان وكوريا الجنوبية، ما زاد من المخاوف بشأن اضطراب سلاسل التوريد العالمية وتأثيره على النمو الاقتصادي.
تأثير قوة الدولار على أسعار الذهب
رغم الدعم الذي حصل عليه الذهب من تصاعد التوترات التجارية، حدّ من مكاسبه صعود الدولار الأميركي فقد ارتفعت عقود مؤشر الدولار بحوالي 0.16% إلى 97.47، ويتجه المؤشر نحو تسجيل أفضل أداء أسبوعي منذ 24 فبراير.
عادةً ما تجعل قوة الدولار الذهب أكثر تكلفة للمشترين بعملات أخرى، مما يضغط على الطلب العالمي عليه. وأشار محللون إلى أن العلاقة العكسية بين الدولار والذهب ظلت حاضرة في هذه الجولة من التوترات التجارية، رغم الدعم الذي حصل عليه المعدن الثمين كملاذ آمن.
أسعار الذهب عند التسوية والتداولات الفورية
-
عند تسوية تعاملات الخميس، ارتفعت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم أغسطس بنسبة 0.14% أو ما يعادل 4.7 دولار لتصل إلى 3,325.70 دولار للأوقية.
-
في تعاملات الجمعة الفورية، صعد الذهب بنسبة 0.45% ليصل إلى 3,338 دولار للأوقية عند الساعة 11:45 بتوقيت تركيا.
-
كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.68% إلى 3,348 دولار للأوقية.
تصريحات ترامب وخطط الرسوم الجمركية
كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن يوم الخميس أن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 35% على الواردات الكندية، بالإضافة إلى خطط لفرض رسوم جمركية موحدة بنسبة تتراوح بين 15% و20% على معظم الشركاء التجاريين الآخرين.
وجاء هذا الإعلان بعد خطوة سابقة يوم الأربعاء حين كشف ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس وضريبة مماثلة على السلع من البرازيل. جميع هذه الرسوم من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس.
وبحسب "رويترز"، شملت إخطارات الرسوم الجمركية شركاء تجاريين آخرين من بينهم اليابان وكوريا الجنوبية، ما يسلط الضوء على سياسة ترامب المتقلبة والحمائية والتي أثارت قلق الأسواق العالمية.
آراء المحللين في تأثير الرسوم على الذهب
قال "تيم ووترر"، كبير محللي السوق في شركة "KCM Trade"، إن "خطوات ترامب الأخيرة ضد كندا أعطت دفعة لسعر الذهب، حيث ارتفع الطلب على الملاذ الآمن كرد فعل على تلك التطورات". لكنه أضاف: "مع ذلك، قد لا تستمر هذه الزيادة إذا اعتقد المستثمرون أن المفاوضات التجارية ستُسهم في خفض التصعيد بشأن الرسوم".
وأوضح ووترر أيضًا أن صعود الدولار تزامنًا مع ارتفاع الذهب قد قلص من مكاسب المعدن الثمين، لأن قوة الدولار تجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الدوليين.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر الارتفاع على الذهب وحده، بل شمل أيضًا المعادن النفيسة الأخرى:
-
ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 1% لتصل إلى 37.41 دولار للأوقية، ثم في معاملة لاحقة بنسبة 0.4% إلى 37.17 دولار للأونصة.
-
تراجع البلاتين بنسبة 0.3% إلى 1,356.83 دولار، ثم هبط بنسبة 0.2% إلى 1,358.61 دولار.
-
صعد البلاديوم بنسبة 0.3% ليصل إلى 1,145.72 دولار، ثم زاد بنسبة 0.2% إلى 1,143.55 دولار.
التوترات التجارية تدعم الطلب على الملاذات الآمنة
يبرز تصاعد الحرب التجارية بقيادة إدارة ترامب كعامل رئيسي في دعم أسعار الذهب على المدى القصير والمتوسط. إذ زادت الرسوم الجمركية المقترحة على دول مثل كندا والبرازيل من المخاوف بشأن ركود عالمي محتمل، ما دفع المستثمرين للبحث عن أصول آمنة مثل الذهب.
ورغم أن الأسواق أصبحت أكثر "اعتيادًا" على أسلوب ترامب التصادمي في السياسة التجارية، فإن المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية المصاحبة لهذه الإجراءات لا تزال تخلق طلبًا إضافيًا على الذهب.
الذهب والدولار وأسعار الفائدة الأميركية
في جانب آخر، كان المستثمرون يقيّمون توقعات أسعار الفائدة الأميركية فقد أبقى صناع السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي على تكاليف الاقتراض دون تغيير هذا العام، لكن بدأت تظهر انقسامات داخلية بشأن عدد مرات خفض الفائدة المحتملة في النصف الثاني من العام.
وقالت "ماري دالي"، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إنها ما تزال تتوقع خفضين في الفائدة، مشيرة إلى أن آثار الرسوم الجمركية على الأسعار قد تكون أكثر اعتدالًا من المتوقع. عمومًا، تُعد أسعار الفائدة المنخفضة عاملًا داعمًا للذهب، لأنها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائدًا.
الأداء السنوي للذهب والدعم الإضافي
تجدر الإشارة إلى أن الذهب ارتفع بأكثر من 25% منذ بداية العام، مسجلًا رقمًا قياسيًا تجاوز 3,500 دولار للأونصة في أبريل. هذا الصعود الكبير جاء مدعومًا بعدة عوامل، من أبرزها:
-
التوترات الجيوسياسية.
-
الحرب التجارية وتصاعد الحمائية.
-
عمليات الشراء القوية من البنوك المركزية.
-
توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية.
-
ضعف الثقة في استقرار الاقتصاد العالمي على المدى الطويل.
المخاوف العالمية مستمرة
لا تزال مساعي ترامب المتقلبة لإعادة تشكيل السياسات التجارية تشكل مصدر قلق دائم للأسواق، ما يعزز الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب كما أن المخاوف بشأن الأثر بعيد المدى لهذه الرسوم على سلاسل التوريد والنمو العالمي تضيف المزيد من الدعم للأسعار، وتجعل المستثمرين أكثر حذرًا في تنويع محافظهم الاستثمارية.
خاتمة
في ظل تصاعد التوترات التجارية وقوة الدولار، يواجه الذهب حالة شد وجذب بين الطلب عليه كملاذ آمن وضغوط ارتفاع العملة الأميركية. ومع استمرار إدارة ترامب في نهجها الحمائي وتزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، من المرجح أن يظل الذهب عنصرًا مركزيًا في استراتيجيات التحوط للمستثمرين في الفترة المقبلة.