شهدت أسعار الذهب استقرارًا خلال تعاملات اليوم الخميس، وذلك بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في أكثر من شهر، مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية عقب صدور بيانات التضخم الأساسي الضعيفة. ومع ذلك، أثرت أخبار التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس على مكاسب المعدن النفيس، مما حدّ من تحقيق المزيد من الارتفاعات.
تأثير بيانات التضخم الأمريكية على أسعار الذهب
سجل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة تباطؤًا غير متوقع خلال الشهر الماضي، ما أثار تفاؤلًا واسعًا بين المستثمرين بشأن احتمالية أن يتبنى الاحتياطي الفيدرالي سياسة نقدية أقل تشددًا خلال الفترة المقبلة.
وتعليقًا على ذلك، قال جيجار تريفيدي، كبير المحللين في شركة "ريلاينس سيكيوريتيز":
"إن تباطؤ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة جدد الآمال في سياسة أقل تقييدًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي هذا العام. حيث تباطأ التضخم الأساسي بشكل غير متوقع، بينما لم تظهر أسعار المستهلك الرئيسية أي مفاجآت تصاعدية كبيرة."
وأضاف تريفيدي أن تراجع التضخم الأساسي يساهم في تخفيف الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي، مما يزيد من احتمالية خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وأوضح أن هذه الخطوة ستقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، نظرًا لكونه أصلًا لا يدر عائدًا.
تعزيز التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية
ارتفعت احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بعد صدور بيانات التضخم الأخيرة. وأشار متداولو العقود الآجلة للفائدة يوم الأربعاء إلى أن هناك احتمالات متساوية تقريبًا بأن يقوم البنك المركزي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة مرتين بحلول نهاية هذا العام، مع توقع أن يكون أول خفض في يونيو المقبل.
وأكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن تباطؤ التضخم يعد مؤشرًا إيجابيًا، لكنه يأتي مصحوبًا بتحفظات بشأن حالة عدم اليقين الاقتصادي في الأشهر المقبلة. كما أثار المسؤولون مخاوف من تأثير سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، حيث قد يؤدي فرض رسوم جمركية محتملة إلى تعزيز الضغوط التضخمية، مما قد يعيد تشكيل توجهات السياسة النقدية.
اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس
في سياق منفصل، أعلنت إسرائيل وحركة حماس عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يتضمن تبادل الأسرى. أدى هذا الاتفاق إلى تهدئة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، مما حدّ من جاذبية الذهب كملاذ آمن، وفقًا لتصريحات جيجار تريفيدي.
ورغم أن الذهب يُعرف تاريخيًا بجاذبيته خلال فترات الأزمات والتوترات الجيوسياسية، إلا أن تراجع التهديدات في الشرق الأوسط نتيجة هذا الاتفاق قلل من الدعم الإضافي الذي كان من الممكن أن يحصل عليه المعدن النفيس.
أداء الذهب والمعادن النفيسة في الأسواق
أسعار الذهب الفورية والعقود الآجلة
- الذهب الفوري: استقرت الأسعار عند 2697 دولارًا للأوقية، بعد أن سجلت أعلى مستوى لها منذ 12 ديسمبر في وقت سابق من الجلسة.
- العقود الآجلة للذهب: شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.3% لتصل إلى 2726 دولارًا للأوقية.
- إغلاق الأربعاء: ارتفعت العقود الآجلة للذهب تسليم فبراير 2025 بنسبة 1.3% أو ما يعادل 35.5 دولارًا لتصل إلى 2717.8 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ منتصف ديسمبر 2024، حيث بلغت الأسعار آنذاك 2756.7 دولارًا.
أداء الدولار الأمريكي
على الجانب الآخر، استقرت عقود مؤشر الدولار الأمريكي عند مستوى 108.91 نقطة. ضعف الدولار خلال الجلسات الأخيرة كان عاملاً إضافيًا ساهم في دعم أسعار الذهب، حيث يُصبح المعدن أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى عند تراجع قيمة الدولار.
أسعار المعادن النفيسة الأخرى
- الفضة: استقرت عند 30.66 دولارًا للأوقية، متأثرة بعدم وجود تغييرات كبيرة في الطلب أو العرض خلال الجلسة.
- البلاديوم: تراجع بنسبة 1% ليصل إلى 951 دولارًا للأوقية، في ظل توقعات بانخفاض الطلب الصناعي عليه.
- البلاتين: انخفض بنسبة 0.2% ليصل إلى 936.45 دولارًا للأوقية.
العوامل المؤثرة في الأسواق وتوقعات المستقبل
يبقى المستثمرون في حالة ترقب لأي إشارات جديدة من الاحتياطي الفيدرالي حول سياساته النقدية خلال الفترة المقبلة. ويأتي هذا في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن التوجهات الاقتصادية للإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
من جهة أخرى، تبقى التوترات الجيوسياسية عاملًا مؤثرًا على أسعار الذهب، رغم تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط مؤخرًا. كما أن استمرار ضعف التضخم قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى تسريع وتيرة تخفيض أسعار الفائدة، مما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن وأصل استثماري مربح.
الخلاصة : رغم تأثيرات اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، لا يزال الذهب يحافظ على جاذبيته في الأسواق العالمية بدعم من توقعات خفض الفائدة الأمريكية وضعف الدولار. ومع ترقب الأسواق للقرارات القادمة من الاحتياطي الفيدرالي، يبقى الذهب تحت المجهر كواحد من أبرز الأصول الاستثمارية التي يعتمد عليها المستثمرون لحماية محافظهم في ظل تقلبات الأسواق الاقتصادية والجيوسياسية.
ومع بقاء العوامل المؤثرة متشابكة بين السياسة النقدية الأمريكية والأوضاع الجيوسياسية، من المتوقع أن يستمر الذهب في التحرك ضمن نطاقات ضيقة، مع فرص لتحقيق مكاسب إضافية إذا تصاعدت المخاطر العالمية أو تم تأكيد تخفيضات إضافية للفائدة خلال العام.
