الذهب يتكبد خسارة أسبوعية بفعل بيانات التضخم الأميركية المرتفعة وتراجع رهانات خفض الفائدة

شهدت أسواق المعادن والعملات العالمية، يوم الجمعة 15 أغسطس/ آب، حالة من التذبذب الواضح، حيث استقرت أسعار الذهب عند التسوية، لكنها سجلت خسارة أسبوعية ملحوظة بفعل تأثير بيانات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة، والتي قلّصت من توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

وفي الوقت نفسه، تراجع الدولار الأميركي ليسجل خسارة أسبوعية وسط حذر المستثمرين من مستقبل السياسة النقدية، بينما تحول تركيز الأسواق إلى القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الأزمة الأوكرانية.

أداء أسعار الذهب

استقرت أسعار الذهب في ختام تعاملات الجمعة، حيث بلغ سعر المعدن الأصفر في المعاملات الفورية 3336.66 دولار للأونصة، بينما استقرت العقود الأميركية الآجلة للذهب عند 3382.6 دولار للأونصة.

وعلى الرغم من هذا الاستقرار اليومي، تكبد الذهب خسارة أسبوعية بلغت 1.8% نتيجة تصاعد المخاوف بشأن الضغوط التضخمية وتراجع رهانات المستثمرين على خفض قوي لأسعار الفائدة في الفترة المقبلة.

الدولار الأميركي يتكبد خسارة أسبوعية

تراجع الدولار الأميركي خلال تعاملات يوم الجمعة 15 أغسطس/ آب، مسجلاً خسارة أسبوعية، حيث واصل المستثمرون توخي الحذر فيما يتعلق بتوقعات معدلات الفائدة بعد صدور بيانات اقتصادية مرتبطة بأسعار الواردات والتضخم.

ولم يتلق الدولار دعماً يذكر من بيانات وزارة العمل التي أظهرت انتعاش أسعار الواردات الأميركية في يوليو/ تموز بدعم من ارتفاع تكاليف السلع الاستهلاكية، حيث بقيت الضغوط التضخمية العامل الأكثر تأثيراً على الأسواق.

وجاء هذا التراجع متزامناً مع انخفاض مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة مكونة من ست عملات رئيسية – بنحو 0.27% ليسجل 97.989 نقطة وهو ما ساعد في الحد من خسائر الذهب ودعمه نسبياً في الجلسة الأخيرة من الأسبوع.

التضخم الأميركي ومعضلة السياسة النقدية للفيدرالي

أصبحت معادلة السياسة النقدية أكثر تعقيداً بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث أشار جوزيف كاربوسو، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في الكومنولث الأسترالي، إلى أن الجمع بين ارتفاع معدلات التضخم من جانب وضعف نمو الوظائف من جانب آخر يشكل معضلة صعبة أمام صناع القرار النقدي في الولايات المتحدة.

وأوضح أن هذه الإشكالية من المرجح أن يتناولها جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، في خطابه المرتقب الأسبوع المقبل خلال المؤتمر السنوي للبنوك المركزية في جاكسون هول، وهو الحدث الذي توليه الأسواق العالمية اهتماماً بالغاً لرصد أي إشارات عن توجهات السياسة النقدية المقبلة.

بيانات اقتصادية متباينة

ارتفاع أسعار المنتجين

أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية الصادرة يوم الخميس أن مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 3.3% على أساس سنوي خلال يوليو/ تموز، وهو ما يمثل أكبر زيادة في ثلاث سنوات كاملة، متجاوزاً التوقعات التي كانت عند مستوى 2.5%.

طلبات إعانة البطالة

في المقابل، كشفت البيانات ذاتها أن طلبات إعانة البطالة الأسبوعية تراجعت إلى 224 ألف طلب فقط، مقارنة بتقديرات عند 228 ألف طلب، وهو ما يعكس قدراً من الصلابة في سوق العمل الأميركي رغم التحديات التضخمية.

أسعار المستهلكين

وكانت بيانات يوم الثلاثاء قد أشارت إلى ارتفاع طفيف لمؤشر أسعار المستهلك الأميركي خلال يوليو/ تموز، الأمر الذي دعم في البداية توقعات المستثمرين بإمكانية خفض أسعار الفائدة في اجتماع الفيدرالي المرتقب في سبتمبر/ أيلول.

غير أن بيانات أسعار المنتجين الأقوى من المتوقع قلّصت هذه التوقعات، وأضعفت الرهانات على خفض كبير للفائدة بواقع نصف نقطة مئوية، ليقتصر التوقع السائد حالياً على خفض بواقع ربع نقطة فقط.

تأثير معدلات الفائدة على جاذبية الذهب

عادة ما تزداد جاذبية الذهب – الذي لا يدر عائداً ثابتاً – في بيئة تسودها معدلات الفائدة المنخفضة، حيث يفضله المستثمرون كملاذ آمن مقارنة بالأصول ذات العائد مثل السندات.

ومع ذلك، فإن البيانات التضخمية الأخيرة أعادت بعض الشكوك للأسواق حول حجم وتوقيت خفض الفائدة، مما ضغط على أسعار المعدن الأصفر ودفعه لتسجيل خسارة أسبوعية رغم استقراره في نهاية تعاملات الجمعة.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

لم يكن الذهب وحده في دائرة الضوء، إذ شهدت بقية المعادن النفيسة حراكاً متفاوتاً في الأسواق العالمية:

• ارتفعت أسعار الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% لتصل إلى 37.89 دولار للأونصة.

• تراجع البلاتين بنسبة 0.3% ليسجل 1351.78 دولار للأونصة.

• هبط البلاديوم بنسبة 0.4% إلى 1140.69 دولار للأونصة.

توقعات الأسواق واحتمالات خفض الفائدة

وفقاً لأداة CME FedWatch، انخفضت توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية في اجتماع ديسمبر/ كانون الأول إلى حوالي 85% بعد أن كانت عند 92% قبل يوم واحد فقط.

وجاء هذا التراجع في التوقعات نتيجة تقييم الأسواق لبيانات التضخم وسوق العمل التي صدرت خلال الأسبوع، والتي حملت إشارات متباينة حول الضغوط التضخمية في أكبر اقتصاد في العالم.

خلاصة

يمكن القول إن الأسواق العالمية اختتمت أسبوعها على وقع مزيج من التقلبات الاقتصادية والانتظارات السياسية: الذهب استقر في آخر جلسة لكنه سجل خسارة أسبوعية، الدولار تراجع بفعل مخاوف التضخم والفائدة، والأسواق تترقب عن كثب تطورات السياسة النقدية الأميركية إلى جانب القمة السياسية بين واشنطن وموسكو.