أسعار الذهب تنخفض وتتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية وسط تراجع توقعات خفض الفائدة
تشهد أسعار الذهب ضغوطاً متزايدة تدفعها نحو تسجيل انخفاض أسبوعي، نتيجة قوة الدولار الأميركي وتراجع التوقعات بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتي عادةً ما تدعم الطلب على الملاذات الآمنة.
أداء أسعار الذهب
سجلت أسعار الذهب تراجعاً في التعاملات الآسيوية ليوم الجمعة، مدفوعة بانخفاض في الطلب على الأصول الآمنة، بعد تصريحات من البيت الأبيض أفادت بأن ضربة أمريكية محتملة ضد إيران ليست وشيكة. هذه التصريحات هدّأت مؤقتاً مخاوف السوق بشأن تصعيد عسكري مباشر بين واشنطن وطهران، ما شجع بعض المستثمرين على العودة إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى.
وفي ظل هذا الانفراج المؤقت، تراجع الذهب الفوري بنسبة 0.60% ليسجل 3,350 دولارًا للأونصة عند الساعة 10:45، مما يجعل خسائره الأسبوعية تصل إلى نحو 2.5%.
كما انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 1.24% لتبلغ 3,365 دولارًا للأونصة.
تشدد الاحتياطي الفيدرالي يعزز قوة الدولار
ظل المعدن النفيس تحت ضغط منذ بداية الأسبوع، نتيجة التصريحات المتشددة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. حيث قرر الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه أشار إلى خفضين فقط هذا العام بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما، وهو ما خالف توقعات الأسواق التي كانت تأمل بخفض أكثر حدة وتكراراً.
هذا الموقف المتشدد أدى إلى تعزيز قوة الدولار الأميركي، مما رفع من تكلفة شراء الذهب بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، وبالتالي أثر سلباً على الطلب.
ورغم تسجيل الدولار تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.1% يوم الجمعة، إلا أنه في طريقه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي له منذ أكثر من شهر، مع استقرار مؤشر الدولار عند 98.25 نقطة.
تطورات سياسية تُربك الأسواق رغم التهدئة المؤقتة
أشار البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتخذ قراراً خلال أسبوعين بشأن تدخل محتمل في الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران. وعلى الرغم من أن هذا التصريح هدّأ من التوقعات بشأن ضربة وشيكة، إلا أن ذكر "أسبوعين" أثار حيرة في الأسواق، نظراً لسوابق مشابهة للرئيس الأميركي باستخدام هذا الإطار الزمني دون تنفيذ فعلي.
وقال "كلفن وونغ"، كبير المحللين لدى شركة أواندا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إن الوضع في الشرق الأوسط لا يزال "متقلباً"، ما يدفع المتداولين إلى تجنّب اتخاذ مراكز كبيرة سواء في الشراء أو البيع.
وأضاف أن تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، والذي استمر لثمانية أيام متتالية، يُبقي الأسواق في حالة تأهب رغم بعض إشارات التهدئة من الجانب الأميركي.
تحليل من بنك ANZ: العوامل الاقتصادية لا تدعم الذهب
في مذكرة بحثية لبنك ANZ، أوضح المحللون أن "ثبات عوائد السندات، وتجدد قوة الدولار، إلى جانب انخفاض توقعات السوق بشأن عدد مرات خفض الفائدة، كلها عوامل ساهمت في ضعف أسعار الذهب".
وأشار البنك إلى أن "التوقعات التضخمية المتزايدة، والموقف الحذر للفيدرالي" قد أثّرتا على شهية المستثمرين تجاه الذهب كتحوط ضد التضخم، خصوصًا مع غياب مؤشرات على تحركات نقدية تيسيرية كبيرة من البنك المركزي الأميركي في الوقت الراهن.
أداء باقي المعادن النفيسة والصناعية
إلى جانب الذهب، شهدت باقي المعادن النفيسة تقلبات ملحوظة:
-
الفضة الفورية تراجعت بنسبة 1.50% إلى 35.84 دولارًا للأونصة.
-
البلاديوم انخفض بنسبة 0.8% ليصل إلى 1,042.04 دولارًا للأونصة.
-
البلاتين سجل تراجعاً بنسبة 1.9% إلى 1,282.72 دولارًا للأونصة، إلا أنه لا يزال في طريقه لتحقيق ثالث مكاسب أسبوعية متتالية، مدعوماً بارتفاع الطلب الصناعي وتحسن توقعات السوق بشأن الإمدادات.
أما في أسواق المعادن الصناعية:
-
انخفضت عقود النحاس القياسية في بورصة لندن بنسبة 0.3% إلى 9,602.05 دولار للطن.
-
كما تراجعت عقود النحاس الأميركية بنسبة 0.9% إلى 4.7650 دولار للرطل.
خلاصة وتوقعات مستقبلية
رغم أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط كانت تدعم الذهب كملاذ آمن في بداية الأسبوع، فإن العوامل الاقتصادية، وعلى رأسها تشدد الاحتياطي الفيدرالي وقوة الدولار، رجحت كفة الهبوط.
ويبقى مسار أسعار الذهب في المدى القصير مرهوناً بتطورات الموقف الأميركي تجاه إيران، وقرارات السياسة النقدية القادمة، إلى جانب تحركات الدولار والعوائد على السندات الأميركية.
الأسواق حالياً في حالة ترقب وانتظار، ومع انقضاء المهلة "الأسبوعين" التي أشار إليها ترامب، قد نشهد تقلبات قوية تؤثر على المعدن الأصفر ومجمل الأسواق العالمية.