الذهب يسجل أعلى مستوى في أسبوع وسط ضعف الدولار والضبابية المالية في أمريكا
قفزت أسعار الذهب اليوم إلى أعلى مستوياتها منذ أسبوع، بدعم من تراجع الدولار الأميركي وتنامي الإقبال على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد حالة الغموض المالي في الولايات المتحدة، خاصة مع استمرار الجدل حول مشروع قانون الضرائب المقترح من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
هذا الأداء يأتي بالتزامن مع تدهور نظرة المستثمرين تجاه الدولار، وسط مؤشرات سلبية على مستوى الأداء الاقتصادي والسياسة المالية الأميركية.
أداء أسعار الذهب اليوم
ارتفعت أسعار الذهب في التعاملات المبكرة من جلسة الأربعاء لتبلغ أعلى مستوياتها منذ أسبوع، مدفوعة بانخفاض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 8 مايو/أيار، مما زاد من جاذبية المعدن الأصفر المقوم بالدولار لحائزي العملات الأخرى.
وقال "إدوارد مائير"، المحلل في شركة «ماريكس»، إن "مؤشر الدولار تراجع بأكثر من نقطة مئوية كاملة خلال 24 ساعة، تحت تأثير عاملين رئيسيين: أولاً، خفض التصنيف الائتماني من وكالة موديز، وثانياً، الغموض السياسي والمالي المتعلق بمشروع قانون الضرائب الجديد المقترح من إدارة ترامب".
مشروع قانون الضرائب يثير الانقسام داخل الكونغرس
في سياق متصل، تستمر حالة عدم الاستقرار المالي في واشنطن، حيث يواجه الرئيس ترامب معارضة داخل حزبه الجمهوري تجاه مشروعه الشامل لخفض الضرائب. وعلى الرغم من محاولاته لتوحيد الصفوف يوم الثلاثاء، إلا أن عدداً من النواب الجمهوريين لا يزالون يرفضون دعم المشروع، مما يهدد بعرقلة تمريره في الكونغرس.
هذا الاضطراب السياسي يعمّق من المخاوف في الأسواق بشأن مستقبل السياسة المالية الأميركية، ويُضعف الثقة في استقرار الدولار، وهو ما يدفع المستثمرين للجوء إلى الذهب كملاذ آمن في هذه المرحلة الحساسة.
الذهب مرشح لمزيد من الصعود رغم احتمالات التهدئة التجارية
بحسب "تيم ووترر"، كبير محللي السوق في شركة "KCM"، فإن الذهب مرشح لمزيد من الارتفاعات خلال المدى المتوسط إلى الطويل، نظراً لتزايد حالة عدم اليقين المالي والجيوسياسي، لكنه حذر من أن الأخبار الإيجابية المفاجئة حول الاتفاقات التجارية، خصوصاً بين الولايات المتحدة والصين، قد تؤدي مؤقتاً إلى تقليص مكاسب الذهب.
خيارات العملات تظهر تشاؤماً قياسياً تجاه الدولار
من أبرز المؤشرات على ضعف الدولار، تسجيل مؤشر انعكاسات المخاطر لمدة عام – وهو أداة رئيسية لتقييم توجهات المستثمرين في سوق الخيارات – أدنى مستوى له على الإطلاق عند سالب 27 نقطة أساس، ما يعكس تفوقاً واضحاً لخيارات البيع على الشراء بالنسبة لمؤشر "بلومبرغ" للدولار.
هذا الرقم غير المسبوق، وفقاً لبيانات "بلومبرغ" منذ 2011، يشير إلى أن متداولي العملات أكثر تشاؤماً من أي وقت مضى تجاه أداء الدولار خلال الاثني عشر شهراً القادمة، وهو مستوى يتجاوز حتى مستويات التشاؤم التي سادت خلال أزمة كورونا قبل خمس سنوات.
الأداء السيء للدولار منذ بداية العام يثير القلق
منذ بداية عام 2025، فقد مؤشر بلومبرغ الفوري للدولار أكثر من 6% من قيمته، ما يمثل أسوأ أداء يسجله المؤشر لبداية سنة منذ إنشائه قبل أكثر من 20 عاماً. وعلى الرغم من حدوث تهدئة نسبية في التوترات التجارية مع الصين في وقت سابق من هذا الشهر، إلا أن الدولار استمر في التراجع، حيث أغلق المؤشر يوم الثلاثاء على انخفاض بنسبة 0.2% للجلسة الثانية على التوالي.
وقالت "كاثي جونز"، كبيرة استراتيجيي الدخل الثابت في شركة "تشارلز شواب"، إن النظرة المستقبلية السلبية تجاه الدولار ما تزال قائمة، مضيفة: "الهدوء في الجبهة التجارية مؤقت ولا يعالج الأسباب الهيكلية الكامنة وراء تراجع الثقة بالدولار".
العجز الفيدرالي تحت المجهر مع تقدم قانون الضرائب
يُعد الوضع المالي الداخلي في الولايات المتحدة، خصوصاً فيما يتعلق بتضخم العجز الفيدرالي، أحد العوامل الرئيسية التي تدعم الرهانات ضد الدولار. مع تقدم مشروع قانون الضرائب الذي اقترحه ترامب في الكونغرس، يتزايد القلق من تأثيراته المحتملة على العجز، ما يدفع المستثمرين للتحوّط عبر الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
أداء الذهب والمعادن الثمينة في الأسواق
شهدت أسعار الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعاً بنسبة 0.88% لتصل إلى 3,318.97 دولاراً للأونصة، مسجلة بذلك أعلى مستوياتها منذ 12 مايو/أيار. كما زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 1.08% لتبلغ 3,319.69 دولاراً عند الساعة 09:40 صباحاً بتوقيت تركيا.
أما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، فقد كانت التداولات على النحو التالي:
-
الفضة: ارتفعت بنسبة 0.50% إلى 33.340 دولاراً للأونصة.
-
البلاتين: تراجع بنسبة 0.89% إلى 1,051.30 دولاراً.
-
البلاديوم: انخفض بنسبة 1.07% إلى 1,015.50 دولاراً، مسجلاً أعلى مستوى له منذ 4 فبراير.
-
عقود النحاس: ارتفعت بنسبة 0.63% إلى 4.7020 دولاراً.
خلاصة: الأسواق في مرحلة تحوّل... والذهب يبقى الرهان الآمن
في ظل استمرار حالة عدم اليقين حول السياسة المالية الأميركية ومستقبل الدولار، يبدو أن الذهب يواصل الاستفادة من دوره كملاذ آمن، خاصة مع تزايد الرهانات على مزيد من الضعف في أداء الدولار خلال الفترة المقبلة.
وفي المقابل، فإن أي انفراج مفاجئ في الملفات الجيوسياسية أو المالية قد يعيد بعض التوازن المؤقت للأسواق، لكن الاتجاه العام يبدو داعماً لاستمرار الطلب على الذهب.