أسعار الذهب ترتفع لأعلى مستوى لها منذ شهر بدعم ضعف الدولار وتصاعد التوترات التجارية

ارتفعت أسعار الذهب لتسجّل أعلى مستوياتها منذ منتصف يونيو، وسط ضعف في أداء الدولار الأميركي وتراجع في عوائد سندات الخزانة، في ظل تصاعد القلق من تفاقم التوترات التجارية العالمية قبيل مهلة الأول من أغسطس التي حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية جديدة.

وتترقّب الأسواق قرارات مرتقبة من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، ما يدفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب.

أداء أسعار الذهب اليوم

ارتفعت أسعار الذهب خلال تداولات يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من شهر، مدفوعة بمجموعة من العوامل المحفزة أبرزها ضعف الدولار الأميركي وتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية، إلى جانب تصاعد حالة عدم اليقين العالمي بشأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الدوليين، خاصة أوروبا.

وتزامنت هذه الارتفاعات مع بروز مؤشرات واضحة على عودة موجة العزوف عن الأصول عالية المخاطر، حيث بات المستثمرون أكثر حذرًا تجاه التطورات الجيوسياسية والاقتصادية مع اقتراب موعد دخول قرارات جمركية أميركية جديدة حيز التنفيذ في الأول من أغسطس، ما دفع الكثيرين للتحوّط من خلال الذهب.

تشير البيانات إلى أن الذهب سجّل ارتفاعاً تجاوز 25% منذ بداية العام الجاري، بدعم من استمرار حالة عدم اليقين العالمية وتزايد التوترات في عدة مناطق جيوسياسية، أبرزها الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى سياسة الولايات المتحدة التجارية العدوانية تجاه حلفائها وشركائها التجاريين.

وقد شكّلت هذه العوامل بيئة مثالية لتزايد الطلب على الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، في الوقت الذي يبحث فيه المستثمرون عن أدوات تحوط ضد المخاطر الاقتصادية والنقدية.

تصريحات البيت الأبيض ترفع منسوب القلق

زادت حالة القلق في الأسواق بعد تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التي أكدت أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد يُصدر المزيد من القرارات الجمركية الأحادية قبل الموعد النهائي في الأول من أغسطس، ما يرفع احتمالية حدوث تصعيد تجاري جديد، لا سيما مع الشركاء الأوروبيين.

هذا التوجه التصعيدي ساهم في دفع الدولار الأميركي لتسجيل أسوأ أداء يومي له منذ قرابة الشهر، وهو ما جعل الذهب، المقوّم بالدولار، أقل كلفة لحاملي العملات الأخرى، ما ساهم في ارتفاع الطلب عليه بشكل إضافي.

تحليلات السوق

أشار كبير المحللين في السوق لدى شركة "أواندا"، كلفن وونغ، إلى أن "الزخم الصعودي في أسعار الذهب مؤخرًا يعود إلى مجموعة من العوامل التقنية الإيجابية، إلى جانب ضعف الدولار الأميركي الواسع النطاق".

وأضاف وونغ أن هذه العوامل قد تواصل دعم الذهب خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع بقاء حالة عدم اليقين قائمة بشأن آفاق المفاوضات التجارية وقرارات السياسة النقدية القادمة.

الدولار عند أدنى مستوياته في أسبوع 

كان مؤشر الدولار الأميركي يتداول قرب أدنى مستوياته في أكثر من أسبوع مقابل العملات الرئيسية، ما ساعد على تعزيز الطلب على الذهب باعتباره مقوّماً بالدولار. وتزامن ذلك مع تراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من أسبوع، وهو ما زاد من جاذبية الذهب الذي لا يدرّ فائدة.

الاتحاد الأوروبي يدرس إجراءات انتقامية

أفاد دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي بأن بروكسل تدرس حزمة موسّعة من الإجراءات المضادة المحتملة ضد الولايات المتحدة، وذلك في حال نفّذ الرئيس ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات الأوروبية إذا لم يتم التوصّل إلى اتفاق قبل الأول من أغسطس.

هذا التهديد زاد من احتمالات حدوث تصعيد تجاري واسع النطاق، ما يدفع المستثمرين لاتخاذ مواقف تحوطية، عبر تعزيز حيازاتهم من الذهب.

يتابع المستثمرون عن كثب تصريحات صناع القرار النقدي في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، خاصة بعد ظهور تباين في وجهات النظر بشأن تأثير السياسة التجارية على معدلات التضخم. ففي حين دعا كريستوفر والر إلى خفض أسعار الفائدة، بدا بقية الأعضاء أكثر تحفظًا.

وبحسب أدوات المقايضة، فإن الأسواق ترى احتمالاً شبه معدوم لخفض الفائدة في الاجتماع المقبل للفيدرالي، بينما تتوقع الأسواق خفضاً إجمالياً قدره 46 نقطة أساس بحلول نهاية العام.

أما على الجانب الأوروبي، فمن المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير عند 2.0% خلال اجتماعه المرتقب في 24 يوليو، بعد سلسلة من التخفيضات المتتالية.

سعر الذهب اليوم 

سجّلت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات الإثنين ارتفاعاً بنسبة 1.43%، ما يعادل 48.1 دولار، لتصل إلى 3406.40 دولار للأوقية، بدعم من ضعف الدولار وتزايد التوترات التجارية.

وفي المعاملات الفورية صباح الثلاثاء، انخفض الذهب بنسبة 0.36% ليصل إلى 3,384 دولار للأوقية، بعد أن لامس في وقت سابق أعلى مستوى له منذ 17 يونيو.

كما تراجعت العقود الآجلة الأميركية بنسبة 0.24% إلى 3,398 دولار للأوقية، في ظل تعافي طفيف لمؤشر الدولار بنسبة 0.12% إلى 97.68.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

سجّلت الفضة تراجعاً بنسبة 0.5% إلى 38.71 دولار للأوقية في المعاملات الفورية، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 0.3% ليصل إلى 1,442.55 دولار. أما البلاديوم فقد هبط بنسبة 1.3% مسجلاً 1,250.19 دولار للأوقية، وسط ضغوط من تراجع الطلب الصناعي وتذبذب في الإنتاج.

خلاصة تحليلية

تعكس التحركات الأخيرة في أسعار الذهب توجّه الأسواق نحو الأصول الآمنة في ظل تصاعد التوترات العالمية، سواء على الصعيد التجاري أو الجيوسياسي، إلى جانب استمرار تذبذب الدولار وتوقعات السياسة النقدية.

ويُتوقع أن تستمر هذه العوامل في دعم الذهب خلال المدى القصير إلى المتوسط، خاصة إذا ما فشلت الولايات المتحدة وشركاؤها التجاريون في تجنب جولة جديدة من التصعيد الجمركي.