تراجع الذهب بأكثر من 1% مع تراجع التوترات الجيوسياسية بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
شهدت أسعار الذهب تراجعاً حاداً خلال التداولات الآسيوية صباح الثلاثاء، إذ انخفض المعدن النفيس بنسبة فاقت 1%، متأثراً بتراجع الإقبال على الأصول الآمنة عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في خطوة مفاجئة جاءت بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري بين الطرفين.
وكان الذهب قد تراجع إلى أدنى مستوياته منذ حوالي أسبوعين، مدفوعاً بتقلص الطلب على الملاذات الآمنة بعد تراجع حدة التوترات الجيوسياسية، مما أدى إلى تحول المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم والمعادن الصناعية.
ابتعد المستثمرون عن الأصول الآمنة مثل الذهب، متطلعين إلى الفرص في الأسهم والأصول ذات المخاطر الأعلى.
أداء أسعار الذهب والمعادن النفيسة
-
انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1.45% إلى 3320 دولاراً للأونصة بحلول الساعة 09:45 صباحاً بتوقيت تركيا، مسجلاً بذلك أدنى مستوياته منذ 11 يونيو.
-
كما تراجعت عقود الذهب الآجلة تسليم أغسطس بنسبة 1.71% لتسجل 3336 دولاراً للأونصة.
إلى جانب الذهب، انخفضت عقود الفضة الآجلة بنسبة 0.6% لتصل إلى 35.990 دولاراً للأونصة، في حين ارتفعت عقود البلاتين بنسبة 0.9% لتصل إلى 1280.15 دولاراً للأونصة، وسط تقلبات عامة في قطاع المعادن.
ترامب يعلن وقف إطلاق النار ويعزز شهية المخاطرة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت متأخر من مساء الإثنين، عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الكامل بين إسرائيل وإيران، موضحاً أن الاتفاق يهدف إلى إنهاء الحرب التي استمرت 12 يوماً. ونشر ترامب عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشيال" قائلاً:
"وقف إطلاق النار ساري المفعول الآن. الرجاء عدم انتهاكه!"
ويُذكر أن هذا الإعلان المفاجئ جاء بعد أيام من إصدار ترامب أوامر بشن ضربات جوية أميركية على منشآت نووية إيرانية، وهو ما دفع إيران للرد لاحقاً بإطلاق هجمات صاروخية استهدفت قاعدة جوية أميركية في قطر.
وعلى الرغم من عدم صدور تعليق رسمي فوري من طهران أو تل أبيب، فقد أكدت إيران التزامها بالهدنة، لكنها حذرت عبر وزير خارجيتها أن استمرارها مرهون بوقف إسرائيل لجميع العمليات العسكرية.
ردود فعل الأسواق: تراجع الذهب وارتفاع شهية المخاطرة
اعتبر المستثمرون أن وقف إطلاق النار يمثل انفراجاً مهماً في واحدة من أبرز بؤر التوتر الجيوسياسي عالمياً، مما أدى إلى:
-
تراجع أسعار النفط بأكثر من 4% بسبب انحسار المخاوف من اضطرابات في إمدادات الطاقة القادمة من الشرق الأوسط.
-
ارتفاع العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية، في ظل تحسن ثقة المستثمرين وتوجههم نحو الأصول ذات العوائد.
نتيجة لذلك، ابتعد المستثمرون عن الذهب وغيره من الأصول الآمنة، بحثاً عن الفرص الاستثمارية ذات العوائد الأعلى في سوق الأسهم والمعادن الصناعية، في ظل تراجع الطلب على الحماية من المخاطر.
المعادن الصناعية ترتفع بدعم من ضعف الدولار
في ظل انخفاض شهية الطلب على الذهب، سجلت أسعار المعادن الصناعية ارتفاعاً، مدعومة بضعف مؤشر الدولار الأميركي، الذي تراجع بنسبة 0.3% خلال التعاملات الآسيوية. هذا التراجع في العملة الأميركية قدم دعماً إضافياً للمعادن المقومة بالدولار.
-
ارتفعت عقود النحاس القياسية في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.3% لتسجل 9693.35 دولاراً للطن.
-
في المقابل، انخفضت عقود النحاس الأميركية الآجلة بنسبة 0.7% لتسجل 4.900 دولار للرطل.
الأسواق تترقب شهادة جيروم باول بشأن السياسة النقدية
رغم الدعم المحدود من تراجع الدولار، بقي المستثمرون حذرين قبل شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس، والتي تستمر ليومين بدءاً من الثلاثاء.
وتركز الأسواق على أية مؤشرات أو تلميحات تتعلق باتجاه السياسة النقدية للفترة المقبلة، لا سيما في ظل تساؤلات متزايدة حول إمكانية خفض أسعار الفائدة.
تجدر الإشارة إلى أن الذهب عادةً ما يستفيد من الفائدة المنخفضة، لأنه لا يدرّ عائداً، وبالتالي فإن أي إشارة إلى تخفيف السياسة النقدية قد تعيد الزخم إلى سوق الذهب.
العوامل الداعمة لارتفاع الذهب منذ بداية العام
يُعد تصاعد التوترات الجيوسياسية واحداً من أبرز العوامل التي دفعت الذهب للصعود بنسبة 28% منذ بداية العام، إلى جانب المخاوف من الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، وزيادة مشتريات البنوك المركزية من المعدن النفيس.
منذ بداية العام، ارتفع الذهب بنسبة 28%، مدفوعاً بعدة عوامل، أبرزها:
-
تصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصةً في الشرق الأوسط وأوروبا.
-
المخاوف من الأثر الاقتصادي للتوترات التجارية، لا سيما الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.
-
زيادة مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب كجزء من استراتيجية تنويع الاحتياطيات.
لكن هذا الاتجاه الصعودي قد يتعرض لاختبار قوي إذا استمر الاستقرار الجيوسياسي الحالي وتلاشى الزخم نحو الملاذات الآمنة.
خلاصة :
تراجعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ مع تحسن شهية المخاطرة بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في خطوة فاجأت الأسواق وبدّلت اتجاهات التداول في معظم الأصول العالمية.
وبينما تبقى الأنظار مركزة على التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فإن التركيز الأكبر سيكون خلال الأيام المقبلة على شهادة باول، التي من شأنها أن ترسم ملامح السياسة النقدية الأميركية القادمة، وتحدد إلى حد بعيد الاتجاه التالي للذهب.