تراجع أسعار الذهب بعد قرار ترامب تأجيل الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي

شهدت أسعار الذهب تراجعًا خلال تداولات يوم الإثنين ، بعد أن قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تهدئة مؤقتة في الأسواق ودفع المستثمرين إلى تقليص الطلب على الملاذات الآمنة. إلا أن المخاوف المستمرة بشأن الاقتصاد الأمريكي وتصريحات الفيدرالي الأمريكي بشأن الركود التضخمي ساهمت في الحد من خسائر الذهب.

أداء أسعار الذهب اليوم

سجلت أسعار الذهب تراجعًا محدودًا يوم الإثنين، بعد أن هدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته التصعيدية تجاه الاتحاد الأوروبي، إذ أعلن خلال عطلة نهاية الأسبوع عن تأجيل فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية، والتي كانت مقررة في الأول من يونيو/حزيران، إلى تاريخ جديد حُدد في التاسع من يوليو/تموز المقبل.

وكان الذهب قد حقق مكاسب قوية في الأسبوع السابق، مدعومًا بحالة التوتر السياسي والاقتصادي العالمي، إلا أن خطوة ترامب الأخيرة خففت من وتيرة المخاوف التجارية، ما دفع الذهب إلى التراجع من أعلى مستوياته في أسبوعين.

ترامب يخفف الضغط ويمنح فرصة للمفاوضات

منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي مهلة إضافية حتى 9 يوليو/تموز للتوصل إلى اتفاق تجاري، متراجعا عن تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات الأوروبية، وذلك بعد طلب من رئيسة المفوضية الأوروبية التي أكدت حاجة التكتل للمزيد من الوقت "للتوصل إلى اتفاق جيد".

وكان ترامب قد هدد الجمعة بتكثيف حربه التجارية بعد أن عبر عن عدم رضاه لأن المحادثات التجارية لا تتحرك بسرعة كافية، قائلا إنه يريد أن يبدأ تطبيق رسوم جمركية باهظة على الواردات الأوروبية في الأول من يونيو/حزيران. وأدى هذا التهديد إلى اضطراب الأسواق العالمية.

وتراجع ترامب بعد أن أخبرته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال مكالمة هاتفية أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق وطلبت منه تأجيل الرسوم الجمركية حتى شهر يوليو/تموز، وهو الموعد النهائي الذي حدده في الأصل عندما أعلن عن الرسوم الجديدة في أبريل/نيسان.

وصرح ترامب للصحافيين الأحد أنه وافق على الطلب. وقال إن فون دير لاين قالت له "سنجتمع معا بسرعة لنرى ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى شيء ما" ونشرت فون دير لاين على وسائل التواصل الاجتماعي أن الاتحاد الأوروبي مستعد للتحرك بسرعة في المحادثات التجارية.

وقالت فون دير لاين في منشور على موقع إكس الأحد إنها أجرت مكالمة هاتفية "جيدة" مع ترامب.

كان ترامب قد حدد في أوائل أبريل/نيسان الماضي مهلة 90 يوما للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي كان من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو/تموز.

ورغم التهدئة المؤقتة، إلا أن حالة الغموض لا تزال تسيطر على الأسواق، في ظل تقلبات ترامب المعهودة بشأن السياسات التجارية، حيث شكك المحللون في مدى التزامه بالمهلة الجديدة، مشيرين إلى أن التحولات المفاجئة في تصريحاته زادت من حدة تقلبات الأسواق العالمية خلال العام الجاري.

سعر الذهب اليوم

انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.67% ليصل إلى 3,334 دولارًا للأونصة، فيما هبطت عقود الذهب الآجلة تسليم يونيو بنسبة 0.94% لتسجل 3,362 دولارًا للأونصة، وذلك بحلول الساعة 10:30 صباحًا بتوقيت تركيا.

رغم هذا التراجع، فقد بقي الذهب مدعومًا جزئيًا من ضعف الدولار الأمريكي واستمرار التراجع في عوائد سندات الخزانة، إذ لا تزال الأسواق تتعامل بحذر مع الوضع المالي الأمريكي الذي يشهد تدهورًا تدريجيًا وسط تصاعد الدين العام.

تحذيرات من ركود تضخمي تُبقي الذهب في دائرة الضوء

عزّزت المخاوف الاقتصادية العالمية من صمود الذهب كمخزن للقيمة، بعد تصريحات نيل كاشكاري، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، والذي حذّر من أن التصعيد في السياسات الحمائية الأمريكية قد يؤدي إلى ركود تضخمي  وهو سيناريو اقتصادي يجمع بين تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار، ما يجعل الذهب خيارًا مفضلًا لدى المستثمرين الباحثين عن الحماية من التضخم.

وأضاف كاشكاري أن البنك الفيدرالي من غير المرجح أن يغير أسعار الفائدة حتى سبتمبر على الأقل، في ظل تصاعد الضبابية المحيطة بالاقتصاد الكلي الأمريكي، وهو ما يعزز أيضًا من الإقبال على الأصول الآمنة.

ضعف الدولار يمنح المعادن الثمينة دفعة إضافية

في ذات السياق، واصل مؤشر الدولار الأمريكي انخفاضه، مسجلًا تراجعًا بنسبة 0.22% إلى مستوى 98.79، وسط ضعف التداولات نتيجة لعطلة رسمية في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وقد أدى انخفاض الدولار إلى جعل الذهب المسعّر بالدولار أكثر جاذبية لحاملي العملات الأخرى، ما ساهم في تقليص خسائره خلال الجلسة.

تحركات المعادن الثمينة الأخرى

في أسواق المعادن الأخرى، أظهرت الأسعار تباينًا نسبيًا، حيث ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 0.1% إلى 33.52 دولارًا للأونصة. بينما تراجع البلاتين بنسبة 0.1% ليصل إلى 1,093.13 دولارًا، في حين ارتفع البلاديوم بنسبة 0.8% ليسجل 1,000.49 دولارًا للأونصة.

تصريحات المحللين حول أسعار الذهب

قال كايل رودا، محلل الأسواق لدى "كابيتال.كوم"، إن إعلان تأجيل الرسوم الجمركية خفف من المخاوف على المدى القصير، ما انعكس مباشرة على أسعار الذهب. لكنه أضاف أن النظرة العامة للذهب لا تزال إيجابية، نتيجة استمرار تبني الإدارة الأمريكية لسياسات تجارية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي ذاته.

وأشار رودا إلى أن تراجع الثقة في الدولار الأمريكي يدفع العديد من البنوك المركزية في العالم إلى تنويع احتياطياتها والتوجه نحو الذهب كملاذ آمن بديل، في ظل تفاقم المخاوف المالية في الولايات المتحدة.

مكاسب الذهب : تدفقات ملاذ آمن بعد تهديد ترامب

وكان الذهب قد قفز بأكثر من 2% يوم الجمعة الماضي، ليصل إلى أعلى مستوياته في أسبوعين، مدعومًا بتدفقات قوية نحو الملاذات الآمنة، بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية فورية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي. كما هدد بفرض رسوم إضافية بنسبة 25% على هواتف "آيفون" المصنعة خارج الولايات المتحدة، ما زاد من المخاوف في أسواق التكنولوجيا وأسواق الصادرات.

ورغم التقلبات الكبيرة، تراجعت حيازات صندوق SPDR Gold Trust – وهو أكبر صندوق استثماري مدعوم بالذهب في العالم – بنسبة 0.15% يوم الجمعة، لتسجل 922.46 طنًا مقارنة بـ923.89 طنًا يوم الخميس، ما يعكس توجهًا حذرًا للمستثمرين بانتظار المزيد من التطورات السياسية والاقتصادية.

خلاصة وتوقعات مستقبلية

بينما خفف قرار ترامب بتأجيل الرسوم الجمركية الضغط على الأسواق بشكل مؤقت، إلا أن حالة عدم اليقين لا تزال تخيم على المستثمرين. ومع استمرار ضعف الدولار وتزايد المخاطر الاقتصادية في الولايات المتحدة، يتوقع أن يظل الذهب مدعومًا على المدى المتوسط إلى الطويل.

ومن المرجح أن تتجه أنظار الأسواق إلى الموعد النهائي الجديد الذي حدده ترامب في 9 يوليو، باعتباره نقطة تحول محتملة في التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، وخاصة الاتحاد الأوروبي.

وفي حال عودة التصعيد أو صدور بيانات أمريكية سلبية، قد نشهد عودة الذهب لمستويات قياسية تتجاوز 3,500 دولار للأونصة، مع تزايد الطلب العالمي عليه كأصل آمن في ظل اضطرابات الأسواق.