الين الياباني ينخفض أمام الدولار لأدنى مستوى في شهرين بعد فوز تاكايتشي بالحزب الحاكم

شهد الين الياباني تراجعًا حادًا إلى أدنى مستوياته في شهرين أمام الدولار الأمريكي، بعد فوز ساناي تاكايتشي بزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان، مما مهد الطريق أمامها لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة اليابانية.

وتأتي هذه التطورات وسط توقعات بانتهاج سياسات مالية أكثر توسعية وتأجيل أي خطوات لتشديد السياسة النقدية، ما زاد من الضغوط على العملة اليابانية وأثار تبايناً في الأسواق العالمية.

أداء الين الياباني اليوم

سجّل الين الياباني أكبر خسارة يومية له منذ خمسة أشهر يوم الاثنين، بعد فوز ساناي تاكايتشي في انتخابات زعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي، في خطوة يرى فيها المحللون نقطة تحوّل في السياسة الاقتصادية اليابانية.

فقد انخفض الين بنسبة 1.9% ليصل إلى 150.35 ينًا للدولار، وهو أكبر تراجع يومي منذ 12 مايو، ليمحو بذلك المكاسب التي حققها خلال الشهرين الماضيين.

في المقابل، ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.5% في تعاملات صباح الاثنين في آسيا ليقترب من مستوى 98 نقطة، وسط مخاوف مستمرة من الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي دخل يومه الخامس بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير مقترحات التمويل لإعادة فتح الحكومة.

ضغط متواصل على العملة اليابانية في الأسواق الآسيوية

تراجع الين الياباني على نطاق واسع في السوق الآسيوية مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، ليعمق خسائره لليوم الثالث على التوالي أمام الدولار الأمريكي، متداولًا دون مستوى 150 ينًا لكل دولار لأول مرة منذ أوائل أغسطس الماضي.

ويُعزى هذا الهبوط إلى تسارع عمليات البيع المفتوحة على العملة اليابانية بعد فوز تاكايتشي، التي يُنظر إليها على أنها صاحبة التوجه المالي الأكثر توسعًا بين المرشحين الخمسة لخلافة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا.

تاكايتشي: أول امرأة تترأس الحكومة اليابانية

فازت ساناي تاكايتشي بزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتصبح بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس الحزب، مما يمهد الطريق أمامها لتصبح رئيسة وزراء اليابان القادمة خلفًا لشيغيرو إيشيبا.

وركزت حملتها على تعزيز القدرات الدفاعية، دعم الابتكار الصناعي، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وسط التحديات العالمية المتزايدة. ويُنظر إلى فوزها على أنه تحول سياسي لافت قد يعيد صياغة المشهد الاقتصادي الياباني في المرحلة المقبلة.

تُعد ساناي تاكايتشي على وشك أن تصبح أول سيدة تتولى رئاسة الحكومة في تاريخ اليابان، وهي معروفة بميولها المحافظة وتأييدها لنهج مالي توسعي شبيه بسياسات آبينوميكس التي تبناها رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي.

وقد كانت تاكايتشي من أبرز المنتقدين لخطط بنك اليابان الرامية إلى تطبيع السياسة النقدية وتشديدها بعد سنوات من التيسير المفرط، ما يعني أن توليها رئاسة الحكومة قد يؤدي إلى تأجيل أي تحركات وشيكة لرفع أسعار الفائدة، مع تفضيلها نهجًا أكثر حذرًا وتدرجًا للحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي الهش.

فازت تاكايتشي في جولة الإعادة بنسبة 54.25% من الأصوات، ومن المقرر أن يتم تأكيدها كرئيسة للوزراء في جلسة برلمانية منتصف أكتوبر، لتصبح بذلك أول امرأة في تاريخ اليابان تتولى هذا المنصب.

ويُتوقع أن يقود فوزها اليابان نحو مزيد من الإنفاق الحكومي، ما يُقلل من الحاجة الماسة لتشديد السياسة النقدية، ويعزز توجهًا نحو سياسات مالية مرنة تركز على دعم النمو وتحفيز الطلب المحلي.

في مؤتمرها الصحفي عقب الفوز، أكدت تاكايتشي أن الحكومة والبنك المركزي يجب أن يعملا معًا لضمان تحقيق تضخم مدفوع بالطلب، قائم على زيادة الأجور وأرباح الشركات، مشددة على ضرورة تجنب التشديد النقدي السريع الذي قد يضر بانتعاش الاقتصاد الياباني.

تُعرف تاكايتشي بأنها من أنصار الإنفاق المالي الكبير لدعم الاقتصاد، ما قلل من توقعات رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة هذا الشهر. ويرى محللون أن فوزها سيقود إلى مزيد من ضعف العملة اليابانية، نظرًا لتوجهها نحو سياسات مالية توسعية.

كما أظهرت بيانات سوق المقايضات أن احتمالات رفع الفائدة انخفضت من 68% إلى 41% بعد فوزها، ما يعكس توقعات المستثمرين بتأجيل أي تشديد نقدي.

نظرة سعرية مفصلة على تحركات الين الياباني

• سعر صرف الين اليوم: ارتفع الدولار مقابل الين بنسبة 1.8% إلى 150.10 ين، وهو الأعلى منذ 1 أغسطس، بعد أن أغلق الأسبوع الماضي عند 147.46 ين، في حين سجل أدنى مستوى خلال تعاملات اليوم عند 149.00 ين.

• أداء الجمعة الماضي: أنهى الين تعاملات الجمعة منخفضًا بنسبة 0.15% مقابل الدولار في ثاني خسارة يومية متتالية.

• الأداء الأسبوعي: رغم الهبوط الأخير، كان الين قد سجل مكسبًا أسبوعيًا بنسبة 1.35% الأسبوع الماضي، وهو أول ارتفاع في ثلاثة أسابيع، مدفوعًا بعمليات شراء كملاذ آمن.

نظرة على الأسواق المالية اليابانية

تراجعت العملة اليابانية بشكل واسع في سوق الصرف الأجنبي، ويتجه الين لتسجيل أكبر خسارة يومية منذ مايو الماضي.

وفي الوقت نفسه، ارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عامًا بمقدار 13 نقطة أساس ليصل إلى 3.28%، وهو مستوى قريب من أعلى مستوى قياسي بلغه الشهر الماضي بعد استقالة إيشيبا، مما يعكس مخاوف المستثمرين من زيادة الإنفاق الحكومي مستقبلاً.

تراجع الين بنسبة 1.7% أمام اليورو ليصل إلى 176.19 ينًا، وهو أضعف مستوى له منذ إنشاء العملة الأوروبية الموحدة.

وقال بول ماكيل، رئيس أبحاث العملات في بنك HSBC، إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة تفاصيل سياسات تاكايتشي، مشيرًا إلى أن حالة عدم اليقين السياسي قد تحد من أي تعافٍ محتمل للعملة.

تعليقات وتحليلات الخبراء

قال كريس ويستون، رئيس الأبحاث في مجموعة Pepperstone في ملبورن، إن الأسواق الآن "في عين العاصفة" مترقبة مدى جرأة تاكايتشي في تطبيق سياسات مالية توسعية، محذرًا من أن اتباع نسخة جديدة من آبينوميكس قد يثير قلق المستثمرين في سوق السندات.

وأضاف ديفيد تشاو، كبير استراتيجيي الأسواق في Invesco، أن الين لا يزال منخفض القيمة مقارنة بالدولار الأمريكي، متوقعًا أن يشهد الدولار تراجعًا تدريجيًا في حال استمرار خفض الفائدة الأمريكية ورفعها من قبل بنك اليابان، إلا أن نتائج الانتخابات الأخيرة قد تؤخر هذا التعديل المتوقع.

تأثيرات عالمية وتباين في أداء العملات

تشير بيانات الأسواق العالمية إلى أن خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي الأمريكي المقبل في أكتوبر أصبح شبه مؤكد، إذ تظهر أداة متابعة الفائدة الأمريكية عبر موقع إنفستنغ السعودية احتمالًا بنسبة 96.7% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.

أما اليورو فقد سجل 1.1723 دولارًا منخفضًا بنسبة 0.2%، بعد تعديل وزاري في فرنسا شمل تعيين رولان ليسكور وزيرًا للمالية.

وفي المقابل، استقر الدولار النيوزيلندي عند 0.5832 دولارًا قبيل اجتماع البنك المركزي، بينما ارتفع الدولار الأسترالي إلى 0.6603 دولارًا بنسبة 0.1%، وتراجع الجنيه الإسترليني إلى 1.3450 دولارًا، وانخفض اليوان الصيني إلى 7.1456 يوانًا للدولار.

خاتمة تحليلية

تراجع الين الياباني بهذا الشكل الحاد يعكس التحول السياسي والاقتصادي الكبير في اليابان، حيث تتجه البلاد نحو مرحلة جديدة من السياسات التوسعية، التي قد تدعم النمو على المدى القصير، لكنها في الوقت ذاته قد تفاقم ضعف العملة وتؤخر مسار التشديد النقدي المنتظر من بنك اليابان.

ومع ترقب الأسواق لتشكيل الحكومة الجديدة، تبقى السياسات المالية المقبلة لتاكايتشي العامل الحاسم في تحديد اتجاه الين في الأشهر القادمة.