الدولار يرتفع أمام الين ويتراجع مقابل اليورو وسط تطورات سياسية في اليابان

سجّل الدولار الأميركي ارتفاعًا أمام الين الياباني خلال تعاملات مطلع الأسبوع، مع عودة اهتمام المستثمرين إلى المشهد السياسي الياباني وتطوراته المفصلية. ففي الوقت الذي لا تزال فيه المخاوف المتعلقة بالمخاطر الائتمانية الأميركية تلقي بظلالها على الأسواق العالمية، فإن التحركات في طوكيو بدت العامل الأبرز في حركة الين خلال الجلسات الأخيرة.

وتراجع الين الياباني بشكل ملحوظ في السوق الآسيوية يوم الاثنين أمام سلة من العملات الرئيسية والثانوية، ليواصل مسار الهبوط لليوم الثاني على التوالي مقابل الدولار الأميركي، مبتعدًا عن أعلى مستوياته في أسبوعين. ويُعزى هذا التراجع إلى استمرار عمليات التصحيح وجني الأرباح، إضافة إلى التطورات السياسية المهمة التي تلوح في الأفق في اليابان.

برز اسم ساناي تاكايتشي كمرشحة شبه مؤكدة لتولي منصب رئيس الوزراء في اليابان، لتصبح بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد. وتُعرف تاكايتشي بتوجهاتها المحافظة المتشددة ودعمها القوي للتحفيزين المالي والنقدي، ما يثير توقعات بإطلاق حزم دعم اقتصادية جديدة في حال توليها المنصب رسميًا.

ووفقًا لتقارير وكالة كيودو اليابانية، فإن الحزب الليبرالي الديمقراطي بزعامة تاكايتشي بصدد تعزيز تحالفه مع حزب الابتكار الياباني، في خطوة تهدف إلى ضمان أغلبية مريحة في البرلمان. ومن المقرر إجراء التصويت الرسمي لاختيار رئيس الوزراء يوم الثلاثاء، وسط ترقب واسع من الأوساط الاقتصادية والمستثمرين العالميين.

ويرى المحللون أن هذا التحالف السياسي الجديد يمهّد الطريق أمام سياسات مالية توسعية قد تزيد الضغوط على العملة اليابانية، خاصة في ظل استمرار التيسير النقدي الذي يتبعه بنك اليابان.

أداء الين الياباني اليوم

ارتفع الدولار الأميركي بنسبة 0.1% إلى مستوى 150.75 ين، بعد أن لامس في وقت سابق من الجلسة مستوى 151.20 ين، وهو من أعلى المستويات المسجلة في الأسابيع الأخيرة.

قال لي هاردمان، كبير اقتصاديي العملات في بنك MUFG، إن الأسواق تتابع عن كثب الخطط المالية التي سيضعها التحالف الجديد، مشيرًا إلى أن البرنامج الاقتصادي المتوقع وصف بأنه "توسعي بشكل معتدل".

وأشار هاردمان إلى أن أي زيادة في الإنفاق الحكومي قد تُضعف الين مؤقتًا أمام الدولار، في حين أن توقعات رفع الفائدة من قبل بنك اليابان لا تزال محدودة، رغم بعض الأصوات داخل المجلس التي تدعو إلى التشديد النقدي التدريجي.

أما على صعيد السياسة النقدية، فقد قدّم هاجيمي تاكاتا، عضو مجلس إدارة بنك اليابان، دعمًا محدودًا للعملة من خلال تجديد دعوته إلى استئناف رفع الفائدة، رغم معارضته السابقة للإبقاء عليها دون تغيير. ومع ذلك، يرى الخبراء أن تصريحات تاكاتا لن تكون كافية لإحداث تحول جوهري في توجهات البنك على المدى القصير.

الأسهم اليابانية تتألق بدعم التوقعات الحكومية

في موازاة ضعف الين، قفز مؤشر نيكاي بأكثر من 3% ليسجل مستوى قياسيًا جديدًا، مدفوعًا بتفاؤل المستثمرين حيال زيادة الإنفاق الحكومي المرتقبة.

وتشير بيانات شركة LSEG إلى أن الأسواق تسعّر احتمالًا بنحو 23% لرفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي الياباني المرتقب يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025، ما يعكس مزيجًا من الحذر والتفاؤل بشأن مستقبل السياسة النقدية في البلاد.

اليورو يتماسك أمام الدولار وسط هدوء سياسي في فرنسا

على الجانب الآخر من المحيط الآسيوي، ارتفع اليورو بنسبة 0.1% إلى مستوى 1.1664 دولار، مستفيدًا من انحسار التوترات السياسية في فرنسا بعد أن أعلنت الحكومة تجميد إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل. وقد اعتبر المستثمرون هذا القرار بمثابة "استراحة مؤقتة" للأسواق، خصوصًا بعد أسابيع من الجدل السياسي الذي أثّر سلبًا في ثقة المستثمرين.

ويرى عدد من المحللين الأوروبيين أن تراجع التوتر السياسي في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ساعد العملة الموحدة على التماسك، فيما أشار آخرون إلى أن أي تدهور في شهية المخاطرة الأميركية خلال الأيام المقبلة قد يدفع اليورو للارتفاع إلى مستوى 1.18 دولار خلال الأسبوع.

ورغم هذا التحسّن المؤقت، لا تزال التحديات المالية قائمة أمام الحكومة الفرنسية، خصوصًا ما يتعلق بتمويل الموازنة العامة وخطط خفض العجز في ظل ضعف النمو الاقتصادي الأوروبي.

الدولار الأسترالي يستفيد من تعافي الاقتصاد الصيني

وفي آسيا، حظي الدولار الأسترالي بدعم قوي من بيانات اقتصادية إيجابية صدرت عن الصين، أكبر شركائها التجاريين. وأظهرت الأرقام الرسمية أن الاقتصاد الصيني حقق نموًا بنسبة 1.1% خلال الربع الثالث من عام 2025، متجاوزًا التوقعات السابقة، مدفوعًا بارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% على أساس سنوي.

وأسهمت هذه البيانات في تعزيز معنويات المستثمرين في الأسواق الآسيوية، ليرتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.3% إلى 0.6504 دولار أميركي، بينما استقر اليوان الصيني عند 7.1235 للدولار في التعاملات الخارجية، ما يعكس استقرارًا نسبيًا في السيولة والإقبال على المخاطر.

خاتمة تحليلية

تعكس تحركات العملات في مطلع الأسبوع مزيجًا من العوامل السياسية والاقتصادية التي تؤثر بشكل متزامن على الأسواق العالمية. ففي اليابان، يهيمن المشهد السياسي الداخلي على توقعات الين، بينما يظل الدولار الأميركي تحت ضغط المخاوف الائتمانية وتوقعات الفائدة. أما في أوروبا، فيمنح هدوء فرنسا المؤقت بعض الدعم لليورو، في حين يبقى أداء العملات المرتبطة بالسلع، مثل الدولار الأسترالي، رهينًا بتطورات الاقتصاد الصيني.

ويجمع المحللون على أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لتحديد الاتجاه العام للأسواق، مع ترقب قرارات السياسة النقدية في طوكيو وواشنطن، وتطورات الوضع المالي في الاتحاد الأوروبي.