ماستركارد توقع مذكرة تفاهم مع مصرف سورية المركزي لتطوير منظومة المدفوعات الرقمية
في تطور اقتصادي ومالي مهم، أعلن مصرف سورية المركزي عن توقيع مذكرة تفاهم تاريخية مع شركة ماستركارد العالمية، في خطوة تهدف إلى إدخال أنظمة دفع إلكترونية متطورة إلى السوق السورية.
ويأتي هذا الاتفاق ليشكل نقطة تحول في مساعي البلاد نحو تطوير البنية التحتية للمدفوعات الرقمية، وتعزيز الشمول المالي، وفتح نافذة جديدة أمام الاقتصاد المحلي للاندماج مع النظام المالي العالمي، رغم العقوبات والعزلة التي عانت منها البلاد طوال أكثر من عقد.
هذه الشراكة الاستراتيجية لا تقتصر على إدخال أدوات دفع جديدة فحسب، بل تهدف إلى تبادل الخبرات والمعرفة، وبناء منظومة مالية رقمية حديثة تستند إلى أفضل الممارسات العالمية، بما يتيح للمواطنين والتجار والشركات الاعتماد على حلول دفع آمنة ومرنة.
أهداف الاتفاق بين ماستركارد ومصرف سوريا المركزي
1. تحديث البنية التحتية
تتضمن مذكرة التفاهم العمل على إدخال أنظمة دفع إلكترونية متطورة، وإصدار بطاقات مصرفية محلية ودولية، بما يسمح بقبول المدفوعات الإلكترونية داخل سورية ومن خارجها.
2. ربط المصارف السورية بالشبكات العالمية
من خلال التعاون مع ماستركارد، سيتم ربط المصارف السورية بشبكات الدفع الدولية، وهو ما يفتح المجال أمام السوريين لاستخدام بطاقات دفع معترف بها عالمياً، ويسهل عمليات التجارة الخارجية والتحويلات المالية.
3. تعزيز الشمول المالي
تهدف الاتفاقية إلى تمكين ملايين السوريين من الوصول إلى خدمات مالية لم تكن متاحة سابقاً، وتسهيل عمليات الدفع دون الاعتماد الكامل على النقد الورقي، مما ينعكس على الاستقرار المالي وزيادة ثقة المواطنين بالنظام المصرفي.
تصريحات المسؤولين: رؤية مشتركة للمستقبل
حاكم مصرف سورية المركزي
قال الدكتور عبد القادر حصرية، حاكم المصرف المركزي:
"تمثل ماستركارد بما تمتلكه من شبكة عالمية واسعة، وحلول تقنية متطورة، وخبرة عميقة في قطاع المدفوعات، أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين لدعم جهودنا الرامية لبناء نظام مالي قوي. إن توقيع هذه المذكرة يضع إطاراً تعاونياً لتشارك وتبادل الخبرات في تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في سورية، ودفع مساعينا لتوسيع نطاق الشمول المالي. لا شك أنّ هذا التعاون سيكون ركيزة أساسية في تمكين الاقتصاد السوري وشعبه ومجتمع الأعمال".
ماستركارد
من جانبه، قال آدم جونز، الرئيس الإقليمي لغرب المنطقة العربية لدى ماستركارد:
"تعكس مذكرة التفاهم هذه قناعتنا المشتركة بأن بناء منظومات مالية شاملة يقوم على الشراكة والابتكار والمشاركة المحلية. ويسرّنا التعاون مع مصرف سورية المركزي والحكومة السورية لاستكشاف فرص تطوير نظام مدفوعات يخدم المواطنين المحليين والمسافرين الدوليين في هذه السوق الواعدة. كما نتطلع إلى إتاحة آفاق أوسع لعالم المدفوعات العالمية أمام الشعب السوري، وتقديم أحدث الابتكارات في هذا المجال لدعم منظومة الخدمات المالية المحلية".
وزير المالية السوري
بدوره، أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية أنّ اهتمام ماستركارد بالسوق السورية يعد "خطوة نحو التكامل مع النظام المالي العالمي"، مشيراً إلى أنّ الوزارة تتطلع إلى مساهمة الشركة في تسريع التحول الرقمي ودعم الشمول المالي عبر حلول دفع مبتكرة.
أبعاد الاتفاق بين ماستركارد ومصرف سوريا المركزي
فرصة لإعادة الاندماج المالي
يرى المراقبون أنّ توقيع هذه المذكرة يمثل محاولة جادة لإعادة ربط سورية بالنظام المالي الدولي بعد عزلة طويلة ناجمة عن العقوبات الأميركية والأوروبية، والتي قطعت علاقات المصارف السورية بمصارف المراسلة الخارجية. ويعتبر الاتفاق خطوة أولية يمكن أن تفتح الباب أمام عودة تدريجية للتكامل مع الأسواق العالمية، وتسهيل حركة التجارة والتحويلات المالية.
دعم ريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي
من المتوقع أن يسهم الاتفاق في تعزيز بيئة الاستثمار وريادة الأعمال، عبر دعم قطاع التكنولوجيا المالية (FinTech) وإتاحة فرص للشركات الناشئة والمستثمرين المحليين. كما ستساعد أنظمة الدفع الرقمية على خلق اقتصاد أكثر شفافية وكفاءة، قائم على التوثيق الإلكتروني للمعاملات.
تحديات التنفيذ والعقوبات
لكنّ الاتفاق يواجه عقبات كبيرة، أبرزها العقوبات الغربية التي تحد من قدرة سورية على الاستفادة الكاملة من تقنيات الدفع العالمية. ويرى الخبير الاقتصادي منذر الإبراهيم أنّ "المشكلة ليست تقنية فقط، بل تحتاج إلى إصلاحات تشريعية ومصرفية عميقة، إضافة إلى توفير بيئة آمنة للمدفوعات الرقمية وثقة حقيقية بين المصارف والمستخدمين". كما أكد أنّ "أي توسع نحو الخارج سيبقى رهين التفاهمات الدولية، وإلا فإن الخدمة قد تبقى محصورة في الداخل".
المدفوعات الإلكترونية: مزايا وحلول عملية
تمثل أنظمة الدفع الإلكتروني ثورة في تسهيل الحياة اليومية للمواطنين والشركات على حد سواء، حيث توفر:
-
السرعة: إنجاز المعاملات بضغطة زر.
-
الأمان: تقليل مخاطر حمل النقد وفقدانه.
-
التوثيق: تسجيل المعاملات إلكترونياً لتعزيز الشفافية.
-
التكامل: إمكانية الدفع محلياً ودولياً عبر البطاقات أو المحافظ الرقمية.
هذه المزايا تجعل من الدفع الإلكتروني خياراً أساسياً لتحديث الاقتصاد السوري وتحويله إلى اقتصاد رقمي متكامل.
ما هي ماستركارد؟ خلفية عن الشركة العالمية
تعد ماستركارد (Mastercard) واحدة من أكبر شركات المدفوعات الإلكترونية في العالم، وهي شركة أميركية متعددة الجنسيات تأسست عام 1966 تحت اسم Interbank قبل أن تحمل اسمها الحالي في عام 1979.
-
يقع مقرها الرئيسي في نيويورك – الولايات المتحدة.
-
تدير شبكة عالمية من البطاقات المصرفية والائتمانية والخصم، مستخدمة من قبل مئات الملايين من الأفراد والشركات حول العالم.
-
تحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد "فيزا" من حيث حجم المدفوعات وعدد البطاقات المتداولة.
-
تعمل في أكثر من 210 دولة وتتعامل مع ملايين التجار ومقدمي الخدمات.
-
تعتمد استراتيجيتها على تقديم حلول مبتكرة في التكنولوجيا المالية (FinTech) مثل المحافظ الرقمية، حلول الدفع عبر الهواتف الذكية، وتطوير تقنيات الأمان السيبراني لحماية المعاملات.
ماستركارد ليست بنكاً، بل هي مزود بنية تحتية مالية يربط بين البنوك، التجار، والمستهلكين عبر شبكتها العالمية، مما يجعلها لاعباً رئيسياً في الاقتصاد الرقمي العالمي.
خلاصة: إعلان نوايا يحتاج إلى خطوات عملية
رغم أنّ مذكرة التفاهم بين ماستركارد ومصرف سورية المركزي تمثل إعلان نوايا استراتيجياً نحو تحديث البنية التحتية المالية في البلاد، إلا أنّها لا تزال في مرحلتها الأولية. فالتنفيذ العملي سيتطلب سنوات من العمل والإصلاحات، وتجاوز عقبات قانونية وسياسية واقتصادية متشابكة.
لكنّ الاتفاق، رغم كل التحديات، يفتح نافذة أمل لعودة سورية تدريجياً إلى الاقتصاد الرقمي العالمي، ويشكل إشارة واضحة إلى توجه رسمي نحو الإصلاح المالي والرقمي، بما قد يسهم مستقبلاً في دعم التنمية الاقتصادية وتحسين حياة المواطنين.