- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- أسعار النفط تهبط بأكثر من 3% مع مخاوف زيادة المعروض بعد قرار تحالف أوبك+
أسعار النفط تهبط بأكثر من 3% مع مخاوف زيادة المعروض بعد قرار تحالف أوبك+

تراجعت أسعار النفط بشكل ملحوظ نتيجة قرار تحالف "أوبك+" بزيادة الإنتاج بمعدل كبير، وسط مخاوف متصاعدة من وفرة في السوق بالتزامن مع ضعف في الطلب نتيجة الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتتزايد الضغوط على الأسعار مع تسارع وتيرة الإنتاج من داخل وخارج التحالف، بينما يترقب المستثمرون تأثير التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتقلبات المحتملة في السياسة النقدية العالمية.
أداء أسعار النفط اليوم
شهدت أسعار النفط هبوطاً حاداً تجاوز حاجز الدولارين للبرميل في بداية التعاملات الآسيوية ليوم الاثنين، وذلك عقب إعلان "أوبك+" عن توجه جديد لزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع من المتوقعة.
فقد انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 2.04 دولار للبرميل، أو ما يعادل 3.33%، لتستقر عند 59.25 دولار للبرميل بحلول الساعة 22:40 بتوقيت غرينتش. كما تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 2.10 دولار أو 3.60%، ليصل إلى 56.19 دولار للبرميل.
وفي وقت لاحق، استمر الهبوط ليصل سعر خام برنت إلى 58 دولاراً للبرميل بانخفاض بنسبة 4.6%، بينما بلغ سعر خام غرب تكساس 56.03 دولاراً للبرميل، مسجلاً تراجعاً بنسبة 3.88%. ولامس كلا الخامين أدنى مستوياتهما منذ التاسع من أبريل/نيسان، وهو ما يشير إلى تأثر السوق العميق بقرار التحالف النفطي.
قرار "أوبك+" بزيادة الإنتاج يعمق الخسائر ويثير قلق الأسواق
أعلن تحالف "أوبك+"، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، يوم السبت عن خطط لزيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يومياً بدءاً من شهر يونيو المقبل. ويُعد هذا القرار تسريعاً لاستراتيجية استئناف الإنتاج المتوقف سابقاً، وهو ما قد يساهم في زيادة المعروض بشكل يفوق الطلب الفعلي، مما يهدد بتفاقم التراجع في أسعار الخام في الأسواق العالمية.
وتعكس هذه الزيادة خطوة مماثلة أعلن عنها التحالف الشهر الماضي، حين تسبب الإعلان المفاجئ عن ضخ كميات تعادل ثلاثة أضعاف الكميات المخطط لها في مايو، بهبوط حاد لأسعار النفط. ويأتي هذا التحول في إطار تراجع "أوبك+" التدريجي عن تخفيضات الإنتاج التي كانت قد ساعدت على دعم الأسعار خلال فترات الاضطراب في السوق.
غير أن هذه الاستراتيجية الجديدة جعلت التحالف يخسر تدريجياً حصصاً سوقية لصالح منتجين آخرين من خارج "أوبك+"، مثل الولايات المتحدة، الذين لم يتقيدوا بقيود الإنتاج وواصلوا ضخ كميات متزايدة إلى السوق العالمية.
الشركات الكبرى تواصل الاستثمار رغم التراجع
في مؤشر إضافي على تنامي المعروض النفطي، أعلنت شركات كبرى مثل "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، و"شل"، و"توتال إنرجيز" استمرار التزامها بخططها الاستثمارية، في وقت كشفت فيه عن نتائج قوية للربع الأول من العام. على الجانب الآخر، شكلت شركة "بي بي" استثناءً، إذ قررت خفض إنفاقها الاستثماري تحت ضغوط من صندوق التحوط "إليوت إنفستمنت مانجمنت"، ما يعكس توجهاً أكثر تحفظاً تجاه السوق.
آراء وتحليلات
قال تيم إيفانز، مؤسس شركة "إيفانز أون إنرجي"، في مذكرة تحليلية إن قرار "أوبك+" الصادر في 3 مايو برفع الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً إضافية في يونيو، يعزز توقعات السوق بتحول ميزان العرض والطلب العالمي إلى فائض، وهو ما قد يزيد من الضغط الهبوطي على الأسعار خلال الأشهر المقبلة.
كما كشفت مصادر داخل "أوبك+" لوكالة "رويترز" أن المجموعة تدرس إلغاء التخفيضات الطوعية بالكامل بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول إذا لم تلتزم الدول الأعضاء بحصصها الإنتاجية. مثل هذا القرار سيؤدي إلى تدفق كميات إضافية من النفط للأسواق، في وقت تعاني فيه الأسواق بالفعل من ضعف في الطلب.
بنوك استثمارية تعدل توقعاتها لأسعار النفط بعد خطوة "أوبك+"
تسببت التطورات الأخيرة في دفع عدد من المؤسسات المالية الكبرى إلى تعديل توقعاتها لأسعار النفط خلال السنوات القادمة. فقد خفض بنك "باركليز" توقعاته لسعر خام برنت بمقدار 4 دولارات ليصل إلى 66 دولاراً للبرميل لعام 2025، وبمقدار دولارين ليصل إلى 60 دولاراً للبرميل لعام 2026، مبرراً ذلك بتسريع "أوبك+" لخطة التخلص من تخفيضات الإنتاج.
بدوره، عدّل "مورغان ستانلي" توقعاته للأسعار، مرجحاً أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 62.50 دولاراً للبرميل خلال الربعين الثالث والرابع من عام 2025، وهو انخفاض بواقع 5 دولارات عن التوقعات السابقة. وفي السياق ذاته، قامت مجموعة "غولدمان ساكس"، بقيادة دان سترويفن، بخفض توقعاتها أيضاً، في إشارة إلى توقعات سائدة بتدهور إضافي في الأسعار.
التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تزيد المخاوف
وفي خضم هذه التطورات السوقية، تصاعدت حدة التوترات في الشرق الأوسط، ما أثار مخاوف إضافية لدى المستثمرين. فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على إيران، بعد سقوط صاروخ أطلقته جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران قرب المطار الرئيسي في إسرائيل.
ورد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زادة، مؤكداً أن إيران سترد بقوة إذا تعرضت لهجوم من الولايات المتحدة أو إسرائيل، مما يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في منطقة تُعد أحد أهم مصادر النفط في العالم، وقد يفضي ذلك إلى تقلبات عنيفة في الأسواق في حال تطورت الأحداث.
النفط بين أسوأ السلع أداءً في عام 2025
بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ"، كان عام 2025 من بين أسوأ الأعوام أداءً للنفط منذ أربع سنوات، نتيجة للضغوط المركبة من الحرب التجارية التي أطلقها ترمب، والتي أضعفت آفاق النمو العالمي، وأثّرت سلباً في ثقة المستثمرين، وأدت إلى تراجع في الطلب على الطاقة.
وقد ساهم التحول في سياسة "أوبك+" نحو تسريع زيادة الإنتاج، في تعزيز موجة البيع المكثفة في السوق، مما جعل النفط من بين أكثر السلع تعرضاً للخسائر خلال العام الجاري.
وفي هذا الصدد، أوضح أجاي بارمار، مدير تحليلات سوق النفط في شركة "ICIS"، أن السوق لن تتمكن من استيعاب الزيادة الجديدة من "أوبك+" بسهولة، مشيراً إلى أن ضعف الطلب نتيجة الرسوم الجمركية المفروضة مؤخراً يجعل تراجع أسعار خام برنت "أمراً محتوماً".
تراجع الأسعار يفتح نافذة للبنوك المركزية للتخفيف النقدي
رغم الأثر السلبي لهبوط الأسعار على الدول المنتجة للنفط، إلا أن هذا التراجع قد يكون موضع ترحيب من قبل البنوك المركزية، خاصة في الولايات المتحدة. فهبوط أسعار الطاقة، بما فيها الديزل والبنزين، قد يعوض جزئياً التأثير التضخمي الناتج عن الحروب التجارية والرسوم الجمركية.
ويأتي هذا التطور في وقت يستعد فيه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لعقد اجتماع هذا الأسبوع لمراجعة السياسة النقدية. ويواجه الفيدرالي ضغوطاً متواصلة من الرئيس ترمب لخفض أسعار الفائدة دعماً للنمو الاقتصادي.
من جانبه، لمح ترمب إلى إمكانية تخفيف الرسوم الجمركية المفروضة على الصين في المستقبل، مشيراً إلى أن المستويات الحالية مرتفعة للغاية، إلى درجة أن أكبر اقتصادين في العالم "توقفا فعلياً عن ممارسة الأعمال مع بعضهما".
مجموعة غولدمان ساكس تخفض توقعاتها لأسعار النفط
خفضت مجموعة غولدمان ساكس إنك توقعاتها لأسعار النفط لتعكس مراجعة تصاعدية لإمدادات أوبك+ المتوقعة بدءًا من يوليو.
وتتوقع البنك الاستثماري الآن أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 60 دولار للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط 56 دولار في ما تبقى من عام 2025، انخفاضًا من التوقعات السابقة البالغة 63 دولار و59 دولار على التوالي. وبالنسبة لعام 2026، تتوقع غولدمان أن يبلغ متوسط برنت/غرب تكساس الوسيط 56/52 دولار، مقارنة بـ 58/55 دولار سابقًا.
يأتي هذا التعديل بعد قرار مجموعة أوبك8+ زيادة الإنتاج بمقدار 411,000 برميل يوميًا في يونيو، بما يتماشى مع السيناريو الأساسي لغولدمان.
وقال استراتيجيو البنك بقيادة دان سترويفن في مذكرة: "من المرجح أن يعكس القرار المخزونات المنخفضة نسبيًا وتحولًا أوسع نحو توازن أكثر تركيزًا على المدى الطويل لدعم التماسك الداخلي وتنظيم إمدادات النفط الصخري الأمريكي بشكل استراتيجي".
ويفترض البنك الآن زيادة أخرى قدرها 411,000 برميل يوميًا في يوليو، ارتفاعًا من التقدير السابق البالغ 140,000 برميل يوميًا، مما يعكس تغييرًا في التوقعات بشأن استراتيجية إنتاج المجموعة.
وأضاف الاستراتيجيون: "يزيد قرار يوم السبت من ثقتنا في أن الحجم الأساسي الجديد لزيادات الإنتاج من المرجح أن يكون 0.41 مليون برميل يوميًا".
كما أشاروا إلى نشاط اقتصادي أمريكي أقوى من المتوقع، بما في ذلك بيانات قوية للرواتب ومؤشر مديري المشتريات، كسبب قد يدفع أوبك8+ للحفاظ على وتيرتها الحالية من زيادات الإنتاج عندما تجتمع مرة أخرى في 1 يونيو.
وعلى الرغم من أساسيات السوق الفورية المشددة، حافظت غولدمان على نظرة حذرة بشأن أسعار النفط، مشيرة إلى مخاطر الانخفاض. وقالت: "تظل قناعتنا الرئيسية هي أن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية العالية ومخاطر الركود العالية تميل بمخاطر أسعار النفط نحو الانخفاض".
وحذروا من أن أسعار النفط قد تواجه انخفاضًا إضافيًا إذا استمر الإنتاج في الارتفاع بينما يضعف الطلب.
ووفقًا للبنك، فإن التخلي التدريجي عن خفض إنتاج أوبك+ البالغ 2.2 مليون برميل يوميًا يمكن أن يدفع سعر برنت إلى أقل من 50 دولار وخام غرب تكساس الوسيط إلى منتصف الأربعينات بحلول نهاية عام 2026. وفي سيناريو أكثر سوءًا يتسم بتباطؤ الاقتصاد العالمي، قد ينخفض سعر برنت إلى حوالي 40 دولار وخام غرب تكساس الوسيط إلى أواخر الثلاثينات.
وأضاف الاستراتيجيون: "على الرغم من أنه أقل احتمالًا، فإننا لا نستبعد المزيد من زيادات الإنتاج بما يتجاوز إلغاء خفض 2.2 مليون برميل يوميًا، مما سيترك العديد من منتجي أوبك الأساسيين بطاقة احتياطية كبيرة".
خلاصة : تواجه أسواق النفط العالمية تحديات معقدة ومتشعبة، تتمثل في زيادة سريعة في الإمدادات، وضعف واضح في نمو الطلب، وتصاعد في التوترات الجيوسياسية، ومخاوف من تحولات سياسية واقتصادية قد تغير معادلات السوق. ورغم أن انخفاض الأسعار قد يحمل فوائد مؤقتة لبعض الاقتصادات المستوردة، إلا أنه يضع المنتجين، وصناعة النفط العالمية برمتها، أمام اختبار صعب قد يستمر لفترة أطول من المتوقع.