- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- النفط يصعد بدعم من قرار "أوبك+" ومخاوف عقوبات جديدة على روسيا
النفط يصعد بدعم من قرار "أوبك+" ومخاوف عقوبات جديدة على روسيا

ارتفعت أسعار النفط في تداولات يوم الثلاثاء، مدعومة بمزيج من القرارات المفاجئة لتحالف "أوبك+" والتوترات الجيوسياسية المتزايدة، في وقت ما تزال الأسواق العالمية تترقب بقلق تداعيات احتمال فرض عقوبات إضافية على روسيا، أحد أكبر مصدّري الخام في العالم.
أداء أسعار الخام
بحلول الساعة 03:35 بتوقيت غرينتش، ارتفع خام برنت القياسي بمقدار 35 سنتاً أو 0.53% ليصل إلى 66.37 دولاراً للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً أو 0.51% إلى 62.58 دولاراً للبرميل.
هذه المكاسب المحدودة جاءت بعد سلسلة من التراجعات خلال العام، حيث فقد برنت نحو 11% من قيمته منذ بداية 2023، إلا أنه حافظ على درجة من الاستقرار النسبي مدعوماً بقرارات الإنتاج وتطورات الطلب العالمي.
قرار أوبك+
في اجتماع عُقد يوم الأحد، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها ضمن تحالف "أوبك+" على زيادة متواضعة في الإنتاج قدرها 137 ألف برميل يومياً اعتباراً من أكتوبر المقبل. هذه الخطوة جاءت أقل بكثير من الزيادات الشهرية السابقة التي بلغت نحو 555 ألف برميل يومياً في أغسطس وسبتمبر، و411 ألف برميل يومياً في يوليو ويونيو.
ويرى مراقبون أن هذه الزيادة المحدودة تعكس قدراً من الحذر في قراءة مشهد الطلب العالمي، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن إصرار التحالف على استعادة حصص سوقية في مواجهة منتجين آخرين، أكثر من سعيه إلى الدفاع عن مستويات الأسعار المرتفعة.
خفض أسعار أرامكو لآسيا
على صعيد آخر، أعلنت شركة "أرامكو" السعودية، المنتج الحكومي الأكبر في العالم، عن خفض أسعار جميع أنواع خامها المخصصة للمشترين في آسيا للشهر المقبل، وذلك بعد قرار "أوبك+" إعادة المزيد من البراميل المعطلة إلى السوق في أكتوبر.
وكان الخفض في سعر خام "العربي الخفيف" المخصص لآسيا أكبر من التوقعات، ما أثار قلق المتداولين في الأسواق الآسيوية الذين اعتبروا هذه الخطوة إشارة سلبية على احتمالية دخول السوق في مرحلة تخمة معروض تمتد حتى نهاية العام الحالي وربما إلى غاية عام 2026، وهو ما من شأنه أن يشكل ضغطاً هبوطياً على الأسعار.
وفي هذا السياق، قال المحلل "تشو مي" من معهد أبحاث تابع لشركة "كاوس تيرناري فيوتشرز":
"من الواضح أن السعودية انتقلت إلى معركة على الحصص السوقية، وهو ما يترك السوق أمام احتمال كبير لفائض في الإمدادات".
ديناميكيات العرض والطلب
إعادة 137 ألف برميل يومياً إلى الأسواق في أكتوبر تمثل زيادة أقل من المقررة في الأشهر السابقة، الأمر الذي يعكس اختلافاً في مقاربة التحالف بعد مرحلة طويلة من التخفيضات الطوعية. ومع ذلك، فإن القرار يؤكد استمرار "أوبك+" في مسار إعادة الإنتاج تدريجياً، في محاولة لتحقيق توازن بين دعم الأسعار والحفاظ على حصص السوق.
ورغم المخاوف من الفائض، فإن بعض العوامل دعمت الأسعار في الأسابيع الأخيرة، مثل عمليات التخزين الاستراتيجي في الصين التي ساعدت على امتصاص جزء من الإمدادات. غير أن فريدريك لاسير، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة "غنفور"، حذّر من أن الصين قد لا تتمكن من استيعاب كامل الفائض المرتقب، مؤكداً في مؤتمر آسيا والمحيط الهادئ للبترول في سنغافورة أن ذلك يشكل تحدياً إضافياً أمام الأسواق.
رؤية المحللين
في مذكرة للعملاء صدرت يوم الثلاثاء، قال "دانيال هاينز"، كبير محللي السلع في بنك "إيه إن زد":
"إن خطوة أكتوبر تمثل عكساً للتخفيضات التي كان من المقرر أن تستمر حتى نهاية 2026، بعد العودة السريعة للدفعات السابقة من البراميل المتوقفة خلال الأشهر الأخيرة".
كما أضافت شركة "هايتونغ سيكيوريتيز" أن الزيادة السريعة في إنتاج أوبك+ هذا العام، إلى جانب تراجع الطلب عن التوقعات المبكرة، سيبقيان المحركين الأساسيين لأسعار النفط في المرحلة المقبلة.
التوترات الجيوسياسية وعقوبات محتملة
إلى جانب قرارات الإنتاج، تلقى النفط دعماً من التوترات المتصاعدة في أوكرانيا، حيث شنّت روسيا أكبر هجوم جوي لها على العاصمة كييف منذ أشهر، ما أدى إلى احتراق مبنى حكومي.
وفي رد فعل سريع، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه مستعد للانتقال إلى "المرحلة الثانية من القيود" ضد موسكو، في إشارة إلى حزمة جديدة من العقوبات.
من جهته، كان كبير مسؤولي العقوبات في الاتحاد الأوروبي قد وصل إلى واشنطن برفقة فريق من الخبراء لبحث إجراءات منسقة عبر الأطلسي ضد روسيا، ستكون الأولى من نوعها منذ عودة ترامب إلى السلطة. وأي عقوبات إضافية على روسيا من شأنها أن تقلص صادراتها النفطية إلى الأسواق العالمية، وبالتالي تدعم ارتفاع الأسعار.
من جانب آخر، يترقب المستثمرون اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع المقبل، حيث تشير توقعات الأسواق إلى احتمال بنسبة 89.4% لخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.
خفض الفائدة من شأنه أن يقلل تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات على حد سواء، ما قد يعزز النمو الاقتصادي ويزيد الطلب على الطاقة، وبالتالي يوفر دعماً إضافياً لأسعار النفط.
في المحصلة، يقف سوق النفط العالمي حالياً أمام مفترق طرق حرج، إذ تتجاذبه قوى متناقضة:
-
قرارات "أوبك+" التي تميل نحو زيادة تدريجية للإنتاج مع احتدام معركة الحصص السوقية.
-
مخاطر فائض المعروض وتباطؤ الطلب، خصوصاً في آسيا.
-
التوترات الجيوسياسية والاحتمالات الجادة لفرض عقوبات جديدة على روسيا.
-
السياسات النقدية الأميركية وتأثيرها المباشر على النمو العالمي.
هذه العوامل مجتمعة تجعل أسعار النفط مرشحة لتقلبات حادة في الأشهر المقبلة، بين ضغوط هبوطية ناتجة عن زيادة المعروض، وضغوط صعودية من العقوبات الجيوسياسية وتحركات الفيدرالي.