أسعار النفط تتجه لأكبر خسارة سنوية منذ 2020 وسط ضغوط العرض والطلب

تواصل أسعار النفط تحركاتها السلبية مع اقتراب نهاية العام، متجهةً نحو تسجيل أكبر خسارة سنوية منذ عام 2020، في ظل مزيج معقد من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، أبرزها تقييم المستثمرين لوتيرة النمو الاقتصادي الأميركي، إلى جانب تصاعد المخاوف المتعلقة بإمدادات النفط من فنزويلا وروسيا، فضلاً عن توقعات تفوق المعروض على الطلب خلال العام المقبل.

أداء أسعار النفط في جلسة الإغلاق

أنهت أسعار النفط تعاملاتها على انخفاض طفيف، حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 14 سنتاً، أو ما يعادل 0.2%، لتستقر عند 62.24 دولار للبرميل. في المقابل، انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 3 سنتات، أو 0.05%، ليغلق عند مستوى 58.29 دولار للبرميل.

عوامل الضغط على السوق

وأوضح توني سيكامور، المحلل لدى شركة آي جي، أن تحركات السوق خلال الأسبوع الماضي جاءت نتيجة مزيج من عمليات تصفية المراكز في بيئة تداول منخفضة السيولة، خاصة بعد فشل موجة الهبوط السابقة في اكتساب زخم إضافي، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحصار الأميركي المفروض على فنزويلا.

 

وأضاف أن هذه التطورات تزامنت مع صدور بيانات قوية للناتج المحلي الإجمالي الأميركي، ما زاد من تعقيد المشهد أمام المستثمرين.

النمو الأميركي وتأثيره على التوقعات

وأظهرت البيانات الاقتصادية أن الاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم، سجل أسرع وتيرة نمو له خلال عامين في الربع الثالث من عام 2025، مدفوعاً بإنفاق استهلاكي قوي وانتعاش ملحوظ في الصادرات.

 

ورغم أن هذه البيانات عادةً ما تعزز التوقعات الإيجابية للطلب على الطاقة، فإن الأسواق لا تزال قلقة من اختلال ميزان العرض والطلب على المدى المتوسط.

أكبر خسارة سنوية منذ جائحة كورونا

من المتوقع أن يتكبد خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط خسائر سنوية تُقدّر بنحو 16% و18% على التوالي، لتكون بذلك أكبر تراجعات سنوية منذ عام 2020، عندما تسببت جائحة كورونا في انهيار الطلب العالمي على النفط. وتشير التوقعات الحالية إلى أن المعروض النفطي قد يتجاوز الطلب خلال العام المقبل، ما يُبقي الضغوط قائمة على الأسعار.

اضطرابات الإمدادات ودورها في دعم الأسعار

على صعيد العرض، شكّلت اضطرابات الصادرات الفنزويلية العامل الأبرز في توفير بعض الدعم للأسعار، في وقت أسهمت فيه الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا على البنية التحتية للطاقة في الحد من الضغوط الهبوطية، وفقاً لتقرير صادر عن شركة هايتونغ فيوتشرز.

 

وتشير بيانات السوق إلى وجود أكثر من اثنتي عشرة ناقلة نفط محمّلة في المياه الفنزويلية، بانتظار توجيهات جديدة من مالكيها، بعد أن احتجزت الولايات المتحدة ناقلة النفط العملاقة «سكيبر» في وقت سابق من الشهر الجاري، إضافة إلى استهداف سفينتين أخريين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

تقلبات موسمية وتركيز على فنزويلا

وقال دينيس كيسلر، نائب الرئيس الأول للتداول في بنك بي أو كيه فاينانشال، إن تقلبات حركة التجارة خلال فترة العطلات يُتوقع أن تكون العامل السائد في الأسواق حالياً، مشيراً إلى أن الحصار المفروض على فنزويلا سيظل محور التركيز الرئيسي خلال عطلة نهاية الأسبوع.

تراجع الصادرات من كازاخستان

وفي تطور إضافي على جانب الإمدادات، من المتوقع أن تنخفض شحنات النفط من كازاخستان عبر خط أنابيب بحر قزوين بنحو الثلث خلال شهر ديسمبر كانون الأول، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أكتوبر تشرين الأول 2024.

 

ويعود ذلك إلى أضرار لحقت بالمنشآت في محطة التصدير الرئيسية التابعة لخط الأنابيب، إثر هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية، بحسب ما أفاد به مصدران في السوق.

المخزونات الأميركية تزيد الضغوط

على صعيد البيانات، نقلت مصادر في السوق عن أرقام معهد البترول الأميركي أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار 2.39 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.

 

كما زادت مخزونات البنزين بنحو 1.09 مليون برميل، وارتفعت مخزونات المشتقات النفطية بمقدار 685 ألف برميل، وهو ما عزز المخاوف من ضعف الطلب في أكبر سوق للطاقة عالمياً.

 

ومن المقرر أن تصدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية البيانات الرسمية للمخزونات يوم الاثنين المقبل، متأخرة عن موعدها المعتاد بسبب عطلة عيد الميلاد، وهو ما قد يوفر إشارات إضافية حول اتجاه السوق مع بداية العام الجديد.

 

نظرة عامة

في المحصلة، يظل سوق النفط عالقاً بين ضغوط فائض المعروض، والمخاطر الجيوسياسية التي تحدّ من الهبوط الحاد للأسعار، وسط ترقب المستثمرين لأي مؤشرات جديدة قد تعيد رسم ملامح التوازن بين العرض والطلب خلال الفترة المقبلة.

 
تم التحديث في: الخميس, 25 كانون الأول 2025 11:47
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول