تراجع أسعار النفط وترقب محادثات السلام واجتماع أوبك+ وتأثيرها على السوق العالمي

شهدت أسعار النفط العالمية تراجعاً ملحوظاً خلال تعاملات يوم الخميس، في ظل حالة من الحذر والترقب تسود أوساط المستثمرين مع متابعة التطورات السياسية المتعلقة بالجهود الأميركية لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، إلى جانب انتظار اجتماع تحالف "أوبك+" المرتقب نهاية الأسبوع، والذي قد يحمل إشارات مهمة بشأن مستقبل سياسة الإنتاج.

أداء أسعار النفط اليوم

تراجعت أسعار النفط مع تصاعد الحديث عن احتمالية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يفتح الباب أمام تخفيف تدريجي للعقوبات الغربية المفروضة على صادرات الطاقة الروسية.

 

ويترقب المستثمرون انعكاسات أي تقدم دبلوماسي على تدفقات الخام الروسية إلى الأسواق العالمية، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتسم بوفرة المعروض وضعف الطلب النسبي.

 

وساهمت عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة في تقليص أحجام التداول، ما زاد من حالة الهدوء النسبي في الأسواق وحدّ من التقلبات الحادة، مع ميل الأسعار إلى الانخفاض الطفيف تحت تأثير المعنويات الحذرة.

 

انخفض خام برنت إلى مستويات قريبة من 62 دولاراً للبرميل بعد أن سجل ارتفاعاً بنحو 1% في الجلسة السابقة، بينما تداول خام غرب تكساس الوسيط بالقرب من 58 دولاراً للبرميل.

 

وسجلت عقود برنت خسارة قدرها 33 سنتاً أو ما يعادل 0.5% لتستقر عند 62.8 دولار للبرميل، في حين تراجعت عقود خام غرب تكساس بنحو 32 سنتاً أو 0.6% لتصل إلى 58.33 دولار للبرميل.

 

ويأتي هذا التراجع بعد موجة صعود محدودة في الجلسة السابقة، عندما أعاد المستثمرون تقييم مخاطر فائض المعروض العالمي واحتمالات التوصل إلى اتفاق سلام قد يغيّر خريطة الإمدادات في السوق.

تحركات دبلوماسية حاسمة وترقب لتداعياتها

يستعد المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف لقيادة وفد رفيع المستوى إلى موسكو خلال الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مباشرة مع المسؤولين الروس حول خطة محتملة لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات.

 

هذه الزيارة أعادت طرح تساؤلات جوهرية حول سرعة انعكاس أي اتفاق سياسي على أرض الواقع، ومدى تأثيره الفعلي في تدفقات النفط الخام.

 

ورغم الآمال المتزايدة، نقلت تصريحات دبلوماسي روسي كبير تشككاً واضحاً في إمكانية تقديم تنازلات كبيرة ضمن خطة السلام، ما يعزز حالة الضبابية في الأسواق بشأن المدى الزمني لعودة الإمدادات الروسية إلى مستوياتها الطبيعية.

 

وفي هذا السياق، أكد حارث خورشيد، مدير الاستثمار في "كاروبار كابيتال إل بي"، أن أي اتفاق سلام لا يحمل تأثيراً حقيقياً على السوق ما لم يترجم إلى زيادة فعلية في البراميل المتدفقة، مشيراً إلى أن السوق تحتاج إلى بنية لوجستية كاملة تشمل الأنابيب والعقود والشحن، وليس مجرد توافقات سياسية أو مصافحات دبلوماسية.

اجتماع أوبك+ عامل محوري في توجيه السوق

تتجه الأنظار أيضاً إلى اجتماع تحالف أوبك+ المقرر في 30 نوفمبر، والذي يأتي في وقت حساس يشهد ضغوطاً متزايدة نتيجة تباطؤ الطلب وتراكم المخزونات العالمية. وكان التحالف قد قرر في وقت سابق تجميد أي زيادات إضافية في الإنتاج خلال الربع الأول من العام المقبل، بعد فترة من رفع الإمدادات بوتيرة سريعة خلال عام 2025.

 

ويمثل هذا الاجتماع محطة مفصلية قد تحدد مسار أسعار النفط في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن فائض المعروض واستمرار الضبابية الاقتصادية العالمية.

أطول سلسلة خسائر شهرية منذ 2023

يتجه النفط إلى تسجيل رابع تراجع شهري على التوالي خلال نوفمبر، وهي أطول سلسلة هبوط منذ عام 2023، في إشارة واضحة إلى الضغوط المستمرة التي تعاني منها السوق نتيجة اختلال التوازن بين العرض والطلب، إلى جانب العوامل الجيوسياسية المتقلبة والتوقعات الاقتصادية الحذرة.

 

وأشار استطلاع أجرته بلومبرغ وشمل نحو 20 متداولاً ومستثمراً في قطاع النفط إلى أن غالبية المشاركين لا يتوقعون اتفاق سلام قريباً، أو يرون أن أي اتفاق محتمل سيحتاج إلى وقت طويل قبل أن ينعكس فعلياً على تدفقات الخام الروسي.

تأثير السياسة النقدية على أسعار النفط

رغم الضغوط الحالية، حدّت توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ديسمبر من وتيرة التراجع، إذ يُنظر إلى هذا التوجه باعتباره داعماً للنمو الاقتصادي العالمي، ما قد ينعكس إيجاباً على الطلب على النفط والطاقة خلال الفترة المقبلة، وفقاً لتقديرات محللي بنك ING.

 

وأضافت المحللة بريانكا ساشديفا من شركة فيليبس نوفا أن أسعار النفط تتراجع بشكل طفيف على وقع آمال التقدم في محادثات السلام، لكنها شددت على أن السوق لا تزال ضعيفة وتفتقر إلى اتجاه واضح في ظل ترقب اجتماع أوبك+ وتأثير عطلة عيد الشكر على السيولة.

 

وأكدت أن أي اختراق جدي في المسار الدبلوماسي قد يؤدي إلى دخول براميل روسية إضافية إلى سوق تعاني أصلاً من فائض المعروض، ما قد يضغط على الأسعار على المدى المتوسط، رغم إمكانية حدوث ارتفاعات قصيرة الأمد مدفوعة بردود فعل مؤقتة.

 

نظرة مستقبلية

تبقى أسعار النفط رهينة توازن دقيق بين العوامل السياسية والاقتصادية، حيث يتقاطع تأثير محادثات السلام، وقرارات أوبك+، والسياسة النقدية الأميركية، مع واقع السوق العالمي الذي يشهد فائضاً في الإمدادات وتباطؤاً نسبياً في الطلب.

 

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يواصل المستثمرون مراقبة المستجدات لحظة بلحظة بحثاً عن إشارات أوضح تحدد الاتجاه القادم لسوق الطاقة العالمية.

تم التحديث في: الخميس, 27 تشرين الثاني 2025 14:49
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول