- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- أسعار النفط تتراجع تأثراً بخطط أوبك لزيادة الإنتاج وسط ضغوط المعروض والعقوبات الأميركية على روسيا
أسعار النفط تتراجع تأثراً بخطط أوبك لزيادة الإنتاج وسط ضغوط المعروض والعقوبات الأميركية على روسيا

تراجعت أسعار النفط العالمية اليوم الثلاثاء، مواصلة خسائرها للجلسة الثالثة على التوالي، مع هيمنة ضغوط خطط "أوبك+" لزيادة إنتاج الخام على التفاؤل الحذر بشأن تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ويأتي هذا التراجع وسط مشهد عالمي معقّد يجمع بين وفرة الإمدادات، والعقوبات الأميركية على كبرى الشركات الروسية، والآمال بصفقة تجارية مرتقبة بين أكبر اقتصادين في العالم.
أداء أسعار النفط اليوم
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 0.2% لتصل إلى 65.47 دولاراً للبرميل، فيما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنفس النسبة إلى 61.15 دولاراً للبرميل.
وأشار بنك "إيه.إن.زد" في مذكرة تحليلية إلى أن المتعاملين في السوق "يوازنون حالياً بين التقدم المحرز في المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، وبين التوقعات المتزايدة بزيادة المعروض العالمي من النفط"، ما يبقي الأسعار تحت ضغط واضح.
ووفقًا لأربعة مصادر مطلعة على محادثات "أوبك+" نقلتها وكالة رويترز، فإن التحالف، الذي يضم منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، يميل نحو زيادة متواضعة جديدة في الإنتاج خلال ديسمبر المقبل، وهي خطوة قد تُضعف الأسعار مجددًا في ظل تراكم الإمدادات العالمية.
وبعد سنوات من خفض الإنتاج لدعم استقرار السوق، بدأ التحالف تدريجيًا التراجع عن تلك التخفيضات منذ أبريل الماضي، في إشارة إلى رغبة المنتجين في الحفاظ على حصصهم السوقية دون التسبب بانهيار الأسعار.
آمال تجارية بين واشنطن وبكين تمنح الأسواق بعض الدعم
في المقابل، لا تزال الأسواق تترقب نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، والمقرر عقده يوم الخميس في كوريا الجنوبية، وسط آمال بأن يفضي الاجتماع إلى اتفاق تجاري جديد يحدّ من التوترات التي خيمت على الاقتصاد العالمي خلال السنوات الماضية.
وخلال مكالمة هاتفية، أبلغ وزير الخارجية الصيني نظيره الأميركي بأن بكين تأمل في أن تلتقي واشنطن معها "في منتصف الطريق" للتحضير لتفاعلات رفيعة المستوى تعزز العلاقات بين البلدين.
هذا التطور الإيجابي يضيف عنصر تفاؤل للأسواق، لكنه لم يكن كافياً لوقف الضغوط الناتجة عن تخمة الإمدادات وزيادة الإنتاج المرتقبة من أوبك+.
العقوبات الأميركية على روسيا تُعيد رسم مشهد الطاقة العالمي
على صعيد آخر، كانت العقوبات الأميركية الأخيرة على أكبر شركات النفط الروسية من أبرز المحركات المؤثرة في الأسواق خلال الأيام الماضية. فقد فرضت واشنطن عقوبات على شركتي "روسنفت" و**"لوك أويل"**، اللتين تمثلان معاً نحو نصف صادرات روسيا من الخام، مما رفع الأسعار مؤقتاً الأسبوع الماضي.
وسجل خاما النفط أكبر مكاسب أسبوعية لهما منذ يونيو الماضي بعد تلك العقوبات، التي وصفها مراقبون بأنها الخطوة الأولى من نوعها في الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، مستهدفة قطاع الطاقة الروسي بشكل مباشر في إطار الضغوط الغربية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وفي تطور لافت، أعلنت شركة "لوك أويل"، ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا، أنها تعتزم بيع أصولها الدولية، في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، ما يعكس حجم الضغوط الواقعة على الشركات الروسية الكبرى.
مخاوف متزايدة من تخمة المعروض العالمي
وأشار بنك "إيه.إن.زد" إلى أن الأسواق "فوجئت بحدة العقوبات الأميركية على أكبر منتجي النفط الروسي"، لكنه حذر من أن المخاوف بشأن تخمة المعروض لا تزال قائمة، خصوصاً في ظل استمرار ارتفاع كميات النفط المشحونة عبر البحار إلى مستويات قياسية، وهو ما يعزز القلق من فائض في الإمدادات العالمية.
كما يواصل تحالف "أوبك+" مراجعة سياسة الإنتاج في اجتماعه المرتقب هذا الأسبوع، وسط انقسام داخلي بين الراغبين في الحفاظ على الأسعار فوق 70 دولاراً، والداعين إلى زيادة الإنتاج لحماية الحصة السوقية من منافسين مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل.
تداعيات العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية
تشير مصادر مطلعة إلى أن واشنطن منحت مهلة تمتد لستة أشهر لبرلين من أجل تسوية وضع الملكية الغامض لأصول شركة "روسنفت" في ألمانيا، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة العلاقات النفطية الأوروبية الروسية دون التسبب بارتفاع حاد في الأسعار.
وأوضح مسؤولون أميركيون أن الخطة تهدف إلى جعل التجارة الروسية أكثر كلفة ومخاطرة دون الإضرار بتوازن السوق العالمي.
وفي هذا السياق، قالت شارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو ماركتس" في سنغافورة، إن العقوبات "تمثل تحولاً واضحاً في سردية سوق النفط، من القلق بشأن الفائض إلى التركيز على مخاطر الانقطاع المحتملة".
وأضافت تشانانا أن "السوق قد تتعامل مع هذه التطورات كعلاوة جيوسياسية مؤقتة، ما لم تشتدّ وطأة العقوبات أو تفشل الإمدادات البديلة في سد الفجوة".
ضغوط المعروض تهيمن رغم التفاؤل التجاري
يبدو أن النفط يتجه لتسجيل الخسارة الشهرية الثالثة على التوالي، في ظل استمرار الضغوط الناتجة عن وفرة الإمدادات من جانب تحالف "أوبك+" والمنتجين المستقلين.
ويتابع المستثمرون باهتمام مسار المفاوضات التجارية الأميركية–الصينية، إذ يأمل كثيرون أن يؤدي اللقاء المرتقب بين ترمب وشي إلى تفاهم يخفف التوتر التجاري ويعيد النشاط إلى الطلب العالمي على الطاقة.
وقبيل الاجتماع، صرح ترمب بأنه قد يثير قضية واردات الصين من النفط الروسي، نظراً لكون بكين من أكبر المستوردين عالمياً، ما يضيف بعداً جيوسياسياً جديداً للمحادثات.
وفي الوقت نفسه، بدأت بعض الشركات الصينية المملوكة للدولة بإلغاء مشترياتها من النفط الروسي المنقول بحراً بعد العقوبات الأميركية، في حين أعلنت مصافٍ هندية نيتها تقليص وارداتها تدريجياً، ما يشير إلى تأثير ملموس للعقوبات على حركة التجارة العالمية في الخام.
توقعات أسعار النفط حتى نهاية العام
مع اقتراب نهاية العام، يتجه محللو الطاقة إلى تبني نظرة حذرة ومتحفظة تجاه أسعار النفط، وسط مزيج من العوامل المتضاربة التي تؤثر على التوازن في السوق العالمية.
فمن جهة، تشير خطط "أوبك+" لزيادة الإنتاج تدريجياً إلى استمرار الضغوط النزولية على الأسعار، خاصة مع ارتفاع المخزونات العالمية وتسجيل مستويات قياسية في شحنات النفط عبر البحار. ومن المتوقع أن تبقى الأسعار تحت ضغط في نطاق يتراوح بين 60 و65 دولاراً لبرميل خام برنت خلال الربع الأخير من العام، في حال تم تنفيذ الزيادة الإنتاجية دون قيود صارمة.
ومن جهة أخرى، فإن العقوبات الأميركية على الشركات الروسية قد تخلق حالة من عدم اليقين في الإمدادات، خصوصاً إذا أدت إلى تعطيل الصادرات الروسية أو تأخير عمليات التسليم، وهو ما قد يوفر دعمًا مؤقتًا للأسعار في حال استمرار التوترات الجيوسياسية أو توسيع العقوبات لتشمل قطاعات إضافية.
كما أن نتائج اللقاء المرتقب بين ترمب وشي جين بينغ تمثل عاملاً محورياً في تحديد اتجاهات السوق خلال الأسابيع المقبلة، إذ يمكن لأي تفاهم تجاري بين الولايات المتحدة والصين أن يعيد بعض الثقة إلى الطلب العالمي على الطاقة ويمنح الأسعار دفعة صعودية نحو مستويات قريبة من 70 دولاراً للبرميل إذا رافقه تحسن في مؤشرات النمو الصناعي الصيني.
في المقابل، يظل خطر تباطؤ الاقتصاد العالمي قائماً، في ظل استمرار الضبابية في السياسات النقدية الأميركية والأوروبية، وضعف الطلب في الأسواق الناشئة. ويرى بعض المحللين أن أي هبوط إضافي دون مستوى 60 دولاراً لبرنت قد يدفع "أوبك+" إلى إعادة النظر في سياستها الإنتاجية بحلول مطلع العام المقبل، لتجنب انهيار جديد في الأسعار شبيه بما حدث في عام 2020.
وبناءً على مجمل العوامل الحالية، يتوقع خبراء الطاقة أن تبقى أسعار النفط في نطاق تذبذب محدود بين 60 و70 دولاراً لبرميل برنت حتى نهاية ديسمبر، مع ترجيح تحركات حادة قصيرة الأمد في حال حدوث تطورات سياسية مفاجئة أو قرارات إنتاجية غير متوقعة من تحالف "أوبك+".
خلاصة تحليلية
تتجه سوق النفط العالمية نحو مرحلة حساسة من التوازن بين العرض والطلب، إذ تُقابل الزيادات المحتملة في إنتاج "أوبك+" وتوسع الإمدادات العالمية بتهديدات جيوسياسية ناجمة عن العقوبات الأميركية على روسيا.
وفي حين تبقى الآمال قائمة بحدوث انفراج تجاري بين واشنطن وبكين، فإن المخاوف من تخمة المعروض قد تحدّ من أي مكاسب مستدامة في الأسعار، ما يجعل السوق عرضة لتقلبات حادة في الأسابيع المقبلة، بانتظار قرارات أوبك+ وتطورات المشهد السياسي العالمي.
