- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار الاقتصاد السوري
- وزارة الخزانة الأميركية تخفف العقوبات على سوريا بموجب قانون قيصر من هم الكيانات والأشخاص المعفيون؟
وزارة الخزانة الأميركية تخفف العقوبات على سوريا بموجب قانون قيصر من هم الكيانات والأشخاص المعفيون؟

في خطوة غير مسبوقة منذ فرض العقوبات الشاملة على سوريا بموجب قانون "قيصر لحماية المدنيين"، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، ترخيصًا عامًا جديدًا يقضي بتخفيف فوري لبعض القيود الاقتصادية المفروضة على الحكومة السورية ومؤسساتها، مع تحديد دقيق للكيانات والأفراد المشمولين بهذا الإعفاء.
الترخيص العام رقم 25 الخاص بسوريا
بتاريخ الجمعة 23 مايو/أيار 2025، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عن إصدار الترخيص العام رقم 25 الخاص بسوريا، والذي يمثّل تحولًا جذريًا في نهج الولايات المتحدة تجاه دمشق، إذ يسمح الترخيص برفع عدد من العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، ويفتح الباب أمام استثمارات دولية وأنشطة تجارية كانت محظورة لعقود.
تفاصيل الترخيص: رفع فوري وواسع النطاق للعقوبات
نصّ القرار على السماح بـ"تنفيذ المعاملات المحظورة سابقًا بموجب أنظمة العقوبات السورية"، بشرط عدم شمول الأفراد أو الكيانات المدرجين على قوائم الحظر ما لم يتم إدراجهم صراحة ضمن ملحق الترخيص العام.
ويُعد هذا الترخيص فعّالًا فور صدوره، ما يعني أن القيود الاقتصادية تم رفعها لحظة توقيع القرار، وهو ما وصفه مراقبون بـ"القرار التاريخي" الذي يمهّد لتغيرات جذرية في الاقتصاد السوري وفي علاقاته الدولية.
بدوره، أصدر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إعفاءً لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر، "الذي سيُمكّن شركاءنا الأجانب وحلفاءنا والمنطقة من تعزيز إمكانات سوريا"، وفق البيان.
وقال روبيو في بيان "وفقاً لوعد الرئيس بتخفيف العقوبات عن سوريا، فقد أصدرت إعفاءً لمدة 180 يوماً من عقوبات قانون قيصر الإلزامية لضمان ألا تعيق العقوبات قدرة شركائنا على القيام باستثمارات دافعة للاستقرار، ودفع جهود التعافي وإعادة الإعمار في سوريا. سوف تسهّل هذه الإعفاءات توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا".
يُجيز الترخيص العام رقم 25 المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا، مما يرفع العقوبات عنها فعليًا. وسيُتيح الترخيص العام رقم 25 فرص استثمارية جديدة وأنشطة في القطاع الخاص، بما يتماشى مع استراتيجية الرئيس "أميركا أولًا". ويُمثل هذا جزءاً واحداً فقط من جهد حكومي أميركي أوسع نطاقاً لرفع كامل هيكل العقوبات المفروضة على سوريا بسبب انتهاكات نظام بشار الأسد.
وبحسب البيان، يُعدّ GL 25 خطوةً أولى رئيسيةً لتنفيذ إعلان الرئيس ترامب في 13 مايو/ أيار بشأن رفع العقوبات عن سوريا. وسيُسهّل GL 25 النشاط في جميع قطاعات الاقتصاد السوري، دون تقديم أي إعفاءات للمنظمات الإرهابية، أو مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، أو تجار المخدرات، أو نظام الأسد السابق. ولا يسمح هذا الإجراء بالمعاملات التي تُفيد روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية، وهي من أبرز الداعمين لنظام الأسد السابق.
الخلفية القانونية: ما هو قانون قيصر؟
قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2020، هو قانون أميركي يفرض عقوبات اقتصادية صارمة وشاملة على الحكومة السورية، وأي جهة تدعمها ماليًا أو لوجستيًا أو تقنيًا، بما في ذلك الشركات الأجنبية والدول الصديقة لسوريا.
الهدف من القانون كان الضغط على النظام السوري لوقف الانتهاكات ضد المدنيين، ومنع أي عملية إعادة إعمار قبل حدوث انتقال سياسي شامل. لكن القانون حاصر الاقتصاد السوري وأضعف قطاعات حيوية، منها المصارف والطاقة والبنى التحتية، ما انعكس سلبًا على الوضع الإنساني في البلاد.
مضمون الترخيص الجديد: ما الذي تغير فعليًا؟
وفقًا لبيان وزارة الخزانة الأميركية، فإن الترخيص العام رقم 25 يتضمن الآتي:
-
السماح بإجراء معاملات كانت محظورة بموجب العقوبات السورية.
-
رفع فعلي للعقوبات عن مجموعة محددة من الكيانات الحكومية والمالية والاقتصادية السورية.
-
تفعيل فوري للترخيص دون الحاجة لإجراءات إضافية من الأطراف المستفيدة.
-
التشديد على استمرار حظر أي تعاملات مع كيانات تابعة لروسيا، إيران، أو كوريا الشمالية.
-
عدم السماح بفك تجميد الأصول المصادرة قبل تاريخ 22 مايو 2025.
الكيانات والأشخاص السوريون المشمولون بإعفاء العقوبات
أصدرت وزارة الخزانة ملحقًا رسميًا مرفقًا بالترخيص، تضمن قائمة موسعة من المؤسسات والشخصيات السورية التي أصبحت مشمولة بقرار رفع العقوبات. وتعد هذه القائمة أكبر تخفيف رسمي للعقوبات منذ بداية الأزمة السورية.
الشخصيات المشمولة بالقرار:
-
الرئيس السوري: أحمد الشرع
-
وزير الداخلية: أنس خطاب
المؤسسات المالية والمصرفية:
-
المصرف المركزي السوري
-
المصرف التجاري السوري
-
المصرف العقاري
-
المصرف الصناعي
-
بنك التسليف الشعبي
-
مصرف التوفير
-
المصرف التعاوني الزراعي
هذه المؤسسات كانت تُعد في السابق شبه مشلولة في تعاملاتها الدولية نتيجة الحظر، ورفع العقوبات عنها الآن يعيد ربطها بالنظام المالي العالمي ويفتح المجال أمام استثمارات وتحويلات مالية وتجارية واسعة.
شركات الطاقة والنفط:
-
المؤسسة العامة للنفط
-
الشركة السورية للنفط
-
الشركة السورية لنقل النفط
-
الشركة السورية للغاز
-
شركة مصفاة بانياس
-
شركة مصفاة حمص
-
المؤسسة العامة للتكرير والتوزيع
-
وزارة النفط والثروة المعدنية السورية
هذه الشركات كانت جوهرية في العقوبات السابقة، باعتبار قطاع النفط مصدر الدخل الرئيسي للحكومة، ورفع العقوبات عنها يفتح الباب أمام استثمارات عربية وآسيوية ضخمة لإعادة تأهيل هذا القطاع.
مؤسسات النقل البحري والموانئ:
-
المديرية العامة للموانئ السورية
-
الشركة العامة لمرفأ اللاذقية
-
الشركة العامة لمرفأ طرطوس
-
غرفة الملاحة البحرية السورية
-
شركة التوكيلات الملاحية السورية
-
الهيئة العامة السورية للنقل البحري
تخفيف العقوبات عن هذه الكيانات يعيد لسوريا شرايينها اللوجستية، ويُتوقع أن تزداد حركة التجارة البحرية وتدفقات البضائع عبر الموانئ السورية بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة.
مؤسسات اقتصادية وسياحية وإعلامية:
-
وزارة السياحة السورية
-
فندق فورسيزون دمشق
-
الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون
رفع العقوبات عن هذه المؤسسات يعكس رغبة في إعادة النشاط الثقافي والسياحي والإعلامي، في خطوة قد تعيد دمج سوريا تدريجيًا في المشهد الإقليمي والدولي.
قد يهمك : القطاعات السورية المستفيدة من رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا
التصريحات الرسمية السورية: ترحيب ومزيد من التوقعات
عقب الإعلان عن القرار، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا رسميًا رحبت فيه بالقرار الأميركي، واعتبرته "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح" نحو تخفيف المعاناة الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري منذ سنوات طويلة من جهته، صرّح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قائلًا:
"نعد شعبنا بمزيد من النجاحات في الأشهر المقبلة بعد القرارات المتتالية برفع العقوبات. سوريا تستحق مكانة عظيمة، واقتصادًا مزدهرًا، ودورًا دوليًا يتناسب مع تاريخها وموقعها الجغرافي والسياسي."
الأهداف الأميركية من القرار: إعادة هندسة العلاقة مع سوريا؟
في ظل هذه التطورات، تساءل مراقبون: هل يشير القرار إلى بداية تحول أميركي شامل في الملف السوري؟
تجيب وزارة الخزانة في بيانها بأن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا القرار إلى:
-
دعم سوريا مستقرة وموحدة تعيش في سلام داخلي ومع جيرانها.
-
تشجيع الحكومة السورية الجديدة على مزيد من التعاون في مكافحة الإرهاب.
-
ضمان حماية الأقليات والمكونات الاجتماعية في البلاد.
-
فتح الباب أمام تحالفات جديدة في الشرق الأوسط تتماشى مع المصالح الأميركية الاستراتيجية.
التأثير الإقليمي والدولي المحتمل
تُعد هذه الخطوة نقطة تحول حاسمة ليس فقط لسوريا بل للمنطقة بأكملها، إذ من المتوقع أن تشجع الدول المجاورة مثل العراق، لبنان، والأردن، وكذلك دول الخليج، على إعادة الانخراط الاقتصادي مع دمشق دون الخوف من تبعات قانون قيصر.
كما أن رفع العقوبات عن مؤسسات مثل المصرف المركزي السوري والموانئ البحرية قد يمهد لعودة التبادل التجاري مع تركيا ومصر وبعض الدول الأوروبية، في حال أُتبعت هذه الخطوة بتفاهمات أوسع سياسية وأمنية.
اقرأ أيضاً : ماذا يعني رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا ومن هم الفئات المشمولة والمُستثناة من القرار ؟
خاتمة: قرار استثنائي يمهد لإعادة بناء اقتصاد سوريا وسط ترقب دولي
يمثل إصدار الترخيص العام رقم 25 من وزارة الخزانة الأميركية تحولًا مفصليًا في العقوبات المفروضة على سوريا، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي والتعاون الإقليمي والدولي. ومع أن القرار لا يشمل الجميع ولا يرفع كل العقوبات، إلا أنه يضع حجر الأساس لبداية مسار جديد قد يُعيد لسوريا جزءًا من استقرارها الاقتصادي ومكانتها الدولية.
هل ستكون هذه الخطوة بداية النهاية لعقوبات قانون قيصر؟ وهل تعود سوريا تدريجيًا إلى الحاضنة الإقليمية والدولية؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.