سعر الفضة يسجل أعلى مستوى منذ أكثر من أربعة عقود وسط ضغوط سيولة غير مسبوقة في لندن

سجّلت أسعار الفضة أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود في موجة ارتفاع مفاجئة أعادت للأذهان أزمة الثمانينيات، مدفوعة بعملية ضغط قصيرة (Short Squeeze) غير مسبوقة في سوق لندن نتيجة شحّ الإمدادات ونقص السيولة.


وفي الوقت ذاته، واصل الذهب تحقيق قمم تاريخية جديدة بدعم من حماس المستثمرين وعمليات الشراء المكثفة من قبل البنوك المركزية العالمية، في ظل تصاعد القلق حيال مستقبل الاقتصاد العالمي والسياسات النقدية.

أداء سعر الفضة اليوم

ارتفعت الفضة الفورية بنسبة 3% لتقترب من 52 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى منذ عام 1980، فيما صعد الذهب الفوري إلى 4073 دولاراً للأونصة بعد تحقيق مكاسب للأسبوع الثامن على التوالي.


كما شهدت أسواق البلاتين والبلاديوم ارتفاعات كبيرة نتيجة موجة الطلب القوية التي اجتاحت أسواق المعادن الثمينة منذ مطلع العام.

 

منذ بداية العام، ارتفعت أسعار المعادن الثمينة الأربعة (الذهب، الفضة، البلاتين، البلاديوم) بنسبة تتراوح بين 50% و80%، وهو أداء استثنائي يعكس التحول العالمي نحو الأصول الآمنة.
وتستند هذه الارتفاعات إلى ثلاثة عوامل رئيسية:

  1. زيادة مشتريات البنوك المركزية، خصوصاً في آسيا والشرق الأوسط، كجزء من استراتيجيات التحوّط ضد الدولار.

  2. تراجع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما عزز جاذبية الأصول غير المدرة للفائدة.

  3. تصاعد المخاطر الجيوسياسية والتجارية بين واشنطن وبكين، إلى جانب المخاوف من الركود الاقتصادي.

توترات جديدة بين الصين وأمريكا تعيد بريق الذهب

عاد الملف التجاري بين واشنطن وبكين ليؤجّج المخاوف مجدداً، بعدما دعت الصين الولايات المتحدة إلى وقف تهديداتها بفرض رسوم جديدة، محذّرة من رد متبادل في حال التصعيد.


لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبدى لهجة أكثر ليونة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما جعل الأسواق تتوقع هدوءاً مؤقتاً في التوترات.


ويرى المحلل "كايل رودا" من شركة كابيتال دوت كوم أن “الذهب يجد دعماً مستمراً كلما ارتفعت تقلبات التجارة العالمية، فحتى عند الهدوء النسبي، يظل المعدن الأصفر محط ثقة المستثمرين كملاذ آمن”.

عملية ضغط قصيرة تاريخية على الفضة في لندن

شهدت سوق لندن للمعادن الثمينة واحدة من أعنف عمليات الضغط القصيرة في تاريخها، بعد أن تسبب نقص المعروض وضعف السيولة في دفع البائعين على المكشوف لتغطية مراكزهم بسرعة، ما أدى إلى قفزة سعرية حادة في الفضة.


ويترقب المستثمرون نتائج تحقيق وزارة التجارة الأمريكية بموجب القسم 232 حول المعادن الحيوية، وسط مخاوف من فرض رسوم جمركية جديدة قد تعمّق أزمة الإمدادات.


هذا النقص أجبر بعض التجار على شحن سبائك الفضة جواً عبر الأطلسي من نيويورك إلى لندن، وهي خطوة غير معتادة بسبب تكلفتها المرتفعة، لكنها أصبحت مبررة بفعل الفجوة السعرية الكبيرة بين السوقين.

أسعار السوق الفورية

المعدن السعر (دولار/أونصة) التغير اليومي نسبة التغير
الذهب 4068.21 +52.7 +1.3%
الفضة 51.00 +1.4 +2.8%
البلاتين 1634 +21 +1.3%
البلاديوم 2590 +90 +3.6%

 

كما استقر مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري دون تغيير يُذكر بعد ارتفاعه 1% في الأسبوع السابق، مما يشير إلى أن الزخم الصعودي للمعادن لا يرتبط فقط بحركة الدولار بل بزيادة الطلب الفعلي والمادي في الأسواق العالمية.

نقص المعروض وتوقعات استمرار العجز في سوق الفضة

أفاد بنك أوف أميركا في تقريره الأخير أن سوق الفضة لا يزال يعاني من عجز هيكلي، رغم توقع انخفاض الطلب بنسبة 11% في العام المقبل نتيجة خفض استخدام المعدن في الألواح الشمسية.


وأشار الاستراتيجيون إلى أن هذا الانخفاض لن يكون كافياً لإحداث فائض في السوق، متوقعين أن يبقى العجز قائماً ولكن بوتيرة أقل.


ويتوقع البنك أن يصل سعر الفضة إلى نحو 65 دولاراً للأونصة بحلول عام 2026، مدفوعاً بارتفاع الطلب الاستثماري وتنامي الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية.

جدول تاريخي لأسعار الذهب والفضة منذ عام 1980

السنة متوسط سعر الذهب (دولار/أونصة) متوسط سعر الفضة (دولار/أونصة)
1980 612 52.50
1990 384 4.83
2000 279 4.95
2010 1225 20.19
2020 1769 20.55
2023 1940 23.5
2025 (تقديري) 4068 51.0

تحليل بياني لاتجاه الذهب والفضة (2023–2025)

يُظهر الرسم البياني أدناه الاتجاه التصاعدي الحاد لكل من الذهب والفضة منذ منتصف عام 2023، حيث:

  • استمر الذهب في تسجيل قمم متتالية بدعم مشتريات البنوك المركزية وتراجع الفائدة الحقيقية.

  • بينما تسارعت الفضة منذ الربع الثاني من 2025 بسبب نقص المعروض وزيادة الطلب الصناعي في قطاعات الطاقة الشمسية والتكنولوجيا.

(الرسم البياني المرفق يوضح مقارنة حركة المعدنين خلال آخر 24 شهراً: منحنى الذهب باللون الذهبي، ومنحنى الفضة باللون الرمادي.)

التحليل الاقتصادي: إلى أين تتجه المعادن الثمينة؟

تؤكد التطورات الحالية أن الأسواق العالمية تشهد مرحلة إعادة تقييم كبرى للأصول التقليدية، حيث يتجه المستثمرون بشكل متزايد نحو الذهب والفضة كملاذين آمنين وسط اضطراب السياسات النقدية وتزايد التوترات الجيوسياسية.


وإذا استمرت البنوك المركزية في نهج التيسير النقدي وخفض الفائدة الحقيقية، فمن المرجح أن تبقى أسعار الذهب فوق 4000 دولار والفضة قرب 50 دولاراً للأونصة حتى نهاية العام، مع احتمالات تسجيل قمم جديدة في 2026.

خلاصة واستشراف مستقبلي

تعيش أسواق المعادن الثمينة مرحلة تاريخية جديدة يتقاطع فيها النقص الفعلي في المعروض مع الطلب المتزايد من المستثمرين والمؤسسات.


الفضة، التي لطالما وُصفت بأنها “الذهب الصناعي”، تستعيد اليوم مكانتها كأصل استراتيجي رئيسي، في حين يواصل الذهب تأكيد دوره الأبدي كـ “مخزن للقيمة” ودرع واقٍ في وجه اضطرابات الأسواق.


ومع استمرار هذه الديناميكيات، يُتوقّع أن تكون السنوات القادمة من أكثر الفترات إشراقاً في تاريخ المعادن النفيسة.

تم التحديث في: الاثنين, 13 تشرين الأول 2025 12:32
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول