الفضة ترتفع لأعلى مستوى منذ 2011 والذهب يقفز بقوة لأعلى مستوى له منذ أكثر من 4 أشهر

حققت الفضة قفزة تاريخية بتجاوزها مستوى 40 دولاراً للأونصة لأول مرة منذ عام 2011، مدعومة بتصاعد التوقعات بأن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه هذا الشهر.

 

هذا التطور ترافق مع ارتفاع ملحوظ في أسعار الذهب، التي سجلت أعلى مستوياتها منذ أبريل، إلى جانب صعود البلاتين والبلاديوم.

 

وقد جاءت هذه المكاسب على خلفية عوامل معقدة تشمل التوترات السياسية التي فجّرها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بهجومه على الفيدرالي، واستمرار العجز في معروض الفضة عالمياً، إضافة إلى تنامي الطلب الاستثماري والصناعي على المعادن النفيسة.

سعر الفضة اليوم

ارتفعت أسعار الفضة الفورية بنسبة 1.5% لتصل إلى 40.46 دولار للأونصة يوم الاثنين عند الساعة 10:38 بتوقيت تركيا، وهو المستوى الأعلى منذ سبتمبر 2011، أي منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً.

 

وبهذا الصعود، عززت الفضة مكاسبها منذ بداية العام لتتجاوز 40%، ما يجعلها من أفضل الأصول أداءً خلال عام 2025 حتى الآن.

 

وجاء هذا الأداء في وقت تشهد فيه الأسواق موجة صعود متزامنة للمعادن النفيسة، حيث ارتفع الذهب والبلاتين والبلاديوم أيضاً بشكل ملحوظ. كما ارتفعت أسعار السبائك بنسبة 0.7% مع بداية الأسبوع، مسجلة أعلى مستوياتها منذ الرقم القياسي الذي حققته في أبريل الماضي.

 

هذا الاختراق التاريخي للفضة يعكس ليس فقط قوة الزخم الحالي، وإنما أيضاً إعادة إحياء شهية المستثمرين تجاه المعدن الأبيض بعد سنوات من التداول دون مستويات 30 دولاراً.

التوترات السياسية وهجمات ترامب تزيد الطلب على الملاذات الآمنة

إلى جانب العوامل الاقتصادية، ساهمت التطورات السياسية في واشنطن في تعزيز موجة الصعود الحالية للفضة فقد صعّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من انتقاداته المتكررة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأمر الذي أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي، وهو ما يعد مسألة جوهرية في استقرار السياسات النقدية.

 

هذه الهجمات خلقت حالة من القلق لدى المستثمرين، ودعمت بشكل مباشر الإقبال على الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة، إضافة إلى المعادن الأخرى كالبلاتين والبلاديوم.

 

فالأسواق عادةً ما تتفاعل بقوة مع أي إشارات قد تمس شفافية أو استقلالية المؤسسات النقدية الكبرى.

توقعات خفض الفائدة تدفع المعادن النفيسة إلى مستويات قياسية

تزايدت الرهانات في الأسواق على أن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، وسط مؤشرات على تباطؤ سوق العمل وتراجع معدلات التضخم بشكل تدريجي. ومن المتوقع أن يعزز تقرير الوظائف الأميركي الرئيسي المرتقب صدوره يوم الجمعة هذه التوقعات.

 

من المعروف أن انخفاض تكاليف الاقتراض يمثل عاملاً رئيسياً يدعم أسعار المعادن النفيسة، التي لا توفر عائداً مباشراً لحامليها. ففي بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، تصبح أدوات مثل السندات الحكومية أكثر جاذبية للمستثمرين، بينما في حالة التيسير النقدي، تتفوق المعادن النفيسة كملاذ آمن ومخزن للقيمة.

 

تلعب العوامل الأساسية المتعلقة بالعرض والطلب دوراً محورياً في دعم أسعار الفضة. وبحسب تقديرات "معهد الفضة"، فإن السوق العالمية تتجه نحو تسجيل عجز في المعروض للعام الخامس على التوالي، نتيجة الطلب المتزايد على المعدن في مجالات صناعية حيوية.

 

فالفضة تعد عنصراً أساسياً في تقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك الألواح الشمسية والبطاريات الحديثة، وهو ما يرفع الطلب الصناعي عليها بشكل متزايد في ظل التوجهات العالمية للتحول إلى الطاقة المتجددة.

 

إلى جانب ذلك، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالفضة (ETFs) تدفقات استثمارية قوية، حيث توسعت الحيازات للشهر السابع على التوالي في أغسطس، وهي أطول سلسلة تدفقات منذ عام 2020. هذا التدفق الاستثماري القوي أدى إلى انخفاض المخزونات المتاحة بحرية في لندن، مما فاقم من حدة شح المعروض في السوق.

أداء أسعار الذهب اليوم

لم تقتصر المكاسب على الفضة وحدها، إذ سجل الذهب يوم الاثنين أعلى مستوى له منذ أكثر من أربعة أشهر، مع زيادة رهانات المستثمرين على خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة هذا الشهر، مما عزز جاذبية المعدن النفيس.

 

 فقد ارتفع الذهب الفوري بنسبة 1.11% ليصل إلى 3,486 دولاراً للأونصة ليعاود التداول عند الساعة 10:40 بتوقيت تركيا حول مستويات 3470، بينما صعدت عقود الذهب الأميركية الآجلة بنسبة 1.08% إلى 3,554 دولاراً لتعاود التداول حول مستويات 3,538.

ويرجع هذا الصعود إلى مزيج من العوامل:

  • التصريحات المتساهلة من ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، التي أبقت الباب مفتوحاً أمام خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر.

  • الحكم القضائي الأميركي الذي اعتبر معظم الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب غير قانونية، ما زاد الضغوط على الدولار.

  • استمرار المخاطر المحيطة بسوق العمل، وهو ما جدد دعم الفيدرالي لسياسات التيسير.

كما أظهرت البيانات الاقتصادية أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأميركي ارتفع بنسبة 0.2% على أساس شهري و 2.6% على أساس سنوي، وهي قراءات جاءت متماشية مع التوقعات ولم تشكل عائقاً أمام احتمالية خفض الفائدة.

 

وفي منشور لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، جددت "دالي" دعمها لخفض أسعار الفائدة، بالنظر إلى المخاطر التي تهدد سوق العمل. ويُعرف أن الذهب، الذي لا يدر عوائد، يحقق أداءً جيدًا عادة في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

وعلى صعيد التجارة، قال ممثل التجارة الأميركي "جيميسون غرير" يوم الأحد إن إدارة ترامب تواصل محادثاتها مع الشركاء التجاريين على الرغم من حكم محكمة الاستئناف الذي اعتبر معظم رسوم ترامب الجمركية غير قانونية.

المعادن الأخرى: البلاتين والبلاديوم في صعود متزامن

امتدت موجة الصعود إلى بقية المعادن النفيسة:

  • ارتفع البلاتين بنسبة 0.8% ليصل إلى 1,375.41 دولاراً للأونصة.

  • صعد البلاديوم بنسبة 1.1% ليبلغ 1,121.09 دولاراً.

وفي السياق ذاته، أوضح "تيم ووترر"، كبير محللي السوق في "KCM Trade"، أن ضعف السيولة نتيجة عطلة البنوك الأميركية ساهم في زيادة حدة التحركات السعرية للذهب والفضة، مؤكداً أن توقعات خفض الفائدة وشح المعروض يواصلان دعم الاتجاه الصعودي.

 

الخلاصة: سوق المعادن أمام مرحلة مفصلية

إن تجاوز الفضة حاجز 40 دولاراً للأونصة للمرة الأولى منذ عام 2011، وصعود الذهب إلى أعلى مستوى في أكثر من أربعة أشهر، يعكسان تحولاً مهماً في ديناميكيات الأسواق العالمية. فالعوامل مجتمعة  من التوترات السياسية، والتوقعات النقدية، وشح المعروض الصناعي، والتدفقات الاستثمارية – تعمل جميعها على تعزيز قوة المعادن النفيسة كملاذ آمن ومخزن للقيمة في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ضبابية متزايدة.

تم التحديث في: الاثنين, 01 أيلول 2025 10:51
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول