- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار الاقتصاد السوري
- تصريحات هامة لوزير المالية وحاكم مصرف سوريا المركزي حول الخطط الاقتصادية القادمة
تصريحات هامة لوزير المالية وحاكم مصرف سوريا المركزي حول الخطط الاقتصادية القادمة

في تحوّل وصف بالتاريخي، أعلنت الحكومة السورية عبر مسؤوليها الاقتصاديين البارزين، عن بدء مرحلة جديدة من الانفتاح المالي والاستثماري، عقب قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن دمشق.
وفي هذا السياق، أدلى كل من حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، ووزير المالية، محمد يسر برنية، بسلسلة من التصريحات التي تسلط الضوء على خطط سوريا لإعادة اندماجها بالنظام المالي العالمي، وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة في مختلف القطاعات.
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تطورات دبلوماسية واقتصادية، من بينها توقيع اتفاقيات استثمارية كبرى مع أطراف عربية ودولية، وعلى رأسها مذكرة التفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار.
تصريحات حاكم مصرف سوريا المركزي
تفعيل نظام "سويفت" وتسهيل التحويلات الدولية
صرّح حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، لقناة العربية، بأن المصرف بدأ فعليًا العمل على إعادة تفعيل نظام "سويفت" العالمي الخاص بالتحويلات المالية الدولية، بعد سنوات من العزلة التي فرضتها العقوبات الغربية على البلاد.
واعتبر حصرية أن هذا الإجراء سيشكّل نقطة انطلاق لتسهيل عمليات التصدير، وخفض أسعار المستوردات، مما سيؤثر بشكل مباشر على حركة السوق الداخلية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار حاكم المصرف إلى أن بنوكًا عربية ودولية أبدت اهتمامها بالدخول إلى السوق السورية والمساهمة في عملية إعادة الإعمار وأكد أن الحكومة السورية والمصرف المركزي قد تواصلا مع أكثر من خمسين جهة دولية وعربية منذ ما قبل صدور القرار الأميركي برفع العقوبات، بهدف تحفيز البيئة الاستثمارية والاستعداد لمرحلة ما بعد العقوبات.
أوضح حصرية أن رفع العقوبات سيمكّن الحكومة السورية من فك الحظر المفروض على الأموال المجمدة في الخارج، سواء تلك العائدة لمصرف سوريا المركزي أو تلك العائدة لمؤسسات الدولة الأخرى. واعتبر أن تحرير هذه الأموال سيساهم في تعزيز السيولة وتحفيز الاستثمار.
أفاد حاكم المصرف أن هناك جهودًا لاستقطاب استثمارات من أحد البنوك الفرنسية للعمل داخل سوريا، مشيرًا إلى أن المصرف المركزي منفتح على التعاون مع جميع الشركاء الدوليين. كما أبدى ترحيبه بالشركات الأميركية قائلاً: "نرحب بالشركات الأميركية في سوريا، وبزيارة أي مسؤول أميركي لمصرف سوريا المركزي"، في إشارة إلى انفتاح دمشق على إعادة العلاقات الاقتصادية مع الغرب.
وأكد حصرية أن المصرف المركزي سيعمل في المرحلة القادمة وفق المعايير العالمية، بهدف تحقيق الاندماج الكامل في النظام المالي الدولي. واعتبر أن نتائج رفع العقوبات ستبدأ بالظهور خلال فترة تتراوح بين 6 أشهر إلى عام، مشددًا على أهمية التحول التدريجي والمنهجي.
تصريحات وزير المالية السوري: إصلاح شامل للاقتصاد
اهتمام خليجي بالاستثمار في سوريا
من جانبه، صرّح وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، بأن العديد من الدول الخليجية، من بينها السعودية والكويت والإمارات، قد أبدت اهتمامًا جادًا بالاستثمار في سوريا عقب قرار رفع العقوبات الأميركية. وأكد أن سوريا ترحب بهذه المبادرات، وتعتبرها خطوة أساسية نحو إعادة بناء الاقتصاد.
وصف الوزير سوريا بأنها "أرض الفرص"، مشيرًا إلى أنها ترحب بالاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية مثل النفط، الزراعة، البنية التحتية، النقل، والسياحة. وأضاف أن الحكومة السورية تسعى لإعادة ربط البنوك السورية بالنظام المالي العالمي، بما يمكن البلاد من استعادة مكانتها كوجهة استثمارية موثوقة.
التفاؤل وتأثيره على سعر الصرف
لفت برنية إلى أن إعلان القرار الأميركي رفع العقوبات قد أحدث موجة من التفاؤل داخل الأسواق السورية، انعكست بشكل مباشر على سعر صرف الليرة السورية وأشار إلى أن "التفاؤل عنصر محوري في تحريك عجلة الاقتصاد"، مما يؤكد الأثر النفسي والسياسي للقرارات الاقتصادية الدولية.
العملة السورية الجديدة
كشف الوزير عن توجه رسمي لإصدار عملة سورية جديدة في الوقت المناسب، مشيرًا إلى أن إعادة النظر في العملة الحالية أصبح أمرًا مطروحًا على الطاولة في إطار الإصلاح النقدي.
أوضح وزير المالية أن رفع العقوبات سيسمح لسوريا بالوصول إلى التكنولوجيا الحديثة ورؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية، وهو ما سيسهم في تحسين جودة الخدمات الأساسية مثل الصحة، التعليم، المياه، والكهرباء، بالإضافة إلى تطوير المؤسسات العامة.
إصلاحات اقتصادية عميقة
أعلن برنية أن الحكومة السورية تعمل على تنفيذ خطة إصلاح شاملة تشمل عدة محاور، من أبرزها:
-
تطوير الإدارة المالية العامة.
-
تعزيز استقلالية مصرف سوريا المركزي.
-
إصلاح النظامين الضريبي والجمركي.
-
إنشاء منظومة نزاهة مالية شاملة لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
-
تطوير الخدمات الرقمية المالية والمصرفية.
أكد برنية أن الحكومة لن تتخذ إجراءات اقتصادية مفاجئة للمواطنين أو المستثمرين، موضحًا أن الضرائب الجديدة ستكون بسيطة، واضحة، ولا تمثل عبئًا على رجال الأعمال. وشدد على ضرورة وجود قبول شعبي لأي سياسة اقتصادية لضمان نجاحها.
اقرأ أيضاً : مستقبل العلاقات السورية الأوروبية بين المصالح الاقتصادية والتحديات السياسية
الجهود الدبلوماسية والدعم العربي والدولي
أوضح وزير المالية أن قرار رفع العقوبات جاء نتيجة جهود دبلوماسية مكثفة قادها الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية، بمساندة من دول عربية بارزة مثل السعودية، قطر، الإمارات، وتركيا، إلى جانب مؤسسات دولية وإقليمية.
أشار الوزير إلى أن الحكومة بدأت عقد لقاءات مع غرف التجارة والصناعة في مختلف المحافظات السورية، بهدف الاستماع إلى الملاحظات والمقترحات بشأن السياسات المالية المرتقبة، وتحقيق انسجام بين الدولة والقطاع الخاص.
اللقاء مع وفد البنك الدولي
عقد وزير المالية محمد يسر برنية اجتماعًا مع وفد من البنك الدولي في مقر وزارة المالية بدمشق، حيث تم بحث سبل التعاون في إعادة تأهيل القطاعات ذات الأولوية خلال المرحلة المقبلة. وناقش الجانبان الدعم الفني والمساهمات المحتملة التي سيقدمها البنك الدولي لسوريا.
وأكد الوزير مجددًا أن "سوريا اليوم هي أرض الفرص"، مشيرًا إلى وجود إمكانات كامنة ضخمة في قطاعات مثل الزراعة، النفط، السياحة، البنية التحتية، والنقل. ودعا جميع المستثمرين الدوليين إلى اغتنام هذه الفرصة الفريدة.
مذكرة تفاهم مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس
أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية وقعت مذكرة تفاهم مع شركة "دي بي ورلد" التابعة لموانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار، لتطوير محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس.
تتضمن الاتفاقية تطوير وتشغيل وإدارة المحطة، مما سيسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية، وتعزيز دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليمية والدولية.
تشمل المذكرة أيضًا اتفاقًا على التعاون في تأسيس مناطق صناعية ومناطق حرة، إضافة إلى موانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في مواقع استراتيجية داخل البلاد.
الموقف الأميركي: تصريحات ترامب والكونغرس حول رفع العقوبات
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته إلى الرياض إنه قرر رفع العقوبات عن سوريا، وذلك بعد مشاورات مع ولي العهد السعودي، بهدف منح السوريين "فرصة جديدة".
إعفاءات من قانون قيصر
صرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن ترامب ينوي إصدار إعفاءات واسعة من "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، والذي فرض سابقًا عقوبات صارمة على حكومة الرئيس السابق بشار الأسد. وقد شملت العقوبات أيضًا شركات وحكومات أجنبية كانت تتعامل مع دمشق.
اعتبر روبيو أن رفع العقوبات سيمهد لمشاركة أكبر من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، بالإضافة إلى تسهيل الاستثمار الأجنبي والتجارة الدولية ضمن جهود إعادة الإعمار.
أكد روبيو أن الإدارة الأميركية تأمل في إلغاء قانون قيصر بالكامل في حال تحقق تقدم ملحوظ في الوضع السوري، موضحًا أن القرار النهائي يتطلب تحركًا من الكونغرس.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول في إدارة ترامب أن وزارة الخزانة الأميركية تعتزم إصدار "تراخيص عامة" تغطي قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري، ما سيعزز فرص إعادة الإعمار والاستثمار في البلاد خلال الأسابيع المقبلة.
خاتمة
تشير هذه التطورات المتسارعة إلى بداية مرحلة جديدة في الاقتصاد السوري، عنوانها الانفتاح الدولي، والاستثمار في البنية التحتية، والإصلاح المؤسسي العميق.
وتبرز تصريحات كل من حاكم مصرف سوريا المركزي ووزير المالية كمؤشرات واضحة على جدية الدولة في اغتنام الفرصة التاريخية لإعادة بناء اقتصادها، وتعزيز مكانتها في النظام المالي العالمي.
وبينما تبقى التحديات حاضرة، إلا أن البيئة السياسية والاقتصادية الجديدة تفتح آفاقًا واعدة لسوريا على المدى المتوسط والطويل.