وزير المالية يرفع الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل وإعفاءات ضريبية جديدة في سوريا

أصدر وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، تعميمًا رسميًا حدد من خلاله الحد الأدنى الجديد المعفى من ضريبة الدخل على الرواتب والأجور بعد الزيادة الأخيرة، ليصل إلى 837 ألف ليرة سورية شهريًا، بدلاً من الحد السابق البالغ 279 ألف ليرة سورية.

 

ويُعد هذا التعديل خطوة مهمة تهدف إلى التخفيف من الأعباء الضريبية على أصحاب الدخل المحدود، لا سيما في ظل الأوضاع المعيشية المتأثرة بالتضخم وتراجع القوة الشرائية.

 

وأوضح الوزير برنية، في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن جميع الرواتب التي تقل عن 837 ألف ليرة سورية ستُعفى بالكامل من ضريبة الدخل، موضحاً أن هذا الإعفاء ساري المفعول حتى نهاية العام الحالي 2025، تمهيداً لتطبيق قانون ضريبي جديد من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ مطلع عام 2026.

 

وأكد برنية أن القانون الجديد سيتضمن إعفاءات أوسع وأكثر شمولاً، في سياق إصلاح هيكلي للسياسات المالية يعكس تغييرات جوهرية في فلسفة الجباية العامة وآلياتها.

ملامح النظام الضريبي الجديد في سوريا

سبق أن كشفت وزارة المالية عن الخطوط العريضة للنظام الضريبي الجديد الذي يُعدّ جزءاً من توجه حكومي شامل نحو تبسيط السياسة الضريبية وتحديثها، بما يتماشى مع قانون الاستثمار الجديد، ويخدم أهداف النمو الاقتصادي المستدام.

 

ويقوم النظام الجديد على ثلاث ركائز أساسية:

  1. التبسيط في الإجراءات والنسب وآليات الدفع.

  2. العدالة الضريبية من خلال تصاعدية الضرائب وإلغاء العشوائية.

  3. الرقمنة باستخدام التكنولوجيا لضمان الشفافية وكفاءة التحصيل.

أحد أبرز ملامح النظام الجديد هو إعفاء الأفراد الذين تقل دخولهم السنوية عن 12 ألف دولار أميركي من ضريبة الدخل، ما يعني توسيع قاعدة الإعفاء الضريبي، وخلق بيئة مالية أكثر عدلاً.

 

اقرأ أيضاً : وزارة المالية السورية تعلن عن إطلاق مشروع النظام الضريبي الجديد

ضرائب مرنة للشركات وإلغاء اللجان التقليدية

يتضمن النظام الجديد اعتماد نسب ضريبية متفاوتة على الشركات بحسب القطاع الاقتصادي الذي تنشط فيه، في محاولة لمراعاة خصوصيات كل قطاع، وتحقيق قدر أكبر من التوازن في العبء الضريبي.

 

كما يتضمّن المشروع إلغاء لجان الدخل المقطوع التي كانت مثار جدل وانتقادات حادة من مختلف الفئات الاقتصادية، بسبب غياب الشفافية وغياب المعايير العادلة في تقدير الدخل الضريبي. وبدلاً من ذلك، يتم الاتجاه نحو آليات تقييم موضوعية ومبنية على بيانات رقمية.

التحول الرقمي في الجباية

تسعى وزارة المالية من خلال النظام الجديد إلى دمج أدوات الرقمنة والذكاء الاصطناعي في عمليات الجباية والتكليف الضريبي، وذلك ضمن خطة أوسع لتحديث البنية الاقتصادية، وتحسين كفاءة مؤسسات الدولة.

 

وتشير هذه الخطوة إلى رغبة الحكومة في مكافحة التهرب الضريبي وتحقيق عدالة أفقية وعمودية في فرض الضرائب، من خلال أدوات تقنية حديثة تحل محل التقديرات اليدوية والقرارات الفردية.

دعوة وطنية للمشاركة في صياغة القانون النهائي

في سياق التحضير لصيغة القانون النهائي، وجهت وزارة المالية دعوة إلى جميع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية – من رجال أعمال، مستثمرين، غرف تجارة وصناعة، اتحادات مهنية، وممثلين عن المجتمع المدني – للمشاركة في نقاش وطني مفتوح.

 

وطلبت الوزارة إرسال الملاحظات والمقترحات حول مشروع القانون عبر البريد الإلكتروني المخصص حتى 30 تموز 2025، قبل اعتماد النص النهائي، وهو ما يعكس توجهاً تشاركياً غير مسبوق في صياغة التشريعات المالية.

تكامل الإصلاح الضريبي مع إصلاح الإدارة المحلية

بالتوازي مع الإصلاح الضريبي، عقد وزير المالية اجتماعًا مشتركًا مع وزير الإدارة المحلية والبيئة، محمد عنجراني، حيث تم بحث سبل تنظيم الإدارة المالية للمحافظات والبلديات.

وتطرّق الاجتماع إلى:

  • تقديم دعم مالي إضافي للمناطق النائية.

  • تمويل المشاريع التنموية الملحّة.

  • تبسيط رسوم الإدارة المحلية.

  • تطوير العلاقة المالية بين المركز والمحافظات ضمن إطار الإصلاح الشامل.

ويُنظر إلى هذه الخطوات كجزء من استراتيجية حكومية شاملة تهدف إلى تعزيز اللامركزية المالية، وتحقيق تكامل بين السياسة الضريبية والإدارة المحلية، بما يواكب التوجهات العامة نحو إصلاح اقتصادي أكثر فاعلية وشمولية.

 

ختامًا: خطوة نحو عدالة ضريبية واستثمار مستدام

يعكس هذا الحراك الحكومي في سوريا، بقيادة وزارة المالية، تحولاً استراتيجياً في فهم العلاقة بين الدولة والمكلفين ضريبياً. فالانتقال من نظام تقليدي إلى نظام رقمي شفاف وعادل، مع التركيز على دعم الطبقات الوسطى والفقيرة، يمثل خطوة محورية في إعادة بناء الثقة بالمؤسسات المالية وتحفيز الاستثمار والتنمية.

 

ومع اقتراب موعد إصدار القانون الجديد، تبدو الفرصة سانحة أمام جميع مكوّنات المجتمع للمشاركة بصياغة نظام أكثر عدالة وفعالية، بما يحقق التوازن بين احتياجات الدولة ومصالح المواطنين.

تم التحديث في: الاثنين, 21 تموز 2025 10:36
حقوق النشر © جميع الحقوق محفوظة لشركة أصول