شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا قويًا خلال الأيام الأخيرة، مدعومة بتزايد التوقعات بخفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع المقبل. جاء هذا الصعود في أعقاب بيانات التضخم الأمريكية التي عززت ثقة المستثمرين في قرارات السياسة النقدية التيسيرية.
ومع استمرار الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، توقعت مؤسسات كبرى مثل "غولدمان ساكس" استمرار الاتجاه الصاعد، مع إمكانية وصول الذهب إلى مستويات تاريخية بحلول عام 2025.
أداء أسعار الذهب وتحركات السوق
سجلت أسعار الذهب ارتفاعات ملحوظة حيث ارتفع المعدن النفيس لليوم الثالث على التوالي ليصل إلى أعلى مستوياته في 12 جلسة. وبلغت العقود الآجلة للذهب اليوم الخميس 2750 دولارًا للأونصة، فيما وصلت العقود الفورية إلى 2718 دولارًا للأونصة عند الساعة 10:25 صباحًا بتوقيت تركيا.
واصلت أسعار الذهب صعودها القوي لتسجل أعلى مستوياتها في أكثر من شهر. في تداولات الخميس، ارتفعت العقود الآجلة للذهب إلى 2750 دولارًا للأونصة، بينما بلغت العقود الفورية 2718 دولارًا للأونصة.
جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بتوقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيقوم بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه المقبل في 18 ديسمبر.
أداة "فيد ووتش" التابعة لبورصة "سي.إم.إي" أشارت إلى أن احتمالية تنفيذ هذا الخفض بلغت 98.4% بعد نشر بيانات التضخم الأمريكية، مقارنة بـ 86% قبل صدور البيانات.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
إلى جانب الذهب، حققت المعادن النفيسة الأخرى مكاسب ملحوظة خلال تداولات اليوم:
- الفضة: ارتفعت بنسبة 1.57% لتصل إلى 32.19 دولارًا للأونصة.
- البلاتين: صعد بنسبة 0.91% ليصل إلى 960 دولارًا للأونصة.
- البلاديوم: ارتفع بنسبة 1.02% ليصل إلى 1019 دولارًا للأونصة.
قراءة في بيانات التضخم الأمريكية وتأثيرها
كشفت البيانات الرسمية الصادرة هذا الأسبوع عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة خلال نوفمبر الماضي بنسبة تتماشى مع توقعات الأسواق:
- التضخم السنوي العام: ارتفع إلى 2.7% في نوفمبر، مقارنة بـ 2.6% في أكتوبر.
- التضخم الأساسي: استقر عند 3.3% على أساس سنوي.
على الرغم من تسارع التضخم العام، فإن تباطؤ سوق العمل الأمريكي يعزز من احتمالية استمرار الفيدرالي في تخفيف السياسة النقدية، وهو ما يدعم أداء الذهب.
التوترات الجيوسياسية تعزز الطلب على الذهب
إلى جانب العوامل الاقتصادية، لعبت التوترات الجيوسياسية دورًا بارزًا في دعم الطلب على الذهب كملاذ آمن. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف مخزونات استراتيجية في سوريا، بينما شهدت كوريا الجنوبية تطورات لافتة مع مداهمة الشرطة للمكتب الرئاسي.
الذهب، الذي يُعتبر أحد أهم الملاذات الآمنة خلال فترات عدم اليقين، يستفيد عادة من مثل هذه الأحداث التي تدفع المستثمرين للبحث عن أصول تحمي ثرواتهم.
توقعات "غولدمان ساكس" لأسعار الذهب
في تقرير حديث، توقع بنك "غولدمان ساكس" أن ترتفع أسعار الذهب إلى مستوى 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025.
وأشار البنك إلى أن هذا الارتفاع قد يحدث حتى مع استمرار قوة الدولار الأمريكي. وأوضح محللو البنك أن الأسواق قد تشهد زيادات متزامنة في كل من أسعار الذهب وقيمة الدولار نتيجة لخفض أسعار الفائدة وارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي وأضاف البنك في مذكرته:
"نرفض الفكرة القائلة بأن الذهب لا يمكن أن يرتفع إلى 3000 دولار للأونصة بحلول عام 2025، حتى في ظل بقاء الدولار قويًا لفترة أطول."
وأوضح المحللون أن الطريقة التي يخفض بها الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ستلعب دورًا أساسيًا في تحديد مسار الذهب.
نظرة مستقبلية للذهب
مع اقتراب موعد اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، تظل الأنظار موجهة إلى قراراته بشأن أسعار الفائدة وتأثيرها على الأسواق. في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الذهب على أعتاب تحقيق مكاسب إضافية، خاصة مع استمرار العوامل الاقتصادية والجيوسياسية الداعمة.
توقعات المحللين تشير إلى أن الذهب قد يواصل تحقيق مستويات قياسية جديدة، مما يجعله أحد أبرز الأصول للاستثمار في الفترة المقبلة.
