- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- تراجع أسعار النحاس والمعادن الصناعية لليوم الثالث وسط ضغوط اقتصادية عالمية
تراجع أسعار النحاس والمعادن الصناعية لليوم الثالث وسط ضغوط اقتصادية عالمية

تتواصل ضغوط الأسواق العالمية على أسعار النحاس والمعادن الصناعية الأخرى لليوم الثالث على التوالي، في ظل أجواء من القلق المتصاعد بشأن تباطؤ الطلب العالمي، وارتفاع المخزونات في الأسواق الكبرى، وتغيرات محتملة في السياسات التجارية للولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب.
هذا التراجع المتزامن مع انخفاضات في أسعار الطاقة يعكس ترابط الأسواق وتأثرها بالتطورات الجيوسياسية والاقتصادية.
المفاوضات التجارية الأميركية
تزامن تراجع أسعار النحاس والمعادن الصناعية الأخرى مع مرحلة دقيقة في مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة تشكيل العلاقات التجارية للولايات المتحدة مع مجموعة واسعة من الدول.
وفقًا لتصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" يوم الأحد، فإن الرئيس ترمب يعتزم إرسال رسائل رسمية إلى ما يصل إلى 15 شريكًا تجاريًا يوم الإثنين، في محاولة لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية.
هذه الرسائل تهدف إلى الدفع نحو توقيع اتفاقات جديدة أو مراجعة الاتفاقات القائمة، في إطار استراتيجية أوسع لخفض العجز التجاري الأميركي وتعزيز الصناعة المحلية.
الرسوم الجمركية المعدلة، وفق بيسنت، ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس. إلا أن الوزير أشار أيضًا إلى مرونة في الموقف الأميركي، موضحًا أن بعض الدول قد تتمكن من التفاوض حتى بعد المهلة الأصلية التي حددها الرئيس في 9 يوليو هذه التصريحات سلطت الضوء على الطبيعة المعقدة والمتقلبة للمفاوضات التجارية، ما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
أثر حالة عدم اليقين التجاري على أسواق السلع
تاريخيًا، لطالما كانت النزاعات التجارية والرسوم الجمركية من أهم العوامل المؤثرة على أسعار السلع الأساسية، وخاصة المعادن الصناعية التي تعتمد على سلاسل إمداد عالمية معقدة. أي تهديد بإغلاق الأسواق أو فرض رسوم إضافية يرفع التكاليف ويقلل من توقعات الطلب، وهو ما ينعكس فورًا على الأسعار في الأسواق الآجلة والفورية.
حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات ترمب التجارية ليست جديدة، لكنها دخلت هذا الأسبوع مرحلة حرجة. الأسواق أصبحت أكثر حساسية لأي إشارات سياسية أو اقتصادية، ما يزيد من تذبذب الأسعار.
الدعم النسبي من ضعف الدولار الأميركي
رغم هذه التوترات، أظهرت المعادن الصناعية بعض القدرة على الصمود النسبي في الأشهر الأخيرة. ويُعزى هذا جزئيًا إلى ضعف الدولار الأميركي، الذي يدعم عادة السلع المسعّرة به.
عندما ينخفض الدولار، تصبح السلع المقومة به أرخص نسبيًا للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ما يعزز الطلب العالمي. وبالفعل، استفاد النحاس في الآونة الأخيرة من زيادة الشحنات إلى السوق الأميركي وتراجع المخزونات العالمية، في بيئة شهدت ضعفًا نسبيًا في العملة الأميركية.
هذا العامل ظل بمثابة صمام أمان مؤقت، يحدّ من التراجع الحاد في أسعار المعادن الصناعية، لكنه لم يكن كافيًا هذه المرة لوقف الاتجاه الهبوطي الذي بدأ يترسخ.
أداء أسعار النحاس
تراجع سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.2% ليصل إلى 9,846 دولارًا للطن.
هذا التراجع جاء بعد أسبوع سابق كان قد شهد صعودًا ملحوظًا تجاوز فيه السعر حاجز 10,000 دولار للطن، مسجلًا أعلى إغلاق له منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ذلك الارتفاع السابق كان قد عززه تراجع المخزونات العالمية وزيادة الطلب الأميركي، إلى جانب ضعف الدولار.
لكن هذا الصعود لم يصمد طويلًا أمام الضغوط المتزايدة من حالة عدم اليقين التجاري العالمي ومؤشرات تباطؤ الطلب الصناعي، خاصة من الصين، أكبر مستهلك للمعادن الصناعية في العالم.
تراجع في أسعار المعادن الصناعية الأخرى
لم يكن النحاس وحده الذي سجل خسائر، بل شمل التراجع أسعار معادن صناعية أخرى، بما يعكس صورة أكثر اتساعًا وشمولًا للضغوط التي يعاني منها القطاع بأكمله.
انخفضت أسعار الألمنيوم والزنك والنيكل، في ظل تراجع معنويات المستثمرين ومؤشرات تباطؤ الطلب من القطاعات الصناعية الكبرى مثل البناء، وصناعة السيارات، والصناعات الثقيلة، وإنتاج البطاريات.
-
الألمنيوم انخفض بنسبة 1.18% إلى 2,565 دولارًا للطن، متأثرًا بشكل خاص بتباطؤ نشاط البناء والصناعات التحويلية.
-
الزنك تراجع بنسبة 0.99% نتيجة انخفاض الطلب من قطاعات مثل صناعة السبائك والطلاء المضاد للتآكل.
-
النيكل، الحيوي لإنتاج البطاريات القابلة للشحن، هبط بنسبة 1.10% على خلفية تباطؤ التوقعات المتعلقة بالطلب من صناعة السيارات الكهربائية.
حركة خام الحديد والصلب في الأسواق الآسيوية
في الأسواق الآسيوية، شهدت المواد الأولية ضغوطًا إضافية.
-
خام الحديد انخفض في سنغافورة بنسبة 0.3% إلى 95.60 دولارًا للطن.
-
تراجعت العقود الآجلة في بورصة داليان الصينية، إلى جانب انخفاض العقود الآجلة للصلب في شنغهاي.
يُعزى هذا التراجع إلى مؤشرات على تباطؤ نشاط البناء في الصين، التي ظلت تاريخيًا المحرك الأساسي للطلب العالمي على الحديد والصلب. أي تباطؤ في قطاع العقارات الصيني يترك أثرًا عميقًا على أسعار هذه المواد، بالنظر إلى حجم المشاريع الضخم الذي يميز السوق الصيني.
تراجع جماعي في أسواق السلع العالمية
لم يقتصر الهبوط على المعادن الصناعية، بل شهدت أسواق السلع بشكل عام تراجعًا جماعيًا خلال التعاملات الصباحية اليوم الإثنين، 7 يوليو/تموز 2025.
جاء هذا التراجع في وقت حساس، مع تزايد مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ محتمل في الطلب العالمي، وارتفاع مستويات المخزونات في الأسواق الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا.
انعكست هذه المخاوف بشكل مباشر على حركة العقود الآجلة للسلع، التي سجلت انخفاضات متفاوتة في بداية أسبوع حاسم يترقب فيه المستثمرون بيانات اقتصادية بالغة الأهمية، قد تعيد رسم توقعات النمو والتضخم والسياسة النقدية.
قطاع الطاقة تحت ضغط كبير
كان قطاع الطاقة من بين الأكثر تأثرًا بالضغوط، حيث قاد الغاز الطبيعي موجة الانخفاضات:
-
شهد الغاز الطبيعي أكبر تراجع يومي بنسبة 3.10%، ليتداول عند سعر 3.285 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
-
يُعزى هذا الهبوط الحاد إلى ارتفاع المخزونات وتراجع الاستهلاك الموسمي، خاصة مع اقتراب نهاية موسم الذروة الصيفية الذي يشهد عادة طلبًا مرتفعًا على التكييف والتبريد.
أسواق النفط لم تكن بمنأى عن هذه التراجعات:
-
خام غرب تكساس الوسيط (WTI) انخفض بنسبة 0.27% ليصل إلى 66.32 دولارًا للبرميل، وسط توقعات بزيادة المعروض في السوق الأميركي.
-
خام برنت تراجع بنسبة 0.34% إلى 68.07 دولارًا للبرميل، متأثرًا بتقلبات الطلب في الأسواق الأوروبية والآسيوية.
-
زيت التدفئة انخفض بنسبة 0.38%، والبنزين تراجع بنسبة 0.17%، في ظل مؤشرات على تباطؤ النشاط الاقتصادي، خاصة في قطاعي الصناعة والنقل.
تحليل الخبراء لأسباب هذا التراجع الواسع
يربط خبراء الأسواق هذا التراجع الجماعي في أسعار السلع الحيوية بعدة عوامل متداخلة ومعقدة:
-
الضغوط الاقتصادية العالمية التي تؤثر سلبًا على معدلات الطلب الصناعي والاستهلاكي.
-
ارتفاع المخزونات، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، الذي يزيد من ضغوط العرض ويحدّ من أي محاولة لتعافي الأسعار.
-
التوترات الجيوسياسية والمخاطر التجارية، مثل السياسات الأميركية تجاه الشركاء التجاريين، والتي تؤدي إلى حالة عدم يقين تعرقل الاستثمار والتوسع الصناعي.
-
ترقب المستثمرين لبيانات وتصريحات هامة من البنوك المركزية الكبرى، خاصة المتعلقة بأسعار الفائدة والسياسات النقدية الرامية لمكافحة التضخم، ما قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي أوسع نطاقًا.
الآفاق المستقبلية - حالة ترقب وتوجس
تسود أجواء من الترقب الحذر في الأسواق، مع انتظار المستثمرين لصدور بيانات اقتصادية مهمة هذا الأسبوع، قد تؤثر في توقعات الطلب العالمي وتحدد مسار السياسات النقدية.
الخبراء يحذرون من أن استمرار حالة عدم اليقين التجاري، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، وتغيرات السياسات النقدية في الولايات المتحدة وأوروبا، قد تبقي الضغوط قائمة على أسعار السلع الأساسية والطاقة.
في المقابل، أي تحسن مفاجئ في المفاوضات التجارية، أو بيانات إيجابية حول النمو العالمي، قد ينعكس سريعًا في شكل تعافٍ جزئي في الأسعار، ما يعكس الطبيعة الديناميكية والمرتبطة بشدة للأحداث السياسية والاقتصادية في أسواق السلع العالمية.