أسعار الذهب تسجل مكاسب أسبوعية قوية بدعم رهانات خفض أسعار الفائدة الأميركية

اختتم الذهب تعاملات يوم الجمعة 26 سبتمبر/ أيلول على ارتفاع ملحوظ، مسجلاً مكاسب أسبوعية بدعم من بيانات التضخم الأميركية التي جاءت متوافقة مع التوقعات، وهو ما عزز الآمال بشأن استمرار توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري.

وفي الوقت الذي ساهم فيه ارتفاع الدولار في الحد من مكاسب المعدن الأصفر، فإن العوامل الاقتصادية والتجارية العالمية، بما في ذلك الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دفعت الأسواق نحو مزيد من الحذر، مما انعكس على تحركات الذهب والمعادن النفيسة الأخرى.

أداء الذهب في الأسواق العالمية

ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% لتسجل 3777.79 دولار للأونصة عند التسوية، بعد أن لامست خلال الأسبوع مستوى قياسياً بلغ 3790.82 دولار، وهو أحد أعلى المستويات التاريخية للمعدن النفيس.

وعلى صعيد الأداء الأسبوعي، حقق الذهب مكاسب بنحو 2.5%، في ظل استمرار التوقعات بتيسير السياسة النقدية الأميركية.

أما العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/ كانون الأول، فقد صعدت بنسبة 1% لتغلق عند 3807.90 دولار، ما يعكس استمرار الزخم الشرائي للمستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة.

بيانات التضخم الأميركية وتأثيرها على توقعات الفائدة

أظهرت بيانات التضخم لشهر أغسطس، التي يقيسها مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) وهو المقياس المفضل لدى الفيدرالي الأميركي:

• التضخم الأساسي (باستثناء الغذاء والطاقة): بلغ معدلًا سنوياً معدلاً موسمياً عند 2.9%، متماشياً مع توقعات الاقتصاديين.

• التضخم العام (جميع البنود): سجل معدلًا سنوياً عند 2.7% وزيادة شهرية قدرها 0.3%، وهو أيضاً بما يتوافق مع التقديرات.

هذه الأرقام عززت الاعتقاد بأن الفيدرالي قد يواصل خفض أسعار الفائدة لاحقاً خلال العام، لكنها في الوقت نفسه قلصت احتمالات التخفيض العاجل مقارنة بتوقعات ما قبل صدور البيانات.

تعليقات المحللين وحركة توقعات الفائدة

قال هان تان، كبير محللي السوق في "نيمو.موني"، إن الذهب يستقر حول نطاق 3700 دولار للأونصة في ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة، لكنه أشار إلى أن احتمالات خفض الفائدة بنهاية عام 2025 تراجعت بما يقارب 18 نقطة مئوية خلال الأسبوع وبحسب أداة CME FedWatch:

• انخفضت توقعات خفض الفائدة في أكتوبر إلى 87% بعد أن كانت 91%.

• وتراجعت احتمالات الخفض في ديسمبر إلى 62% مقارنة بـ 76% قبل صدور البيانات.

هذا التراجع يعكس درجة الحذر في الأسواق تجاه وتيرة التيسير النقدي المحتمل.

تأثير الدولار والبيانات الاقتصادية الأميركية

رغم صعود الذهب، فإن ارتفاع مؤشر الدولار الأميركي بالقرب من أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع شكل ضغطاً نسبياً، إذ يجعل المعدن الأصفر أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

كما دعمت البيانات الاقتصادية الأخرى قوة الاقتصاد الأميركي، حيث أظهرت الأرقام:

• تراجع طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

• نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع من المتوقع خلال الربع الثاني، مدفوعاً بزيادة إنفاق المستهلكين واستثمارات الأعمال.

هذه المؤشرات عززت الصورة الإيجابية للاقتصاد الأميركي، مما قد يدفع الفيدرالي لتأجيل أي خفض حاد للفائدة.

عادة ما يستفيد الذهب في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، إذ تقل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن النفيس، مما يجعله خياراً جذاباً للتحوط ضد التضخم والمخاطر الاقتصادية. ومع ذلك، فإن قوة الدولار والبيانات الاقتصادية الإيجابية تمثل عوامل موازنة قد تحد من وتيرة الصعود.

التطورات التجارية وتصريحات ترامب

على الصعيد التجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية اعتباراً من الأول من أكتوبر، تستهدف منتجات مثل:

• الأدوية.

• الشاحنات.

• الأثاث المستورد.

هذه الإجراءات من شأنها أن تزيد التوترات التجارية، ما يدعم بدوره الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط تصاعد المخاطر العالمية.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

إلى جانب الذهب، شهدت باقي المعادن الثمينة تحركات متباينة لكنها في المجمل اتجهت لتحقيق مكاسب أسبوعية:

• الفضة: تراجعت بنسبة 0.5% لتسجل 45.01 دولار للأونصة.

• البلاتين: قفز بنسبة 0.6% ليصل إلى 1,539.44 دولار، مقترباً من أعلى مستوى له في 12 عاماً.

• البلاديوم: استقر عند 1,250.40 دولار.

خلاصة

يبدو أن الذهب يواصل الاستفادة من حالة الترقب في الأسواق العالمية بشأن توجهات الفيدرالي الأميركي، في ظل مزيج من بيانات تضخم مستقرة، ارتفاع الدولار، وتوترات تجارية متصاعدة. ومع أن احتمالات خفض الفائدة تراجعت بشكل طفيف، إلا أن المعدن الأصفر لا يزال يحافظ على موقعه كأحد أبرز الملاذات الآمنة، في بيئة اقتصادية عالمية مليئة بالتحديات.