تصريحات لحاكم مصرف سوريا المركزي حول شكل العملة السورية الجديدة وفئاتها ورؤيتها المستقبلية

في خطوة استراتيجية مدروسة تهدف إلى تطوير التداول النقدي وتحسين فعالية السيولة في الأسواق، أعلن مصرف سوريا المركزي عن إجراءات دقيقة ترافق إطلاق العملة السورية الجديدة.

هذه الخطوة ليست مجرد إصدار أوراق نقدية جديدة، بل تمثل جزءاً من سياسة شاملة لتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، مع التركيز على تجنب أي آثار تضخمية محتملة.

تفاصيل العملة السورية الجديدة ورؤيتها المستقبلية

كشف الدكتور عبد القادر الحصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي، أن العملة السورية الجديدة ستصدر بست فئات مختلفة، وستتميز بخلوها من الصور والرموز التقليدية، بما يجعلها أكثر وضوحاً وسهولةً في التحقق من صحتها وأوضح الحصرية أن هذا التوجه يعكس الاتجاه العالمي نحو تصميم العملات النظيف والمجرد، الذي يرمز إلى الشفافية والثقة في النظام النقدي.

وأكد الحصرية أن الابتعاد عن استخدام الصور أو الرموز أو المعالم التاريخية ليس مجرد تغيير شكلي، بل هو توجه حديث يعكس الهوية الرقمية والعملية للعملة، ويهدف إلى تبسيط الشكل البصري، مع التأكيد على سهولة التحقق من الأوراق النقدية من قبل التجار والمواطنين على حد سواء.

وأضاف حاكم مصرف سوريا المركزي :

"العملة الجديدة لن تكون مجرد أرقام على ورق، بل ستعكس هوية وطنية معاصرة، تعبّر عن الحداثة والاستقرار الاقتصادي، وتعزز الثقة بالليرة السورية بين المواطنين والمستثمرين المحليين والدوليين."

فئات العملة: الصغيرة والمتوسطة والكبيرة لتسهيل التداول

وأشار الحصرية إلى أن العملة الجديدة ستصدر بفئات صغيرة ومتوسطة وكبيرة لتلبية احتياجات التداول اليومية بكفاءة أكبر، وضمان سهولة التعامل النقدي في الأسواق المحلية.

ولفت إلى أن المصرف المركزي سيعلن عن تفاصيل كل فئة من حيث القيمة والحجم والتصميم في الوقت المناسب، بعد استكمال الإجراءات الفنية والأمنية الخاصة بالطباعة والإصدار.

هذا التنوع في الفئات يهدف إلى تسهيل المعاملات اليومية لجميع فئات المجتمع، من التجار إلى المواطنين العاديين، ويتيح إدارة أكثر فعالية للكتلة النقدية المتداولة دون التسبب في أي اختلال في الأسواق المالية.

معالجة نقص السيولة وتحسين جودة النقد

أكد الحصرية أن إصدار العملة الجديدة سيعالج جانباً من نقص السيولة النقدية في الأسواق، لا سيما من خلال استبدال الأوراق النقدية التالفة بأخرى حديثة وأكثر جودة ومتانة.

وأوضح أن هذا الإجراء يهدف إلى تحسين انسيابية التداول النقدي دون أن يؤدي إلى زيادة فعلية في حجم الكتلة النقدية، مؤكداً أن الهدف الرئيسي هو التحديث وليس التوسع النقدي.

وأشار الحصرية إلى أن تحسين جودة الأوراق النقدية سيحد من مشكلات التلاعب أو التزييف، كما سيسهم في تسهيل حركة الأموال داخل الأسواق، مما يعزز ثقة المواطنين بالتداول النقدي الرسمي ويقلل الحاجة إلى استخدام وسائل بديلة أو العملات الأجنبية في التعاملات اليومية.

أدوات الرقابة والسياسة النقدية المصاحبة

أكد حاكم المصرف أن إطلاق العملة الجديدة سيترافق مع إجراءات دقيقة لضبط السيولة والحفاظ على استقرار الأسعار، وتشمل:

• مراقبة دقيقة للسوق النقدي للتأكد من عدم حدوث أي تقلبات مفاجئة.

• ضبط حركة الكتلة النقدية المتداولة بما يضمن توافق الإصدار الجديد مع الوضع الاقتصادي الحالي.

• تفعيل أدوات السياسة النقدية لمواجهة أي مضاربات أو استغلال للإصدار الجديد من قبل السوق.

وأوضح الحصرية أن هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان الاستقرار المالي والاقتصادي، ومنع أي تأثير سلبي على الأسعار نتيجة طرح الفئات النقدية الجديدة، وهو ما يعكس التزام المصرف المركزي بالحفاظ على سعر الصرف وحماية القيمة الشرائية للمواطنين.

الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لإطلاق العملة الجديدة

أشار الحصرية إلى أن إيجابيات إصدار العملة الجديدة متعددة ومهمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وأبرزها:

• تعزيز الثقة بالليرة السورية من خلال تصميم حديث ومتطور يعكس الاستقرار والحداثة.

• تحسين كفاءة التداول النقدي وتسهيل المعاملات اليومية في الأسواق.

• الحد من تداول الأوراق النقدية التالفة أو المزورة، ما يقلل من الخسائر ويعزز مصداقية النظام النقدي.

• دعم النشاط التجاري من خلال تسهيل العمليات النقدية وتقليل العقبات أمام التجار والمستهلكين.

• تحسين استقرار سعر الصرف على المدى المتوسط، من خلال رفع الثقة بالسياسة النقدية الوطنية والحد من الضغوط المضاربية على الليرة.

• تقليل تكاليف الطباعة على المدى الطويل، نظراً لاستخدام أوراق نقدية أكثر جودة وعمر أطول، مما يساهم في الاستدامة المالية للمصرف المركزي.

وأكد الحصرية مرة أخرى أن هدف المصرف ليس زيادة حجم النقد المتداول، بل تحديث البنية النقدية، وضمان أن تكون الأوراق النقدية الجديدة أكثر أماناً وسهولة في الاستخدام، بما يعكس صورة إيجابية للسياسة المالية والاقتصادية في سوريا.

مراحل التحضير والإطار الفني للطرح

وكان حاكم مصرف سوريا المركزي قد أعلن في شهر آب الماضي أن المصرف في مراحل متقدمة لوضع خطة شاملة لطرح العملة النقدية الجديدة، صُممت وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية في العالم.

وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود تطوير البنية النقدية الوطنية، وتسهيل التعاملات اليومية للمواطنين والتجار، بما يعكس التزام سوريا بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في إدارة النقد والسياسة المالية.

وستواكب عملية الإطلاق دراسات وتحليلات دقيقة لضمان توافق الإصدار الجديد مع الاحتياجات الاقتصادية الحقيقية، ومراقبة التأثيرات المحتملة على الأسواق المالية، مما يجعل هذا الإصدار إستراتيجية شاملة لتحديث النظام النقدي وليس مجرد خطوة تجميلية.

خلاصة

يمثل إطلاق العملة السورية الجديدة خطوة حاسمة نحو تطوير النظام النقدي السوري، تحسين انسيابية التداول، وتعزيز الثقة بالليرة الوطنية. ويعكس التصميم الحديث والمجرد للورقة النقدية التزام المصرف المركزي بالشفافية والابتكار، مع مراعاة ضبط السيولة ومنع أي آثار تضخمية.

ومع الإجراءات المصاحبة من مراقبة السوق وتفعيل أدوات السياسة النقدية، يُتوقع أن يكون لهذا الإصدار أثر إيجابي ملموس على الاستقرار المالي والاقتصادي في سوريا على المدى المتوسط والطويل.