ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مدفوعًا بمخاوف من الرسوم الجمركية الأميركية

ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع خلال تعاملات يوم الاثنين، مدعومة بالإقبال المتزايد على الملاذات الآمنة في ظل تجدد المخاوف بشأن السياسات التجارية الأميركية.

وجاء ذلك عقب تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30% على واردات الولايات المتحدة القادمة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، ما أجج المخاوف من تصاعد التوترات التجارية العالمية.

أداء أسعار الذهب 

سجلت أسعار الذهب الفورية مكاسب قوية، مرتفعة بنحو 0.43% لتصل إلى 3370 دولارًا للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 11:00 صباحًا بتوقيت تركيا، وهو أعلى مستوى منذ 23 يونيو.

أما العقود الأميركية الآجلة للذهب، فقد ارتفعت بنسبة 0.51% لتسجل حوالي 3381 دولارًا للأونصة، في إشارة إلى استمرار الزخم الإيجابي في الأسواق العالمية.

وتزامن ذلك مع مكاسب قوية سجلها الذهب عند تسوية تعاملات الجمعة السابقة، حيث ارتفعت العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم أغسطس بنسبة 1.4%، أو ما يعادل 45.5 دولارًا، لتصل إلى 3371.20 دولار للأونصة. واختتم الذهب الأسبوع الماضي بمكاسب بلغت حوالي 0.85%.

تصريحات داعمة: عودة قوية للطلب على الذهب

علق كلفن وونغ، كبير المحللين في شركة OANDA، على هذه التحركات بقوله:

«نشهد عودة قوية للطلب على الذهب كملاذ آمن، نتيجة عدم اليقين المرتبط بسياسات الرسوم الجمركية العالمية التي تنتهجها الولايات المتحدة.»

وأضاف أن التوقعات قصيرة الأجل تبدو إيجابية بالنسبة للذهب، موضحًا:

«إذا تمكن السعر من الإغلاق اليومي فوق 3,360 دولارًا، فقد يتجه نحو مستوى المقاومة التالي عند 3,435 دولارًا للأونصة.»

أسباب الارتفاع: تهديدات ترامب الجمركية

السبب الرئيسي وراء القفزة الأخيرة في أسعار الذهب هو التهديد الصريح من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30% على واردات الولايات المتحدة القادمة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك اعتبارًا من الأول من أغسطس.

جاءت هذه التهديدات بعد سلسلة مفاوضات استمرت لأسابيع مع كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة دون التوصل إلى اتفاق شامل.

ووجّه ترامب يوم السبت إنذارات مباشرة إلى رئيسة المكسيك كلاوديا شاينباوم، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في أحدث حلقة من سلسلة الرسائل التحذيرية التي شملت في الأيام السابقة كندا والبرازيل.

وقد وصف كل من الاتحاد الأوروبي والمكسيك هذه الرسوم بأنها «غير عادلة» و«مزعزعة للاستقرار». في المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي تمديد تعليق الإجراءات التي كان سيعتمدها للرد على الرسوم الأميركية حتى أوائل أغسطس، في محاولة لإتاحة الوقت للتوصل إلى حل تفاوضي.

أثر السياسات التجارية على الأسواق

لطالما شكلت سياسات الرئيس ترامب التجارية مصدرًا مستمرًا لحالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية. ودفعت هذه التوترات المستثمرين إلى البحث عن الأمان في الأصول التقليدية مثل الذهب، الذي استفاد من سمعته كملاذ آمن في أوقات الأزمات.

ورغم ذلك، أشار بعض المحللين إلى أن الأسواق باتت أقل يقينًا باحتمال تصاعد النزاعات التجارية إلى اضطرابات واسعة النطاق، في ضوء تجارب سابقة تراجع فيها ترامب عن تهديداته الجمركية الأكثر حدة في اللحظات الأخيرة.

على صعيد أسواق العملات، شهد مؤشر الدولار الأميركي أيضًا حركة طفيفة، حيث ارتفعت عقوده بنحو 0.06% لتسجل 97.60.

تأتي هذه التحركات في سياق ترقب المستثمرين للتطورات التجارية والسياسات النقدية الأميركية.

نظرة إلى قرارات الفيدرالي الأميركي

ينتظر المستثمرون باهتمام صدور بيانات التضخم الأميركي لشهر يونيو، المقرر نشرها يوم الثلاثاء، بحثًا عن دلائل جديدة بشأن مسار أسعار الفائدة التي سيتبناها مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في اجتماعاته القادمة.

حاليًا، تتوقع الأسواق أن يتم خفض الفائدة بنحو 50 نقطة أساس بحلول ديسمبر، في ظل تزايد الضغوط على النمو العالمي.

قال أوستان جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، إن الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب قد تثير مخاوف إضافية بشأن التضخم. وأضاف، في تصريحات نقلتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الجمعة:

«قد تدفع هذه المخاوف الفيدرالي إلى تبني موقف الانتظار والترقب في الفترة القادمة.»

حركة الصناديق الاستثمارية وحيازات الذهب

أما في ما يتعلق بالاستثمار المؤسسي في الذهب، فقد أعلن صندوق SPDR Gold Trust، وهو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب في العالم، عن تراجع طفيف في حيازاته.

انخفضت حيازات الصندوق بنسبة 0.12% لتصل إلى 947.64 طن يوم الجمعة، مقارنة بـ948.80 طن يوم الخميس السابق.

كما أظهرت بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع (CFTC) أن المتعاملين المضاربين في أسواق الذهب خفضوا صافي مراكزهم الشرائية بواقع 1,855 عقدًا خلال الأسبوع المنتهي في 8 يوليو، ليصل إجمالي العقود إلى 134,842.

هذا التراجع الطفيف يعكس حذرًا نسبيًا في مراكز المضاربة رغم الاتجاه الصعودي العام.

أداء المعادن النفيسة الأخرى

لم تقتصر التحركات على الذهب وحده. فقد شهدت المعادن النفيسة الأخرى أيضًا تذبذبات في الأسعار:

• الفضة: ارتفعت في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% لتسجل 38.49 دولارًا للأونصة.

• البلاتين: تراجع بنسبة 1.1% ليصل إلى 1,384 دولارًا للأونصة.

• البلاديوم: هبط بنسبة 1.7% إلى 1,194.40 دولارًا للأونصة، وفقًا لبيانات وكالة رويترز.

يُذكر أن الذهب قد سجل ارتفاعًا بأكثر من 25% منذ بداية العام، مدفوعًا بمجموعة من العوامل، أبرزها تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية وعمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية حول العالم.

بلغ الذهب ذروته هذا العام في أبريل، حين تخطى حاجز 3,500 دولار للأونصة، وهو مستوى قياسي تاريخي يعكس الإقبال الشديد على المعدن الثمين كأداة تحوط ضد المخاطر.

نظرة تحليلية ختامية

تواصل سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية، وخاصة تهديداته المتكررة بفرض رسوم جمركية كبيرة، تغذية حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية.

هذا بدوره يعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن، ويؤثر على توقعات السياسات النقدية، في وقت يراقب فيه المستثمرون عن كثب تطورات المفاوضات التجارية وبيانات الاقتصاد الكلي، وخصوصًا أرقام التضخم التي قد ترسم ملامح الخطوة القادمة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.