- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- تراجع اليورو أمام الدولار وسط صعود السندات الأمريكية وترقب الأسواق لخطابات جاكسون هول
تراجع اليورو أمام الدولار وسط صعود السندات الأمريكية وترقب الأسواق لخطابات جاكسون هول

شهدت أسواق العملات العالمية يوم الثلاثاء تقلبات حادة كان أبرزها تراجع اليورو مقابل الدولار الأمريكي لليوم الثاني على التوالي، في ظل استمرار الضغوط السلبية الناجمة عن الارتفاع القوي في عائدات سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يصب في مصلحة العملة الأمريكية ويمنحها المزيد من الدعم أمام مختلف العملات العالمية.
هذا التطور يأتي في وقت حساس للأسواق المالية التي تترقب عن كثب اجتماعات ومحافل اقتصادية كبرى، أبرزها منتدى جاكسون هول الذي يمثل بوصلة لسياسات البنوك المركزية العالمية.
اليورو تحت ضغط التضخم وتراجع توقعات خفض الفائدة
بدأت الضغوط على اليورو بالتصاعد بشكل واضح خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصًا بعد أن أظهرت بيانات التضخم في منطقة اليورو استمرار الضغوط السعرية، وهو ما جعل صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي أكثر حذرًا تجاه فكرة خفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل.
فعلى الرغم من تباطؤ بعض المؤشرات الاقتصادية في أوروبا، فإن التضخم ما زال يُظهر مقاومة قوية لمحاولات السيطرة عليه، وهو ما يجعل أي خطوة متسرعة نحو التيسير النقدي أمرًا محفوفًا بالمخاطر. وبناءً على ذلك، أصبحت الأسواق أكثر تحفظًا بشأن توقعاتها لخفض الفائدة، حيث تراجعت احتمالات إقرار خفض بنحو 25 نقطة أساس إلى أقل من 30% وفقًا لتسعير أسواق المال.
وفي هذا السياق، يترقب المستثمرون تصريحات رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد المرتقبة خلال مشاركتها في منتدى جاكسون هول، حيث من المتوقع أن تقدم إشارات مهمة حول موقف البنك من التضخم والسياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
أي لهجة متشددة من جانبها قد تمنح اليورو بعض الدعم، بينما أي ميول للتيسير قد تدفع العملة الأوروبية نحو مزيد من التراجع.
أداء اليورو مقابل الدولار
-
انخفض اليورو بنسبة 0.2% يوم الثلاثاء ليسجل 1.1639 دولار، مقارنة مع سعر افتتاح الجلسة عند 1.1661 دولار، بينما بلغ أعلى مستوى له خلال التعاملات 1.1684 دولار.
-
في جلسة الاثنين، أغلق اليورو على انخفاض بنسبة 0.35% أمام الدولار، وهي الخسارة الثانية خلال ثلاثة أيام فقط، في انعكاس مباشر لحالة القلق من موقف السياسة النقدية في كلا الجانبين: الأوروبي والأمريكي.
هذه الخسائر المتتالية تؤكد أن العملة الأوروبية أصبحت أكثر حساسية تجاه بيانات الاقتصاد الأمريكي، خاصة تلك المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، والتي كان لها دور بارز في دعم الدولار مؤخرًا.
صعود الدولار الأمريكي مدعومًا بعوائد السندات
في المقابل، واصل الدولار الأمريكي توسيع مكاسبه، حيث ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2% يوم الثلاثاء، ليسجل مكاسب للجلسة الثانية على التوالي، معززًا مكانته كعملة الملاذ الآمن في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
هذا الأداء الإيجابي جاء مدعومًا بارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات، بعدما عززت بيانات أسعار المنتجين ومبيعات التجزئة من قناعة الأسواق بأن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يتجه إلى خفض أسعار الفائدة قريبًا.
كما أن أي إبطاء في وتيرة خفض الفائدة من قبل الفيدرالي يعزز جاذبية الدولار، حيث يجعل الأصول الأمريكية ذات العائد الثابت أكثر تنافسية مقارنة بالعملات الأخرى.
ترقب الأسواق لخطاب جيروم باول في جاكسون هول
تتجه الأنظار الآن إلى كلمة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المنتظرة يوم الجمعة خلال ندوة جاكسون هول، والتي تعتبر من أبرز الفعاليات الاقتصادية العالمية.
ويرى محللو بنك ING أن من المبكر جدًا أن يعلن باول التزامًا واضحًا بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، لكن في حال ظهرت إشارات حول ضعف سوق العمل أو استمرار الضغوط التضخمية، فقد يضطر إلى تعديل لهجته بشكل ينعكس مباشرة على الأسواق.
وتُظهر بيانات الأسبوع الماضي، بما في ذلك ارتفاع أسعار المنتجين والواردات الأمريكية، أن الأسواق بدأت بالفعل في إعادة تسعير توقعاتها لتضع سيناريو أكثر ترجيحًا لخفض محدود بمقدار 25 نقطة أساس فقط، بدلاً من خفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو ما انعكس بوضوح على عقود الفائدة الآجلة.
الموقف داخل البنك المركزي الأوروبي
من جهتها، أظهرت تسريبات من اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير – وفقًا لوكالة "رويترز" – أن أغلبية الأعضاء كانوا ميالين للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وهو ما يعني أن سياسة الحذر قد تستمر للشهر الثاني على التوالي.
هذه التوجهات تعكس صعوبة الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي المتباطئ في منطقة اليورو من جهة، والسيطرة على التضخم المرتفع من جهة أخرى. ومع ذلك، فإن أي تلميحات جديدة من لاجارد في جاكسون هول قد تكون حاسمة في تحديد اتجاه العملة الأوروبية خلال الأسابيع المقبلة.
تحركات العملات الآسيوية وسط المخاطر الجيوسياسية
بعيدًا عن أوروبا وأمريكا، شهدت الأسواق الآسيوية تحركات محدودة يوم الثلاثاء، حيث ساد الحذر بين المتداولين في ظل التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالمحادثات المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى متابعة عن كثب لمخرجات منتدى جاكسون هول.
-
ظل مؤشر الدولار الأمريكي شبه مستقر خلال الجلسة الآسيوية بعد المكاسب التي حققها في اليوم السابق.
-
انخفض زوج الدولار/الين الياباني بنسبة 0.1% ليسجل 147.65 ين.
-
بقي زوج الدولار/اليوان الصيني مستقراً سواء في السوق الداخلية أو الخارجية.
-
تراجع زوج الدولار/الدولار السنغافوري بنسبة 0.1%.
-
استقرت التداولات على أزواج الدولار/الروبية الهندية، والدولار/الوون الكوري الجنوبي، والدولار/الدولار الأسترالي.
الأبعاد الجيوسياسية وتأثيرها على الأسواق
ازدادت حالة الحذر في الأسواق بعد فشل قمة ألاسكا الأسبوع الماضي في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، ما أعاد المخاوف من استمرار التوترات لفترة أطول.
كما كشفت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطط محتملة لإجراء محادثات مباشرة، وربما ثلاثية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما وصفه القادة الأوروبيون بأنه "جيد وبناء"، لكنه لم يسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، مما جعل المستثمرين يفضلون تبني مواقف دفاعية في محافظهم الاستثمارية.
الخلاصة:
يبدو المشهد الاقتصادي الحالي معقدًا، حيث يواجه اليورو ضغوطًا مزدوجة من التضخم الأوروبي وصعود الدولار المدعوم بالسندات الأمريكية، بينما تنتظر الأسواق بفارغ الصبر ما سيحمله منتدى جاكسون هول من إشارات حاسمة سواء من كريستين لاجارد أو جيروم باول. وحتى ذلك الحين، ستظل حالة الترقب والحذر هي السمة الغالبة على تحركات العملات العالمية.