- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- النفط يحافظ على مكاسبه وسط ترقب عقوبات غربية جديدة على روسيا وتوقعات بتخمة معروض
النفط يحافظ على مكاسبه وسط ترقب عقوبات غربية جديدة على روسيا وتوقعات بتخمة معروض

شهدت أسعار النفط العالمية تذبذباً ملحوظاً خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، حيث استقرت بعد مكاسب امتدت ليومين متتاليين، في وقت يترقب فيه المستثمرون والمتعاملون في أسواق الطاقة قرارات جيوسياسية واقتصادية مؤثرة، أبرزها احتمالات فرض عقوبات غربية جديدة على صادرات روسيا النفطية، مقابل بروز مخاوف متزايدة من تخمة معروض عالمي قد تضغط على الأسعار مستقبلاً.
أداء أسعار النفط اليوم
ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة اليوم، مدعومة بتوقعات بانقطاع محتمل للإمدادات الروسية على خلفية تكثيف أوكرانيا هجماتها بطائرات مسيّرة على منشآت ومصافي نفطية داخل الأراضي الروسية.
وقد تداول خام برنت القياسي فوق مستوى 67 دولاراً للبرميل، بعدما سجل مكاسب بلغت 1.6% خلال الجلستين السابقتين، في حين استقر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بالقرب من 63 دولاراً للبرميل.
هذا الارتفاع يأتي بينما يبحث الاتحاد الأوروبي في إطار حزمة قيود جديدة، فرض عقوبات تستهدف شركات في الهند والصين يُعتقد أنها تسهّل تجارة النفط الروسي، وفقاً لمصادر مطلعة.
وتكتسب هذه الخطوة أهمية مضاعفة كون الصين والهند تُعدان اليوم أكبر مستوردي الخام الروسي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية عام 2022، وذلك بعد أن تقلّصت حصة الأسواق الغربية نتيجة القيود السابقة.
الموقف الأميركي والأوروبي
على الجانب الآخر، تواصل الولايات المتحدة ضغوطها الاقتصادية، إذ فرضت واشنطن تعريفات "ثانوية" بنسبة 50% على نيودلهي في محاولة لتقليص مشترياتها من الخام الروسي، بينما امتنعت حتى الآن عن فرض قيود مماثلة على بكين، على الرغم من كونها المستورد الأكبر.
وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن بلاده لن تقدم على فرض عقوبات مباشرة على النفط الروسي ما لم يكن هناك تنسيق وتحرك أوروبي متزامن، في إشارة إلى رغبة واشنطن في تحرك جماعي منسق يزيد من فعالية تلك الإجراءات.
وفي تصريحات أخرى، أوضح بيسنت أن الحكومة الأميركية لا تعتزم في الوقت الراهن فرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية كوسيلة للضغط على بكين لوقف مشترياتها من الخام الروسي، إلا إذا أقدمت الدول الأوروبية على خطوات مماثلة تجاه الصين والهند.
قد يهمك : دليل شامل عن النفط السلعة الأكثر تداولاً في العالم وكيفية الاستثمار بها
معادلة السوق: دعم قصير الأجل وضغوط متوسطة المدى
ورغم الدعم الواضح للأسعار من جانب المخاطر الجيوسياسية، فإن التوازن في السوق يتأثر أيضاً بعوامل أساسية هابطة، أبرزها توقعات تخمة المعروض العالمي.
فقد أظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية أن الأسواق النفطية قد تواجه فائضاً قياسياً خلال السنوات المقبلة، مع تقديرات بارتفاع الفائض العالمي إلى 2.67 مليون برميل يومياً بحلول عام 2026، مقارنة بنحو 1.64 مليون برميل يومياً في 2024، وذلك نتيجة عودة إنتاج "أوبك+" بوتيرة أسرع من التقديرات السابقة.
وقال غاو مينغيو، كبير محللي الطاقة في شركة "SDIC Essence Futures"، إن العوامل الجيوسياسية تمنح السوق دعماً واضحاً على المدى القصير، غير أن الضغوط الهيكلية المرتبطة بالتخمة في المعروض تتزايد على المدى المتوسط، وهو ما قد يحد من استمرار موجات الصعود الحالية.
وتشير التقديرات إلى أن الفائض النفطي سيركز بشكل خاص في الربع الأول من العام، ما قد يشكل ضغوطاً متزايدة على الأسعار إذا لم يقابله نمو كافٍ في الطلب العالمي.
مؤشرات السوق والتحولات الفنية
من المؤشرات اللافتة التي تعكس حالة السوق، تراجع "الفارق الآني" لعقود خام برنت – أي الفرق بين أقرب عقدين آجليين – إلى نحو 40 سنتاً للبرميل فقط، بعدما كان قريباً من دولار كامل قبل شهرين.
هذا التراجع يعكس ضعف حالة "الباكورديشن"، وهي الظاهرة التي تشير عادة إلى قوة الطلب الفوري مقارنة بالطلب المستقبلي، ما يوحي بتباطؤ في وتيرة الشراء الحالية وتراجع التوقعات بارتفاعات حادة في الأجل القريب.
الذهب الأسود يترقب قرارات الفيدرالي
إلى جانب التوترات الجيوسياسية والعوامل الأساسية، يتابع المستثمرون باهتمام نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والذي يُعقد اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء.
وتشير التوقعات إلى أن الفيدرالي سيتجه نحو خفض أسعار الفائدة، في خطوة يُنظر إليها على أنها قد تعزز الاقتصاد الأميركي وتنعكس إيجاباً على الطلب على الطاقة من خلال خفض تكاليف الاقتراض وزيادة النشاط الاستثماري والاستهلاكي.
ويرى محللو الأسواق أن ضعف الدولار المتوقع – نتيجة اتجاه الفيدرالي نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً – كان له بالفعل أثر داعم على أسعار النفط الخام، حيث يزيد ذلك من جاذبية السلع المقومة بالدولار بالنسبة للمستثمرين حائزي العملات الأخرى.
معضلة مستمرة بين العرض والطلب
في المحصلة، تقف أسواق النفط أمام مشهد معقد يجمع بين ضغوط متناقضة: فمن جهة، تدعم المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية – الأوكرانية والتوترات بين واشنطن وبكين الأسعار على المدى القصير، ومن جهة أخرى، تلوح في الأفق توقعات بتخمة معروض عالمي من شأنها أن تكبح أي موجة ارتفاع قوية في المدى المتوسط إلى البعيد.
ومع تكثيف أوكرانيا ضرباتها للبنية التحتية الروسية الحيوية في محاولة لإضعاف القدرات الحربية لموسكو، واستمرار تعثر المحادثات السياسية لإنهاء الصراع، تظل أسواق الطاقة تحت رحمة الأحداث الميدانية والسياسية، بينما يترقب المستثمرون القرارات الاقتصادية الكبرى مثل اجتماع الفيدرالي، التي قد تحدد المسار القادم لأسعار الذهب الأسود.