- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار السلع والمعادن والمؤشرات
- الذهب يسجل أول خسارة أسبوعية منذ 10 أسابيع بعد بيانات التضخم الأمريكية وتوقعات خفض الفائدة
الذهب يسجل أول خسارة أسبوعية منذ 10 أسابيع بعد بيانات التضخم الأمريكية وتوقعات خفض الفائدة

شهدت أسواق الذهب العالمية خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر/تشرين الأول تقلبات حادة أنهت سلسلة مكاسب قوية استمرت تسعة أسابيع متتالية، حيث تكبّد المعدن النفيس أول خسارة أسبوعية له منذ عشرة أسابيع من الصعود المتواصل.
ويأتي هذا التراجع في ظل تغيرات كبيرة في شهية المخاطرة لدى المستثمرين، وتحوّل التوقعات بشأن سياسات الفائدة الأميركية عقب صدور بيانات التضخم التي جاءت دون التقديرات، إلى جانب التطورات الجيوسياسية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين، والعقوبات الجديدة المفروضة على الشركات الروسية.
أداء أسعار الذهب اليوم
تراجعت أسعار الذهب عند التسوية يوم الجمعة، 24 أكتوبر/تشرين الأول، لتسجل أول خسارة أسبوعية منذ عشرة أسابيع من الصعود القوي. فقد انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.34% إلى مستوى 4,112 دولار للأونصة، بعد أن تراجع بنحو 2% في وقت سابق من الجلسة. وبذلك يسجّل المعدن النفيس انخفاضاً أسبوعياً بنسبة 3.1% منذ بداية الأسبوع.
وفي ختام تعاملات الأسواق الأميركية، هبطت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/كانون الأول بأكثر من 0.19% إلى 4,137.8 دولار للأونصة، ما يعكس ضغوط بيع مكثفة من قبل المستثمرين بعد موجة مكاسب قياسية دفعت الذهب إلى أعلى مستوياته التاريخية مطلع الأسبوع.
تصريحات المحللين
أوضح المتعامل المستقل في المعادن تاي وونغ أن الأسعار تعرضت لموجة بيع حادة رغم البيانات الإيجابية للتضخم، قائلاً:
"زاد سعر الذهب والفضة بعد أن جاءت قراءة المؤشر الأساسي لأسعار المستهلك دون التوقعات في سبتمبر، لكن يبدو أن ذلك لن يكون كافياً لمحو أثر موجة البيع التي شهدها الأسبوع الجاري بالكامل."
وأضاف:
"تحرك الأسعار يشير إلى أن الذهب، والأكثر منه الفضة، بحاجة إلى مزيد من التراجع قبل أن تستقر في نطاق سعري متوازن."
قالت المحللة الاستراتيجية في شركة "ساكسو كابيتال ماركتس" (Saxo Capital Markets) تشـارو تشانانا إن تصحيح الأسعار قد بدأ بالاستقرار نسبياً، لكنها حذّرت من استمرار مستويات التقلب العالية بسبب المشاركة الواسعة من المستثمرين الأفراد في السوق.
وأشارت إلى أن مستوى المقاومة الرئيسي للذهب يقع حالياً قرب 4,148 دولاراً للأونصة، وأن اختراقاً مؤكداً فوق مستوى 4,236 دولاراً سيكون ضرورياً لتأكيد عودة الزخم الصعودي للسوق.
العوامل الجيوسياسية
ارتفعت أسعار المعدن الأصفر في بداية الأسبوع بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوبات جديدة على شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" الروسيتين، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا والمرتبطة بالحرب في أوكرانيا. وتُعد هذه الإجراءات الأشد قسوة من جانب الولايات المتحدة منذ اندلاع النزاع، ما عزز مؤقتاً الإقبال على أصول الملاذ الآمن.
وفي المقابل، أعلنت البيت الأبيض أن ترامب سيلتقي بالرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل خلال جولة آسيوية، في خطوة أثارت ترقب الأسواق وسط استمرار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، والتي كانت أحد المحركات الرئيسية لأسعار الذهب خلال الأشهر الماضية.
الذهب من القمة التاريخية إلى التصحيح الحاد
سجّل الذهب في بداية الأسبوع أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4,381.21 دولاراً للأونصة يوم الاثنين، لكنه تراجع لاحقاً بأكثر من 6%، نتيجة عمليات جني أرباح واسعة النطاق من قبل المستثمرين بعد موجة صعود استثنائية.
كما ساهمت الإشارات على تحسّن الأجواء التجارية بين الولايات المتحدة والصين في خفض الطلب على الذهب باعتباره ملاذاً آمناً.
وفي الوقت نفسه، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.86% إلى 48.50 دولاراً للأونصة، مسجلة خسارة أسبوعية تجاوزت 6%، لتتبع بذلك المسار الهابط للذهب في ظل ضعف الزخم الشرائي في أسواق المعادن الثمينة.
تأثير بيانات التضخم الأميركية وتوقعات الفائدة على الأسعار
رغم موجة التراجع، فقد قلّص الذهب جزءاً من خسائره بعد صدور بيانات التضخم الأميركية التي أظهرت قراءة أقل من التوقعات، ما عزز توقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين قبل نهاية العام.
هذه التوقعات دفعت عوائد السندات الأميركية إلى التراجع، وهو ما أعاد بعض الدعم النسبي للذهب، إذ يُعتبر الأصل المفضل في فترات التيسير النقدي نظراً لكونه لا يدرّ عوائد فائدة، مما يجعله أكثر جاذبية عندما تنخفض الفوائد على الأدوات المالية المنافسة.
يترقب المستثمرون الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي والصيني الأسبوع المقبل، والذي من المتوقع أن يترك بصمة واضحة على اتجاهات الأسواق. إذ يرى المحللون أن أي تقدم في المفاوضات التجارية قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة، بينما سيؤدي أي تعثر جديد أو تصاعد في التوترات إلى زيادة الإقبال على الذهب.
تراجع الصناديق المتداولة بالذهب وتوقف الزخم الشرائي
بدأت موجة الصعود القوية للذهب منتصف أغسطس/آب الماضي، ودفعت الأسعار إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة. لكن الصعود توقف فجأة بعد أن اتجه المستثمرون إلى جني الأرباح، خاصة في ظل تراجع كبير في حجم الأصول لدى الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs).
ووفق بيانات بلومبرغ، فقد سجلت هذه الصناديق أكبر تراجع يومي في حجم الأصول منذ خمسة أشهر، وهو ما اعتبره المحللون إشارة واضحة على انحسار الزخم الصعودي مؤقتاً.
العوامل الأساسية
حقق الذهب منذ بداية العام ارتفاعاً يقارب 57%، مدعوماً بمشتريات البنوك المركزية حول العالم وبظاهرة ما يُعرف بـ"تجارة خفض القيمة"، إذ يسعى المستثمرون إلى التحوط من تراجع العملات الحكومية والعجز المالي المتفاقم.
كما أن توقعات استمرار السياسات النقدية الميسّرة ساهمت في تعزيز جاذبية المعدن النفيس، الذي يُعد أحد أهم الأصول الواقية من التضخم وتقلبات الأسواق.
أداء المعادن الأخرى
وفي سياق متصل، شهدت أسواق المعادن الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار البلاتين بنسبة وصلت إلى 2% قبل أن يقلص مكاسبه لاحقاً. وأظهرت بورصة لندن للمعادن مؤشرات على شح كبير في الإمدادات، حيث ارتفعت الأسعار إلى علاوة تجاوزت 70 دولاراً للأونصة فوق عقود نيويورك في جلسة الخميس الماضي.
كما سجلت معدلات الإقراض ارتفاعاً حاداً، في تحركات ذكّرت المتعاملين بما حدث في سوق الفضة عقب أزمة السيولة مطلع الشهر الجاري، ما زاد من حالة الترقب والحذر في أسواق المعادن.
كذلك، انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.86% ليصل إلى 48.50 دولاراً أميركياً للأونصة، مسجلاً خسارة أسبوعية تزيد عن 6%.
خاتمة تحليلية
رغم أن الذهب فقد زخمه الصعودي خلال الأسبوع الأخير وسجل أول خسارة أسبوعية منذ عشرة أسابيع، إلا أن الاتجاه العام للمعدن النفيس لا يزال مدعوماً بعوامل هيكلية قوية، أبرزها سياسات التيسير النقدي العالمية والتوترات الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية المستمرة.
ومع اقتراب اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المرتقب، فإن الأسواق تترقب بقلق أي إشارة جديدة حول مسار أسعار الفائدة، والتي ستحدد على الأرجح الوجهة التالية للذهب خلال الأسابيع المقبلة.
