تراجع الين الياباني والعملات الآسيوية وسط مفاوضات تجارية متوترة وترقب لقرارات الفيدرالي الأمريكي
شهد الين الياباني تراجعاً ملحوظاً خلال تداولات السوق الآسيوية يوم الثلاثاء مقابل سلة من العملات الرئيسية والثانوية، متخلياً عن مكاسبه الأخيرة أمام الدولار الأمريكي، بالتزامن مع تصاعد التوترات التجارية بين اليابان والولايات المتحدة، وترقب الأسواق لاجتماع السياسة النقدية الحاسم لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي من المتوقع أن يرسم ملامح أسعار الفائدة الأمريكية في النصف الثاني من العام.
نظرة تحليلية على تحركات الين الياباني
سجّل الين الياباني تراجعاً ملحوظاً مقابل الدولار الأمريكي خلال تداولات اليوم الثلاثاء، ليتراجع بنسبة 0.4% إلى مستوى 144.27 ين لكل دولار، منخفضاً من سعر افتتاح الجلسة عند 143.68 ين، مع تسجيل أدنى مستوى خلال اليوم عند 143.55 ين.
وجاء هذا التراجع بعد أن سجل الين مكاسب قوية يوم الإثنين بنسبة 0.9%، محققاً ثاني صعود يومي له على التوالي. وكان هذا الارتفاع نتيجة مباشرة لعمليات شراء مكثفة من مستويات منخفضة، إلى جانب تزايد الطلب على الأصول الآمنة في ظل تنامي المخاوف المتعلقة بركود محتمل في الاقتصاد الأمريكي.
وتجدر الإشارة إلى أن الين كان قد لامس أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع عند 145.92 ين خلال الجلسات السابقة.
خلفية تجارية متوترة: مفاوضات اليابان والولايات المتحدة
في ظل هذا التحرك السلبي للين، تشهد العلاقات التجارية بين طوكيو وواشنطن حالة من التوتر المتصاعد، حيث رفضت الولايات المتحدة منح اليابان إعفاءً كاملاً من التعريفات الجمركية "التبادلية" بنسبة 10%، إلى جانب رفضها خفض التعريفات الخاصة بالبلد التي طُبقت سابقاً.
ووفقاً لمصادر مطلعة، أبلغ مسؤولون أمريكيون — بمن فيهم وزير الخزانة سكوت بيسنت — كبير المفاوضين اليابانيين ريوسي أكازاوا خلال اجتماع انعقد في واشنطن الأسبوع الماضي، بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنوي اقتراح خفض التعريفة الخاصة بنسبة 14%، والتي تم تعليقها حتى أوائل يوليو المقبل، وذلك في إطار المفاوضات الجارية.
وأكد الجانب الأمريكي في الجولة الثانية من المحادثات أن قرار تمديد فترة تعليق التعريفات لمدة 90 يوماً أو تقليص نسبة الـ14% سيكون مشروطاً بمدى التقدم المحرز في تلك المفاوضات.
من جهتها، تطالب اليابان بإلغاء التعريفات التبادلية بالكامل، بما يشمل الرسوم الإضافية البالغة 25% على واردات السيارات والفولاذ والألمنيوم، مشددة على مساهمتها الكبيرة في دعم الاقتصاد الأمريكي عبر الاستثمارات المباشرة وخلق فرص العمل. وتُعد اليابان من أوائل الدول التي دخلت الولايات المتحدة معها في مفاوضات مباشرة بشأن الرسوم الجمركية المرتفعة.
ترقب حذر لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي
يتوجه أنظار المستثمرين لاحقاً اليوم نحو اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي سيُختتم يوم الأربعاء، في وقت يُتوقع فيه على نطاق واسع أن يبقي البنك المركزي الأمريكي على أسعار الفائدة دون أي تغيير يُذكر، للمرة الثالثة على التوالي.
رغم الضغوط السياسية المتزايدة، استبعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في وقت يواصل فيه ممارسة ضغوط علنية على باول لتخفيض أسعار الفائدة، واصفاً سياساته بأنها "متشددة".
هذا الترقب الحذر يدفع الأسواق إلى الحذر، في وقت تتزامن فيه حالة من الضبابية السياسية والاقتصادية بفعل المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، ما يضيف المزيد من التقلبات إلى تحركات العملات العالمية.
أداء العملات الآسيوية: تفاوت في الاتجاهات
شهدت معظم العملات الآسيوية تراجعاً خلال تداولات اليوم الثلاثاء، بينما حافظ الدولار الأمريكي على استقراره النسبي، مدعوماً بحالة الترقب السائدة قبل صدور قرارات الفيدرالي، واستمرار غموض مصير المفاوضات التجارية مع الصين.
جاء هذا وسط ضعف أحجام التداول في الأسواق الإقليمية، نتيجة العطلات في كل من اليابان وكوريا الجنوبية، في حين استأنفت الصين نشاطها بعد عطلات عيد العمال، مما أضفى ديناميكية إضافية على تحركات اليوان.
وقد ارتفع اليوان الصيني بشكل حاد في تداولات تعويضية، مستفيداً من تكهنات متزايدة بإمكانية تحقيق اختراق في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن الدولار استعاد بعض زخمه في وقت سابق من الأسبوع، إلا أن العملة الأمريكية لا تزال تواجه ضغوطاً هبوطية كبيرة بعد خسائر حادة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
أداء أبرز أزواج العملات الآسيوية
-
USDJPY (الدولار/الين): ارتفع بشكل طفيف يوم الثلاثاء الى 143.71.
-
USDKRW (الدولار/الوون الكوري): صعد إلى مستوى 1,385.
-
USDTWD (الدولار/الدولار التايواني): قفز بنسبة 3.7% إلى 30.19، بعد أن كان قد هبط لأدنى مستوياته في عامين .
-
USDINR (الدولار/الروبية الهندية): ارتفع بنسبة 0.1% إلى 84.449.
-
USDSGD (الدولار/الدولار السنغافوري): ارتفع بنسبة 0.4% إلى 1.2941.
-
AUDUSD (الدولار الأسترالي/الدولار): انخفض بنسبة 0.2% إلى 0.6456، بعد مكاسب قوية في الأسبوع الماضي.
اليوان الصيني يسجل أقوى مستوياته منذ ستة أسابيع
في تطور لافت، قفز زوج اليوان الصيني المحلي إلى أقوى مستوى له منذ أكثر من ستة أسابيع مع استئناف التداول بعد عطلات عيد العمال، حيث انخفض زوج USDCNY بنسبة 0.6% إلى 7.2302 يوان، وهو أدنى مستوى يسجله منذ أواخر مارس.
وتجاهل المستثمرون بيانات مؤشر مديري المشتريات التي أظهرت نمواً ضعيفاً في قطاع الخدمات خلال أبريل، مفضلين التركيز على إشارات إيجابية من بكين حول إمكانية استئناف المفاوضات التجارية.
وطالبت الحكومة الصينية الولايات المتحدة بخفض التعريفات الجمركية قبل الشروع في أي مفاوضات، بينما أكد الرئيس ترامب أنه لن يخفض الرسوم إلا إذا عادت الصين إلى طاولة المفاوضات. من جهته، صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأنه واثق من تحقيق تقدم في المحادثات خلال الأسابيع القادمة.
استقرار مؤشر الدولار وتركيز الأسواق على الاحتياطي الفيدرالي
شهد مؤشر الدولار وعقود الدولار الآجلة استقراراً في التعاملات الآسيوية، حيث سجل المؤشر 99.52 بعد تحقيق بعض المكاسب في الجلسات الأخيرة، إلا أن العملة الأمريكية لا تزال متأثرة بسلسلة من الخسائر الحادة خلال الربع الأخير، نتيجة القلق المتزايد بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي وسياسات الإدارة الحالية.
وجاء هذا التراجع مدفوعاً بعمليات تصفية واسعة للمراكز الطويلة للدولار، خاصةً في الأسواق الآسيوية، في ظل تراجع الثقة في الاتجاه الاقتصادي للولايات المتحدة، فضلاً عن نتائج اقتصادية ضعيفة تم الإعلان عنها مؤخراً.
ويتركز اهتمام الأسواق بالكامل هذا الأسبوع على ما سيخرج به اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي من نتائج، وسط توقعات بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، واستمرار التضخم، وتفاقم الشكوك الاقتصادية.
كما ستكون تصريحات جيروم باول محل اهتمام بالغ من قبل المستثمرين، خاصة في ظل الضغوط المستمرة من الرئيس ترامب لدفع الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.