تراجع الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي واليوان الصيني إلى أدنى مستوياتهم في 3 أسابيع
تراجعت العملات الآسيوية الرئيسية، وفي مقدمتها الدولار الأسترالي والنيوزيلندي، بالإضافة إلى اليوان الصيني، خلال تعاملات اليوم الاثنين، إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع،
وذلك على خلفية التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط بعد الضربة الأميركية على منشآت نووية إيرانية، ما أثار مخاوف المستثمرين من تصعيد محتمل قد يهدد استقرار الأسواق المالية العالمية ويضغط على سلاسل الإمداد ويدفع التضخم للارتفاع مجدداً.
تراجعت معظم العملات الآسيوية يوم الاثنين، بينما ارتفع الدولار بعد أن هاجمت الولايات المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع ثلاثة منشآت نووية رئيسية في إيران، مما وضع الأسواق في حالة ترقب لرد طهران.
كما كانت العملات الآسيوية تعاني من بعض الخسائر من الأسبوع الماضي، بعد إشارات متشددة من الاحتياطي الفيدرالي ومن المقرر أن يتحدث مجموعة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في الأيام القادمة، مما قد يقدم المزيد من الإشارات حول مسار أسعار الفائدة.
سيدلي رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشهادته أمام الكونجرس يومي الثلاثاء والأربعاء كما تراجعت العملات الإقليمية بشكل كبير رغم البيانات الاقتصادية القوية من أستراليا واليابان.
تراجع حاد في الدولار الأسترالي والنيوزيلندي
تأثر كل من الدولار الأسترالي والنيوزيلندي بشكل ملحوظ في تعاملات اليوم، حيث سجّلا انخفاضات حادة وسط حالة من القلق تسود الأسواق العالمية بعد الضربة الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة واستهدفت منشآت نووية داخل إيران.
هذه الضربة، التي مثّلت تصعيداً كبيراً في التوترات الجيوسياسية، أثارت قلق المستثمرين من احتمال اندلاع نزاع أوسع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة إذا أقدمت طهران على خطوات انتقامية تشمل إغلاق مضيق هرمز، الممر البحري الذي تمر عبره نحو 20% من إمدادات الطاقة العالمية من النفط والغاز الطبيعي.
وفي هذا السياق، هبط الدولار الأسترالي في التعاملات المبكرة إلى مستوى 0.6416 دولار أميركي، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاثة أسابيع، قبل أن يتلقى بعض الدعم الفني عند المتوسط المتحرك لـ200 يوم عند 0.6423، ليجري تداوله لاحقاً عند 0.6430 بتراجع نسبته 0.3% مقارنة بجلسة التداول السابقة.
أما الدولار النيوزيلندي، فقد شهد تراجعاً هو الآخر ليصل إلى مستوى 0.5929 دولار أميركي، وهو أدنى مستوى يسجله منذ نحو ثلاثة أسابيع أيضاً. إلا أنه تمكن من تقليص بعض خسائره تدريجياً واستقر لاحقاً عند 0.5947، مسجلاً تراجعاً بنسبة 0.3% أيضاً، بدعم فني عند مستوى 0.5926.
الضربة الأميركية تثير مخاوف من إغلاق مضيق هرمز
تجددت المخاوف بين المستثمرين من أن تقوم إيران بالرد عبر تصعيد عسكري أو عبر استخدام ورقة إغلاق مضيق هرمز، وهو الشريان الرئيسي لصادرات الطاقة العالمية، مما سيؤدي إلى تعطيل تدفقات النفط والغاز ويفاقم من اضطرابات سلاسل الإمداد، الأمر الذي قد يُسهم في ارتفاع جديد في معدلات التضخم على الصعيد العالمي، ويزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.
وفي هذا السياق، قال جوزيف كابورسو، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في بنك الكومنولث الأسترالي، إن الدولار الأسترالي قد يختبر مزيداً من التراجع خلال هذا الأسبوع إذا استمرت حالة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران وأضاف قائلاً:
"من المتوقع أن تكون نطاقات التداول اليومية واسعة هذا الأسبوع، ما لم ترد أنباء مهدئة من طهران أو واشنطن"،
مشيراً إلى أن الدولار الأسترالي قد يتجه لاختبار مستويات 0.6307 أو حتى 0.6157 في حال تصاعدت حدة التوترات.
بيانات اقتصادية مرتقبة في أستراليا ونيوزيلندا قد تؤثر على السياسات النقدية
على الجانب الاقتصادي، من المنتظر أن تصدر أستراليا يوم الأربعاء القادم بيانات التضخم لشهر مايو/أيار، والتي تُعد مؤشراً مهماً بالنسبة لتوجهات السياسة النقدية للبنك المركزي الأسترالي.
وتشير التقديرات الأولية إلى احتمال تباطؤ معدل التضخم السنوي إلى 2.3% مقارنة بـ 2.4% في أبريل/نيسان، وهو ما قد يدفع البنك المركزي إلى اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب بتاريخ 8 يوليو/تموز، حيث تُقدر حالياً احتمالات خفض الفائدة عند 78%.
وفي المقابل، تستعد نيوزيلندا لإصدار بيانات التجارة الخارجية يوم الأربعاء أيضاً، وذلك بعد أن أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام نمواً أقوى من المتوقع.
وقد عزز ذلك من التوقعات بأن البنك المركزي النيوزيلندي قد يكون في طريقه إلى إنهاء دورة التيسير النقدي، خاصة أن احتمالات خفض أسعار الفائدة في يوليو/تموز لا تزال ضعيفة للغاية، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع احتمالات الخفض في أغسطس/آب إلى أكثر من 60%.
وفي تعليق له، أوضح بول بلوكهام، كبير الاقتصاديين لأستراليا ونيوزيلندا في بنك "إتش إس بي سي"، أن
"نيوزيلندا تشهد انتعاشاً اقتصادياً دورياً مدعوماً بتراجع حاد في أسعار الفائدة وارتفاع قوي في صادرات الألبان، في حين لا تزال أستراليا تعاني من اختناقات في جانب العرض وضعف في الإنتاجية".
اليوان الصيني يسجل أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع
بالتوازي مع الضغوط التي تواجهها العملات الآسيوية، تراجع اليوان الصيني إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع مقابل الدولار الأميركي، خلال تعاملات اليوم الاثنين، وذلك في ظل استمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية بعد الهجمات الأميركية على إيران. هذا التطور دفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الدولار الأميركي.
وقد سجّل اليوان في السوق الداخلية 7.1950 مقابل الدولار، وهو أضعف مستوى له منذ الثالث من يونيو/حزيران، قبل أن يتعافى بشكل طفيف إلى 7.1877 بحلول الساعة 03:50 بتوقيت غرينتش. أما في السوق الخارجية، فقد تراجع اليوان إلى 7.1880 مقابل الدولار.
سياسات بنك الشعب الصيني تخفف من الضغوط على العملة
ورغم تراجع اليوان، إلا أن الخسائر جاءت محدودة نسبياً بفضل تدخل غير مباشر من قبل بنك الشعب الصيني، الذي ثبت السعر المرجعي الرسمي عند 7.1710 للدولار، أي أقوى بـ 204 نقطة أساس من توقعات السوق. هذه الخطوة تعكس محاولة السلطات النقدية الصينية احتواء التراجعات السريعة للعملة في مواجهة قوة الدولار.
وفي سياق مشابه، لامس الدولار الهونغ كونغي مجدداً الحد الأدنى لنطاق تداوله أمام الدولار الأميركي، ما فتح باب التساؤلات حول إمكانية تدخل هيئة النقد في هونغ كونغ للدفاع عن العملة المحلية ضمن نظام الربط بالدولار الأميركي.
توقعات بمزيد من ضعف اليوان مع اتساع فجوة الفائدة
أشار محللو "مايبانك" إلى أن زوج "دولار/يوان" يشكّل حالياً نمطاً فنياً يُعرف بـ "قاعدة انطلاق دائرية" (Rounding Bottom)، ما يمهّد لصعود إضافي محتمل للدولار مقابل اليوان، إلا أنهم رجّحوا أن تبقى المكاسب محدودة نسبياً، رغم التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ورغم إدانة الصين للهجمات الأميركية على إيران، فإنها لم تُبدِ أي دعم مباشر لطهران، في مؤشر على حرصها على عدم الانخراط في أي تصعيد مباشر في هذه المرحلة الحرجة.
ويتوقع الخبراء أن يتعرض اليوان لمزيد من الضغوط خلال النصف الثاني من عام 2025، بسبب التراجع المحتمل في الصادرات واتساع الفجوة في أسعار الفائدة بين الصين والولايات المتحدة.
كما أن السلطات الصينية بدأت منذ يونيو/حزيران في تخفيف القيود المفروضة على الاستثمارات الخارجية، وهو ما يُتوقع أن يؤدي إلى زيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج، مما يعزز من الضغوط على العملة المحلية.
ورغم هذه العوامل، استبعد محللو بنك "ستاندرد تشارترد" حدوث انخفاض حاد في قيمة اليوان، معتبرين أن تقييم العملة الصينية لا يزال ضمن مستويات تنافسية قوية في الوقت الراهن، وأن بنك الشعب الصيني لا يزال يحتفظ بأدوات فعالة لضبط تقلبات السوق عند الضرورة.