ارتفاع سعر البيتكوين بدعم من التفاؤل باستئناف المحادثات التجارية بين أمريكا والصين

شهدت الأسواق المالية العالمية موجة من التفاؤل خلال تداولات يوم الأربعاء، انعكست بوضوح على أداء العملات الرقمية والأسهم الآسيوية، في ظل تقارير تفيد بعزم الولايات المتحدة والصين استئناف المحادثات التجارية.

هذا التفاؤل عزز من شهية المستثمرين للمخاطرة، وانعكس بشكل مباشر على ارتفاع سعر عملة بتكوين، أكبر الأصول الرقمية من حيث القيمة السوقية، إلى جانب مكاسب ملحوظة في الإيثر وتراجع في الذهب، مقابل صعود طفيف للدولار الأمريكي.

أداء أسعار البيتكوين

سجلت عملة بتكوين المشفرة ارتفاعاً لافتاً بنسبة 3.2% صباح الأربعاء، حيث تجاوزت حاجز 97,500 دولار في تداولات آسيا، قبل أن تقلص مكاسبها لاحقاً لتستقر عند مستوى 96,950 دولاراً بحلول الساعة 12:00 ظهراً بتوقيت تركيا. ويأتي هذا الأداء القوي لبتكوين بالتزامن مع ارتفاع مؤشرات الأسهم الآسيوية، إلى جانب تسجيل مؤشر الدولار الأمريكي بعض المكاسب الطفيفة.

صعود الإيثر بنسبة 4.2%

بالتوازي مع صعود بتكوين، شهدت عملة إيثريوم (ETH)، ثاني أكبر العملات الرقمية من حيث القيمة السوقية، ارتفاعاً بنسبة 4.2%، حيث وصلت قيمتها إلى 1,829 دولاراً. ويعكس هذا الارتفاع حالة التفاؤل العامة التي تسود الأسواق العالمية، مدفوعة بالأنباء الإيجابية حول انفتاح تجاري محتمل بين أكبر اقتصادين في العالم.

تفاصيل المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين

جاءت موجة الارتفاع في العملات المشفرة والأسواق الآسيوية عقب الإعلان عن اجتماع مرتقب هذا الأسبوع في سويسرا، سيجمع بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير، ومسؤولين في الحكومة الصينية، لبحث سبل تهدئة التوترات التجارية المتفاقمة بين واشنطن وبكين.

وقد أسهمت هذه الأنباء في إحياء آمال المستثمرين بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري يخفف من حدة التوترات بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر على مستوى العالم، وهو ما انعكس على ارتفاع شهية المخاطرة في الأسواق العالمية.

تصاعد التوتر العسكري بين الهند وباكستان وتجاهل الأسواق

في الوقت الذي سادت فيه أجواء إيجابية نتيجة التقارب الأمريكي الصيني، شهدت منطقة جنوب آسيا تطوراً مقلقاً، حيث أعلنت الهند صباح الأربعاء أنها نفذت ضربات عسكرية دقيقة ضد أهداف في باكستان. ورداً على ذلك، أعلنت إسلام أباد أنها أسقطت خمس طائرات مقاتلة هندية.

ورغم حساسية هذه التطورات العسكرية، فإن الأسواق تجاهلت إلى حد كبير هذا التصعيد، لا سيما أسواق العملات الرقمية، التي واصلت ارتفاعها في تجاهل واضح للمخاطر الجيوسياسية المتزايدة في تلك المنطقة.

تعليقات من خبراء السوق: تفاؤل بمراكز الشراء رغم التوترات:

علق شون ماكنولتي، رئيس تداول المشتقات لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة الوساطة الرقمية الرائدة فالكون إكس (FalconX Ltd.)، قائلاً:

"نرى اهتماماً متجدداً بمراكز بتكوين الصعودية، ويبدو أن السوق متفائلة بأن المحادثات التجارية خلال عطلة نهاية الأسبوع ستكون إيجابية."

وأوضح ماكنولتي أن هناك زيادة ملحوظة في الطلب على خيارات الشراء الصعودية في سوق المشتقات، خاصة تلك التي تستهدف سعر تنفيذ يبلغ 100,000 دولار، وفقاً لبيانات جمعتها منصة ديربيت (Deribit)، أكبر بورصة لمشتقات العملات الرقمية على مستوى العالم.

أضاف ماكنولتي أن المتداولين حتى الآن "يتجاهلون تماماً" التصعيد العسكري بين الهند وباكستان، مشيراً إلى أن المستثمرين في الأصول الرقمية يوجهون أنظارهم نحو قرار سعر الفائدة الذي سيصدره مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وقت لاحق من يوم الأربعاء، وسط توقعات واسعة ببقاء الفائدة دون تغيير.

إقبال عام على المخاطرة يدفع الأسواق للصعود

وفي ذات السياق، قال المتداول يوان رونغ تان من شركة QCP Capital إن الأسواق تشهد اليوم حالة من الإقبال الواضح على المخاطرة، مدفوعة بشكل أساسي بالتقارب التجاري الأمريكي الصيني.

وأوضح أن هذا الإقبال العام على المخاطرة انعكس في ارتفاع الأسهم العالمية، وتراجع الذهب، مع مكاسب محدودة للدولار الأمريكي، وهو ما يشكل، بحسب تعبيره،

"سيناريو كلاسيكياً لتحسن شهية المخاطرة يدعم بدوره انتعاش أسواق العملات المشفرة."

دور ترمب في دعم العملات المشفرة

من الجدير بالذكر أن عملة بتكوين كانت قد سجلت مستوى قياسياً بلغ 109,241 دولاراً في شهر يناير، بدعم من التفاؤل إزاء توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المؤيدة لقطاع العملات الرقمية.

فبعد أن أبدى تشككه سابقاً في الصناعة، غيّر ترمب موقفه بشكل واضح خلال حملته الانتخابية، حيث أصبح من أبرز الداعمين للتشريعات التي تعزز من استخدام العملات المشفرة، مما أسهم في دفع السوق إلى تحقيق مكاسب قياسية في وقت سابق من العام.

إلا أن السياسة الحمائية التي تبناها ترمب، من خلال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، أدت إلى تقلبات في الأسواق المالية، ما تسبب في تراجع أسعار العملات المشفرة خلال الأشهر الماضية.

تراجع لايتكوين بنسبة 11% وسط ضغوط بيعية قوية

في المقابل، وعلى خلاف أداء بتكوين وإيثريوم، شهدت عملة لايتكوين (Litecoin) تراجعاً حاداً بنسبة 10.56% خلال التداولات اليومية، حيث تم تداولها عند مستوى 92.08 دولاراً مقابل الدولار الأمريكي، لتسجل بذلك أكبر تراجع لها منذ فترة طويلة.

أدى هذا الانخفاض الحاد إلى هبوط القيمة السوقية للايتكوين إلى 6.77 مليار دولار، ما يعادل 0.23% فقط من إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية، في حين أن أعلى قيمة سوقية سابقة سجلتها وصلت إلى 25.61 مليار دولار.

وقد تم تداول لايتكوين خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية ضمن نطاق يتراوح بين 81.10 دولاراً و92.20 دولاراً، في حين أظهرت بيانات الأسبوع الأخير ارتفاعاً تدريجياً في السعر، مع تسجيل حجم تداول بلغ 561.42 مليون دولار خلال اليوم الأخير، ما يمثل 0.78% من حجم التداول الكلي في سوق العملات الرقمية.

خاتمة:

تشير مجريات الأسواق الرقمية إلى أن العوامل الجيوسياسية، رغم حساسيتها، قد لا تكون العامل الوحيد المؤثر في سلوك المتداولين، الذين يبدون تركيزاً متزايداً على المؤشرات الاقتصادية الكبرى والتحولات السياسية ذات الطابع العالمي، مثل عودة الحوار بين واشنطن وبكين.

وفي ظل ترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي، تبقى الأسواق في حالة ترقب، مع استمرار الزخم الإيجابي للعملات المشفرة الكبرى مثل بتكوين وإيثريوم، بينما تتعرض عملات أخرى مثل لايتكوين لضغوط بيعية لافتة.