- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- الدولار الأمريكي يتراجع تحت ضغط توقعات خفض الفائدة وتصاعد الغموض التجاري
الدولار الأمريكي يتراجع تحت ضغط توقعات خفض الفائدة وتصاعد الغموض التجاري

تراجع الدولار الأميركي خلال تعاملات يوم الثلاثاء وسط تصاعد ملحوظ في توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ووسط حالة من الغموض السياسي والاقتصادي المتزايد في أعقاب فرض رسوم جمركية أميركية جديدة واستقالات مفاجئة ضمن مؤسسات اقتصادية مؤثرة.
وترافق هذا التراجع مع تقييم الأسواق لتأثيرات متشابكة تشمل ضعف سوق العمل الأميركية، وحالة عدم اليقين الجيوسياسي، والارتباك المتزايد بشأن السياسات التجارية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما أدى إلى هبوط الدولار مقابل عدد من العملات العالمية وفتح الباب أمام فترة مقبلة من التقلبات.
تراجع الدولار الأميركي وتزايد ضغوط الفائدة
تراجع الدولار الأميركي خلال تداولات يوم الثلاثاء في الأسواق العالمية، حيث جاءت هذه التراجعات في ظل تصاعد الرهانات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل خلال شهر سبتمبر/أيلول.
هذه التوقعات القوية جاءت بعد صدور بيانات سوق العمل الأميركية يوم الجمعة، والتي أظهرت مؤشرات ملموسة على ضعف في سوق العمل، الأمر الذي دفع المستثمرين والمتداولين إلى تسعير سيناريو خفض قريب للفائدة.
وقد شكلت هذه البيانات صدمة للأسواق التي كانت تتوقع أن يواصل الاقتصاد الأميركي صموده، لكنها أظهرت تباطؤاً في التوظيف ونمواً أقل من المتوقع في الأجور، وهو ما يشير إلى احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة تباطؤ، مما يزيد الضغط على الاحتياطي الفيدرالي للتحرك بخفض الفائدة كأداة دعم استباقية.
اضطرابات سياسية تزيد الضغوط على الدولار
إلى جانب البيانات الاقتصادية الضعيفة، تلقى الدولار ضربة أخرى بسبب أحداث سياسية أثارت قلق الأسواق، تمثلت في إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمسؤول بارز في هيئة الإحصاء، وهو ما فُسر على أنه تدخل سياسي في مؤسسة يفترض أن تكون محايدة ومستقلة.
وجاءت هذه الإقالة في توقيت حساس تزامن مع استقالة أدريانا كوغلر، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما ساهم في إثارة القلق بشأن استقلالية المؤسسات الاقتصادية في البلاد.
وقد أسهمت هذه الأحداث في تعميق حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، ما أدى إلى هبوط حاد للدولار يوم الجمعة الماضي، حيث أعادت هذه التطورات إلى الأذهان تساؤلات حول مدى استقرار السياسات الاقتصادية الأميركية في ظل الإدارة الحالية.
ورغم أن الدولار الأميركي حاول استعادة بعض الاستقرار خلال تعاملات يوم الاثنين، إلا أنه بقي ضعيفاً صباح يوم الثلاثاء، إذ واصل المستثمرون تفاعلهم مع التطورات السلبية الأخيرة وتم تداول اليورو عند مستوى 1.1579 دولار، فيما وصل الجنيه الإسترليني إلى 1.3298 دولار، في دلالة على ضعف نسبي للعملة الأميركية أمام العملات الرئيسية الأخرى.
مؤشر الدولار ينخفض وسط تصاعد رهانات الخفض
سجل مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات الرئيسية – انخفاضاً إلى مستوى 98.688، بعدما لامس أدنى مستوياته في أسبوع. هذا الانخفاض يأتي نتيجة تسعير الأسواق لاحتمالات متزايدة لخفض أسعار الفائدة الأميركية خلال الاجتماع المقبل للفيدرالي.
وبحسب مؤشر "فيد ووتش" التابع لمجموعة CME، فإن المتداولين باتوا يقدّرون احتمالية قيام الفيدرالي بخفض الفائدة بنسبة تصل إلى 94.4%، وهي قفزة كبيرة مقارنة بنسبة 63% فقط قبل أسبوع واحد، ما يعكس تغيراً دراماتيكياً في توقعات السوق.
توقعات "غولدمان ساكس" بسلسلة تخفيضات
في إطار التوقعات الاقتصادية، أصدرت مؤسسة "غولدمان ساكس" المالية تقريراً توقعت فيه أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة من ثلاثة تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة، بواقع 25 نقطة أساس لكل منها، بدءاً من اجتماع سبتمبر/أيلول المقبل.
كما أشار التقرير إلى إمكانية لجوء البنك المركزي إلى خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس دفعة واحدة، في حال عاد معدل البطالة إلى الارتفاع مجدداً بشكل مفاجئ.
من جانبها، صرحت "ماري دالي"، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، يوم الاثنين، بأن سوق العمل الأميركية تظهر حالياً علامات ضعف واضحة، مؤكدة في الوقت ذاته عدم وجود مؤشرات تدل على تضخم مدفوع بالرسوم الجمركية، وهو ما يترك المجال مفتوحاً أمام خطوة خفض الفائدة. وقالت دالي:
"كنت مستعدة للانتظار دورة أخرى، لكن لا يمكنني الانتظار إلى الأبد".
هذه التصريحات اعتُبرت بمثابة إشارة قوية إلى احتمال أن يتحرك الفيدرالي قريباً في اتجاه خفض أسعار الفائدة، وهو ما فسره السوق بأنه ضوء أخضر إضافي للدفع نحو المزيد من التيسير النقدي.
ولا تزال الأسواق تتابع عن كثب حالة الغموض المحيطة بالرسوم الجمركية، في أعقاب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جديدة على عدد كبير من الدول الأسبوع الماضي. هذه الخطوة أثارت مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ النمو العالمي، خاصة في ظل هشاشة الاقتصاد العالمي بعد سنوات من الضغوط الجيوسياسية والتضخم المرتفع.
أداء العملات العالمية مقابل الدولار
• الين الياباني:
ارتفع الين الياباني إلى مستوى 146.95 مقابل الدولار، وذلك بعد صدور محضر اجتماع بنك اليابان عن شهر يونيو/حزيران، والذي كشف عن استعداد بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية للنظر في استئناف رفع أسعار الفائدة في حال تراجعت حدة التوترات التجارية.
• الفرنك السويسري:
استقر الفرنك السويسري عند 0.8081 مقابل الدولار، بعدما كان قد تراجع بنسبة 0.5% في الجلسة السابقة. وقد جاء هذا الاستقرار وسط أنباء عن استعداد الحكومة السويسرية لتقديم عرض تجاري "أكثر جاذبية" للولايات المتحدة، في محاولة لتفادي تطبيق رسوم استيراد أميركية بنسبة 39% قد تؤثر سلباً على صادرات البلاد.
لا يزال الأثر طويل الأمد للرسوم الأميركية الجديدة غير واضح، حيث يستعد المتداولون لفترة من التقلبات الحادة. وصرّح "رودريغو كاتريل"، الخبير الاستراتيجي في العملات لدى "بنك أستراليا الوطني"، قائلاً:
"هذا الوضع يشبه الجائحة، الكل يتوقع أن تكون الآثار مؤقتة وسريعة، لكن في الواقع سيستغرق الأمر ما بين 6 و12 شهراً لمعرفة من الرابح ومن الخاسر".
وهذا التوصيف يعكس مدى الضبابية التي تكتنف الأسواق في المرحلة الحالية.
العملات السلعية تسجل مكاسب محدودة
في أسواق العملات الأخرى، سجل الدولار الأسترالي ارتفاعاً بنسبة 0.11% ليصل إلى مستوى 0.64736 دولار أميركي، كما صعد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.11% أيضاً ليصل إلى 0.5914 دولار. وتُعزى هذه المكاسب الطفيفة إلى عوامل مؤقتة تتعلق بتصحيح الأسواق، إلا أن الاتجاه العام لا يزال يميل إلى الحذر واختتم "كاتريل" تصريحه بالقول:
"ما زلنا نعتقد أن الدولار الأميركي يتجه للهبوط، حتى إن كانت العملات الداعمة للنمو مثل العملات الآسيوية والدولار الأسترالي تواجه صعوبات، فإن السياسات الحالية تميل إلى أن تكون سلبية للدولار".
تراجع اليورو مع جني الأرباح رغم تماسكه
على الجانب الأوروبي، تراجع اليورو مقابل الدولار الأميركي في السوق الأوروبية يوم الثلاثاء، لليوم الثاني على التوالي، مبتعداً عن أعلى مستوى له في أسبوعين، حيث نشطت عمليات التصحيح وجني الأرباح بعد موجة صعود سريعة.
كما جاء هذا التراجع بالتزامن مع انتعاش نسبي في أداء العملة الأميركية، في ظل ترقب الأسواق لبيانات اقتصادية أميركية مرتقبة من شأنها أن توفر إشارات إضافية حول المسار المستقبلي لسياسة الفيدرالي.
ومع الضغوط التضخمية الراهنة في منطقة اليورو، تراجعت التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأوروبية في سبتمبر المقبل، وهو ما أعاد توجيه اهتمام المستثمرين إلى صدور بيانات اقتصادية إضافية من المنطقة لإعادة تسعير تلك التوقعات بشكل دقيق.
نظرة سعرية مفصلة لليورو
-
انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.15% ليصل إلى 1.1554 دولار، مقارنة بسعر افتتاح اليوم البالغ 1.1568 دولار، بينما سجل أعلى مستوى له خلال الجلسة عند 1.1588 دولار.
-
وكان اليورو قد أنهى تعاملات الاثنين منخفضاً بنسبة 0.15% أيضاً، في أول خسارة له خلال ثلاثة أيام، بعد أن بلغ في وقت سابق من اليوم ذاته أعلى مستوى في أسبوعين عند 1.1597 دولار.
أفادت مصادر لوكالة "رويترز" أن أغلبية واضحة من أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي أعربوا خلال اجتماعهم الأخير عن تفضيلهم الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع سبتمبر المقبل، وهو التوجه الذي يتكرر للاجتماع الثاني على التوالي، ما يعكس تريث البنك وسط حالة الغموض الاقتصادي في القارة العجوز.
خلاصة:
إن تراجع الدولار الأميركي الأخير يعكس تفاعلاً مركباً بين عوامل اقتصادية وسياسية وتجارية. وبينما تتزايد الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ خطوات تيسيرية، تواصل الأسواق ترقب نتائج السياسات الحمائية التي تنتهجها الإدارة الأميركية، في ظل استمرار اضطرابات التوظيف وتقلبات البيانات الاقتصادية.
ومع استمرار الغموض في الأفق، فإن الأسواق قد تدخل فترة ممتدة من التذبذب وعدم اليقين، حيث لم تتضح بعد معالم الطريق أمام السياسة النقدية الأميركية ولا مآلات النزاعات التجارية العالمية.