الدولار الأمريكي يتراجع ترقباً لاجتماع الفيدرالي... واليورو يتجاهل خفض تصنيف فرنسا
شهدت الأسواق العالمية بداية أسبوع هادئة لكنها مشوبة بالحذر، حيث تراجع الدولار الأميركي بشكل طفيف وسط حالة من الترقب التي تسود المستثمرين قبل سلسلة اجتماعات حاسمة للبنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المرتقب يوم الأربعاء.
وفي المقابل، أظهر اليورو تماسكا لافتاً ولم يتأثر بشكل جوهري بخفض وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" لتصنيف فرنسا السيادي إلى أدنى مستوياته التاريخية، في انعكاسٍ لتوجه المستثمرين إلى التركيز بشكل أكبر على التطورات النقدية العالمية.
أداء الدولار الأمريكي أمام اليورو
انخفض مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.08% ليستقر عند مستوى 97.58 نقطة، فيما تراجع اليورو بشكل طفيف لا يتجاوز 0.04% ليتداول عند 1.1729 دولار. وجاءت هذه التحركات في ظل تعاملات محدودة الحجم تأثرت بإغلاق الأسواق اليابانية بسبب عطلة رسمية.
ويبدو أن المستثمرين فضلوا تجاهل خفض تصنيف فرنسا إلى ما دون مستوى AA-، رغم ما تعانيه باريس من أزمات سياسية داخلية متزايدة وارتفاع مقلق في مستويات الدين العام، حيث فضّلت الأسواق الانتظار والتركيز على توجهات البنوك المركزية بدلاً من التفاعل مع خفض التصنيف بشكل مباشر.
أنظار العالم تتجه إلى الفيدرالي الأميركي
تركز الأسواق العالمية هذا الأسبوع على اجتماعات السياسة النقدية في عدة دول متقدمة، أبرزها الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وكندا والنرويج. إلا أن الحدث الأهم يبقى اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وسط توقعات قوية بأن يعلن البنك خفضاً لسعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس.
المحللة كارول كونغ من بنك الكومنولث الأسترالي أوضحت في تصريحات لوكالة رويترز أن هذا الخفض "مُسعَّر بالكامل في السوق"، مشيرة إلى أن الأثر الأكبر سيتحدد بناءً على ما سيظهر في توقعات أعضاء الفيدرالي (Dot Plot) ورسائل رئيس المجلس جيروم باول، خاصة فيما يتعلق بوتيرة الخفض المستقبلية.
وأضافت كونغ أن أي خفض أكبر، بواقع 50 نقطة أساس مثلاً، قد يقود إلى تراجع أكثر حدة في قيمة الدولار، ما لم يربطه باول بإشارات واضحة تفيد بأن احتمالات المزيد من الخفض في المدى القريب تبقى محدودة.
تحركات العملات العالمية الأخرى
سجل الجنيه الإسترليني ارتفاعاً طفيفاً بلغت نسبته 0.11% ليصل إلى مستوى 1.3565 دولار. كما ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.23% ليستقر عند 0.6663 دولار، مقترباً من أعلى مستوى له خلال عشرة أشهر.
أما الين الياباني فقد ارتفع بنسبة تفوق 0.1% ليصل إلى 147.44 ين للدولار، في ظل ترقب الأسواق لاجتماع بنك اليابان، حيث يتطلع المستثمرون إلى أي إشارات قد يقدمها المحافظ كازو أويدا بشأن احتمالية رفع أسعار الفائدة خلال الشهر المقبل.
وفي المقابل، صعد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.15% ليتداول عند 0.5964 دولار. بينما استفاد اليوان الصيني من ضعف الدولار ليبلغ مستوى 7.1213 للدولار، على الرغم من صدور بيانات اقتصادية مخيبة للآمال أظهرت تباطؤ نمو كل من الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة خلال شهر أغسطس 2025.
هذه التحركات تزامنت مع انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين مسؤولين أميركيين وصينيين في العاصمة الإسبانية مدريد، حيث تناولت الجلسات ملفات شائكة على رأسها العلاقات التجارية المتوترة بين البلدين، وقضية تطبيق "تيك توك"، إضافة إلى الضغوط الأميركية المستمرة على حلفائها لفرض تعريفات جمركية على الواردات الصينية، على خلفية استمرار بكين في شراء النفط الروسي.
العملات المشفرة: تباين في الأداء وسط ترقب الفيدرالي
على صعيد آخر، لم تكن سوق العملات المشفرة بمنأى عن حالة الترقب السائدة. فقد مالت أسعار الأصول الرقمية إلى التراجع خلال تعاملات يوم الإثنين، بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع الفيدرالي الأميركي.
وسجلت عملة البيتكوين ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1% لتصل إلى 115,748 دولاراً عند الساعة 10:49 مساء بتوقيت مكة المكرمة، محافظة على هيمنتها على السوق بحصة تقارب 57.2% من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة.
في المقابل، تراجعت الإيثيريوم بنسبة 0.4% لتسجل 4,601.10 دولار، فيما انخفضت عملة الريبل بنسبة 0.6% إلى مستوى 3.0221 دولار.
وبلغت القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة نحو 4 تريليونات دولار، بينما وصل إجمالي حجم التداولات خلال الـ 24 ساعة الماضية إلى 134.77 مليار دولار، وفقاً لبيانات كوين ماركت كاب.
توقعات السياسة النقدية الأميركية
بحسب أداة "فيد واتش"، ارتفعت احتمالات خفض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماع الفيدرالي المزمع عقده يومي 16 و17 سبتمبر إلى 94.2%، مقارنة بنسبة 85.4% قبل شهر واحد فقط. كما بلغت احتمالات الخفض الأكبر بواقع 50 نقطة أساس نحو 5.8%.
هذه الأرقام تعكس أن الأسواق تكاد تكون قد حسمت سيناريو الخفض المحدود، لكنها تبقى شديدة الحساسية لأي تلميحات من جيروم باول قد تغيّر مسار التوقعات للمرحلة المقبلة.