- الرئيسية
- الأخبار
- أخبار العملات والعملات الرقمية
- اليورو ينخفض لأدنى مستوى في أسبوعين تحت ضغط اتفاق تجاري غير متوازن بين أوروبا والولايات المتحدة
اليورو ينخفض لأدنى مستوى في أسبوعين تحت ضغط اتفاق تجاري غير متوازن بين أوروبا والولايات المتحدة

سجل اليورو أدنى مستوياته في أسبوعين مقابل الدولار الأمريكي، متأثراً باتفاق تجاري جديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اعتبره المستثمرون منحازًا لصالح الاقتصاد الأمريكي. ويأتي هذا الانخفاض وسط تراجع توقعات خفض أسعار الفائدة الأوروبية في سبتمبر المقبل، وتزايد القلق بشأن التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الجديدة على النمو في منطقة اليورو.
أداء اليورو اليوم
تراجعت العملة الأوروبية الموحدة، خلال تعاملات السوق الأوروبية يوم الثلاثاء، لتواصل خسائرها لليوم الرابع على التوالي مقابل الدولار الأمريكي، مسجلةً أدنى مستوى لها في أسبوعين.
وفسر المستثمرون مضمون الاتفاق التجاري الأخير بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنه يصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي بشكل أكبر، ما دفع إلى مزيد من عمليات بيع اليورو في الأسواق العالمية.
ويأتي هذا الانخفاض الحاد بعد أسبوع شهد موقفًا متشددًا من البنك المركزي الأوروبي، حيث خفض توقعات المستثمرين بإمكانية تقليص أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل، ما زاد من الحذر تجاه اليورو في المرحلة الراهنة.
نظرة فنية على حركة السعر
-
انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار بنسبة 0.1% ليصل إلى 1.1575 دولار، وهو الأدنى منذ 17 يوليو الجاري، مقارنة بسعر افتتاح تداولات اليوم عند 1.1588 دولار، فيما سجل أعلى مستوى له خلال الجلسة عند 1.1599 دولار.
-
اختتم اليورو تعاملات يوم الاثنين على تراجع حاد بنسبة 1.3% مقابل الدولار، في ثالث خسارة يومية على التوالي، وهي أكبر خسارة يومية منذ 12 مايو الماضي، مما يعكس حجم الضغوط التي تواجه العملة الأوروبية حاليًا.
تفاصيل الاتفاق التجاري الجديد بين أوروبا والولايات المتحدة
شهدت مدينة إدنبرة في اسكتلندا يوم الأحد الماضي الإعلان عن اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقع عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ويتضمن الاتفاق عدة نقاط مثيرة للجدل من بينها:
-
فرض رسوم جمركية أمريكية على الواردات الأوروبية تشمل السيارات، الأدوية، وأشباه الموصلات بنسبة 15% بدءًا من 1 أغسطس المقبل.
-
في المقابل، تم إعفاء مجموعة مختارة من السلع الأمريكية من أي رسوم جمركية أوروبية، ضمن إطار "من دون مقابل"، وتشمل: قطع غيار الطائرات، معدات أشباه الموصلات، بعض الأدوية العامة، المواد الكيميائية، والمنتجات الزراعية الاستراتيجية.
-
الإبقاء على الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم عند مستوى 50%، مع الاتفاق على إمكانية استبدالها لاحقًا بنظام حصص استيراد محددة.
-
التزام الاتحاد الأوروبي باستثمار ما يصل إلى 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال فترة ولاية ترامب الثانية.
-
الاتفاق على قيام الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقة أمريكية بقيمة تصل إلى 750 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، تشمل الغاز الطبيعي المسال والفحم النووي.
-
أكد الرئيس ترامب أن الهدف من الاتفاق هو تقليص العجز التجاري الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي، والذي بلغ 235.6 مليار دولار في عام 2024.
-
وصفت فون دير لاين الاتفاق بأنه يهدف إلى تحقيق الاستقرار وإعادة التوازن في العلاقات التجارية بين الجانبين.
ردود أفعال أوروبية غاضبة
الاتفاق قوبل بانتقادات حادة من داخل الاتحاد الأوروبي، حيث اعتبر العديد من المسؤولين الأوروبيين أن الاتفاق يمثل تراجعًا عن المبادئ التجارية الأوروبية لصالح الولايات المتحدة.
-
وصفت فرنسا، على لسان وزير اقتصادها، الاتفاق بأنه "يوم أسود لأوروبا"، متهمة الاتحاد الأوروبي بأنه رضخ لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر توقيع اتفاق غير متوازن ومجحف.
-
وأعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن قلقه من أن الاقتصاد الألماني سيتعرض لـ"أضرار كبيرة" بسبب الرسوم الجمركية الجديدة، والتي ستُثقل كاهل المصدرين وتُضعف تنافسيتهم في الأسواق العالمية.
تحليلات اقتصادية
علق راي أتريل، رئيس قسم أبحاث العملات الأجنبية في بنك أستراليا الوطني، قائلاً: "رغم أن بعض جوانب الاتفاق تبدو إيجابية من حيث الشكل، فإن قيمتها الفعلية محدودة، بل وتحمل تداعيات سلبية على المدى القصير، خصوصًا فيما يتعلق بمعدل النمو في منطقة اليورو".
وأضاف أتريل: "الغضب الفرنسي والمخاوف الألمانية تعكس فجوة واضحة في التقييم الأوروبي للاتفاق، وتُظهر مدى القلق من التأثيرات المحتملة على المصدرين والصناعات الحيوية في القارة".
الفائدة الأوروبية
-
أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 2.15%، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2022، بعد أن كان قد خفضها سابقًا في سبع اجتماعات متتالية.
-
قرر المركزي الأوروبي التريث و"أخذ استراحة مؤقتة من دورة التيسير النقدي"، بانتظار اتضاح الرؤية بشأن التوترات التجارية العالمية وتأثير الاتفاق الجديد مع الولايات المتحدة.
-
قالت رئيسة البنك كريستين لاجارد في أعقاب اجتماع السياسة النقدية الأخير: "يمكن القول إننا في وضع انتظار وترقب، ونراقب التطورات بعناية"، مضيفة أن "اقتصاد منطقة اليورو لا يزال يُظهر مرونة ملحوظة رغم حالة الضبابية العالمية."
-
ووفقًا لتقارير وكالة "رويترز"، أعربت أغلبية أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي عن تفضيلهم إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير في سبتمبر، ليكون هذا ثاني اجتماع على التوالي تُرفض فيه فكرة الخفض.
-
وانعكست تلك التوجهات على تسعير الأسواق، حيث تراجعت احتمالات خفض أسعار الفائدة الأوروبية بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر من 50% إلى أقل من 30%، ما يضع المستثمرين في حالة ترقب شديد لأي بيانات جديدة.
-
ينتظر المستثمرون خلال الأسابيع المقبلة صدور بيانات اقتصادية مهمة من منطقة اليورو، وخاصة حول معدلات التضخم لشهر يوليو، إلى جانب متابعة تصريحات مسؤولي البنك المركزي الأوروبي التي قد تعيد توجيه توقعات السوق.
خاتمة
تُظهر التطورات الأخيرة أن اليورو يواجه ضغوطًا مزدوجة: من جهة، اتفاق تجاري يُهدد تنافسية الاقتصاد الأوروبي، ومن جهة أخرى، موقف متريث من البنك المركزي الأوروبي يُضعف آمال التيسير النقدي القريب.
وبينما تتصاعد المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية على قطاعات الصناعة والتصدير، تبقى البيانات الاقتصادية المنتظرة خلال الأسابيع القادمة هي الفيصل في إعادة توجيه توقعات الأسواق حيال مستقبل السياسة النقدية الأوروبية وسعر صرف اليورو.